زخارف السيف والخنجر فنون تعانق التاريخ

صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

كتب المؤرخون والشعراء والأدباء المسلمين القدماء عن المعارك وأسلحة الفرسان ضمنها، وفي الصيد ايضا، بلغة شعرية جزلة وقوية، تنوعت بين المباشرة والرمزية، ليصبح العديد من الأسلحة، بهذا، اسلوباً في التورية والتوصيف، حول خصال الإنسان وسمات الفارس العربي. ومن أبرز تلك الأسلحة، السيف والخنجر، فطالما تغنى بهما الشعراء، ولقيا حفاوة من شرائح المجتمع شتى، علاوة على ما شهداه من تجديد في أشكال صناعتهما ونماذجها، وكذلك فنون تزيينهما.

 

للسيف عند الناس، في زمن الحضارة الاسلامية، مكانة كبيرة، إذ عُدّ بمثابة وسام شرف لحامله، وأفضل هدية تقدم للحكام والأمراء وكبار القوم، ومن أشهر السيوف التي كتب عنها في الإسلام، سيف الرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم.

كما نقشت على السيوف الآيات القرآنية، ومن ثم أخذت تزخرف بالذهب والفضة.وكانت السيوف الأولى في تاريخ الإسلام، مستقيمة النصل ومسنونة، ذلك إما من طرف واحد أو الاثنين. واستخدم هذا النوع من السيوف طوال قرون عديدة. وأما سيف المبارزة الذي كان المفضل لدى الفرسان المحاربين، فكان السيف المعقوف. وفي العهدين، الأموي والعباسي، كان شكل السيف الأكثر شيوعاً، هو المستقيم المسنون من الطرفين.

 

"الدمشقة"

انتشرت صناعة السيوف، بعد الفتح الاسلامي، في جميع البلدان العربية، وخصوصا في البصرة بالعراق، وفي دمشق بسوريا، والتي نالت تلك الصناعة فيها، شهرة وامتيازا، فريدين، تحديدا خلال القرن العاشر الميلادي. وكانت تقوم على أسس معينة، ووفق اسلوب اطلق عليه اسم "الدمشقة"، كما توقفت وظيفة السيوف وستخداماتها، في الطعن أو القتل، على طبيعة ومنوال تصميم نصلها.وهناك الكثير من النظريات حول بدايات تصميم السيف الطويل المعقوف في نهايته، والتي تتفق على نشأته، بين نهاية القرن السادس والسابع الميلادي.

أما السيف الذي لا يزال باقياً من العهد الإسلامي، إذ عثر عليه في نيشابور(نيسابور) بإيران. وكانت السيوف الإسلامية الأفضل في صناعتها. وحين اجتاحت الحملات الأوروبية الصليبية، بلاد المسلمين، اكتشف الاوروبيون، مدى تقدم صناعة السيوف العربية المصنوعة من الحديد والفولاذ، وفي مقدمتها "السيف الدمشقي".

كما شاع استخدام السيف المعقوف ذات النصل الحاد من طرف واحد، عالمياً، في القرن الخامس عشر ميلادي. ويعود تاريخ نشأته حسب ما أجمع المؤرخون وعلماء الآثار، إلى أواخر القرن السابع للميلاد، وأغلب السيوف التي عثر عليها، هي من الصين واليابان وأوكرانيا وهنغاريا. وسبب ندرة وجود هذه الانواع من السيوف في البلدان العربية والشرق الأوسط، اختلاف مفهوم عادات دفن الموتى، إذ كان هذا السيف يرافق صاحبه الى مثواه الاخير( يدفن معه).

 

النشأة الأولى

يرجع تاريخ النشأة الأولى للسيف، تحديدا الذي كان نصله مستقيما، ولهد حد من جهة واحدة، إلى القرن الثاني قبل الميلاد، وكان مصنوعاً من الحديد.وعثر عليه ضمن المقتنيات الخاصة بالعديد من المقابر في أرجاء الصين، التي تعود تاريخيا الى مرحلة هان الغربية، وتراوح طولها ما بين 50 إلى 100 سم.

كما صنعت سيوف مشابهة في القرن السابع والثامن الميلاديين. وكانت الصين تصدر النصال التي تعتبر الجزء الأهم من السيوف، إلى اليابان وسيبيريا ومنشوريا وكوريا. وأما العملة الأولى التي حملت صورة السيف المعقوف، فعثر عليها في قبر بشمال القوقاز، وهي تمثل درهماً من عهد الخليفة عبد الملك بن مروان، تحديدا فيما بعد عام 701 ميلادي. وانتقلت هذه السيوف إلى مختلف الحضارات، عبر طريق الحرير، خلال القرنين الثامن والتاسع ميلادي.

ووصف الكاتب ابن أخي حزام الخطلي، في كتابه (الفروسية والبيطرة)، في منتصف القرن التاسع للميلاد، النصل الأحادي للسيف، في بداية العهد العباسي والذي كان مصدر صناعته في إيران. وبعدما وصلت تقنية صناعة السيوف إلى أوجها، اهتم الصناع بمهارات تزيين السيف بالآيات القرآنية والزخارف والأحجار الكريمة. ومن أبرز الصناع في التاريخ: سعيد المقري، ابراهيم المالكي (في نهاية القرن الخامس عشر ميلادي). ودرج دمغ السيوف بأسماء وتوقيع صناعه، مثل ما فعل حاجي مراد بن خوسكادام.

كما اشتهرت صناعة السيوف، في الحضارة الاسلامية، بمختلف مراحلها، ومنها ازدهار تلك الصناعة في زمن العثمانيين. وأيضا في شتى بلدان حضارة الاسلامية، مثل: إيران والهند.

 

مجموعة نادرة

يضم معهد العالم العربي في باريس، مجموعة قيمة ونادرة من السيوف والخناجر، التي تشكل جزءا من المقتنيات الخاصة بمؤسسة فن الفروسية، والتي وُثق جزء كبير منها في كتاب خاص، حمل عنوان (فن الفروسية الإسلامي)، وضم مجموعة شروحات وصور عن مختلف أسلحة الفرسان البيضاء. وشملت المجموعة نماذج سيوف هي من عهد السلاجقة صنعت خلال القرنين الحادي عشر والثاني عشر ميلادي، وتميزت بقصر النصل وتضمنه زخارف تمثل عدة مشاهد عن الصيد. وذلك طبعا، إلى جانب مجموعة واسعة وغنية من الخناجر.

 

زخرفة متقنة وتأريخ مهم

كما تشتتمل تلك المجموعة، السالف ذكرها، على سيف يعود إلى عهد المماليك، في القرن الثالث عشر ميلادي، صنع في القاهرة، وهو من الفولاذ ومطلي بالذهب والفضة. أما مقبضه وغمده، فمرصعان بأحجار الجاد والياقوت والفيروز والخشب، ذلك ضمن زخارف لها شكل أوراق نباتات متنوعة.

وتحوي المجموعة نفسها، سيفا عثمانيا يعود إلى القرن السابع عشر، نقشت عليه كتابات لنصوص وأدعية إسلامية، على نصله وغمده، حيث كتب في الأعلى "يا مالك الملك"، وأعقبتها البسملة، ومن ثم حديث شريف للرسول الكريم محمد صلى الله عليه وسلم. كما حمل السيف اسم صانعه: ( حاجي يوسف). وعد يوسف هذا من أشهر صناع السيوف في زمنه. ويقال بأنه صنع السيف الذي نقش عليه اسم المملوك سلطان قايتباي.

كما يبين سيف آخر، في تلك المجوعة، وهو مصنوع خلال الفترة (1794-1793م)، في عهد السلطان الهندي تيبو، حاكم ولاية ميسور، جماليات الزخرفة الهندية المشغولة بالذهب على الفولاذ، والمنقوش عليها العديد من العبارات العربية، لتتكرر فيها، كلمة الله جل جلاله، 14 مرة.

وكذلك أدعية كثيرة، مثل: (واجعل لي من لدنك رحمة)، (ربي انصرني على القوم المفسدين). وبلغ عدد السيوف التي عثر عليها( حصرا التي تنتمي الى العهد ذاته)، ثلاثة فقط، وهي متشابهة في الشكل ونمط الزخرفة، كما انها موجودة في قلعة ويندسور الملكية.وتيبو هو لقب فاتح محمد بن حيدر علي (1728 1782)، الذي كان جنديا خدم عند المهراجا في ميسور، والذي رقاه ليصبح سلطاناً، إذ أسس ولاية اسلامية في وسط الهند.

حيث كانت تتركز فيها الديانة الهندوسية. وتيبو هو خليفة والده السلطان حيدر الذي سعى وإياه، إلى الحد من النفوذ البريطاني في الهند، وخاضا حربين ضد البريطانيين ومن يواليهم في الهند. ومن ثم حاصر البريطانيون منطقة سيرينغاباتام التابعة لحكم تيبو ووالده، في عام 1799 م، واحتلوها، وقتل تيبو خلال المعركة. وكان قد اتخذ من النمر رمزاً له، وسمى نفسه "نمر ميسور"، ونقشت رسومات النمر على معظم أسلحته، ومن بينها السيوف والخناجر.

 

سيف أندلسي

ويبرز في المجموعة تلك، سيف عربي نقش عليه اسم محمد بن يوسف، يعود تاريخه إلى القرن الرابع عشر ميلادي، وهو من السيوف النادرة التي نقش على الوجه الأول من النصل فيها، وبخط النسخ الأندلسي، قصيدة تشيد بانتصار في معركة، وعلى الوجه الآخر آية قرآنية إضافة إلى التسبيح برحمة الله وعظمته.

وعثر على السيف في قصر الحمراء بغرناطة، ويعتقد المؤرخون بأنه يعود إلى العهد الأخير من حكم بني نصر، قبل سقوط غرناطة في عام 1493. ويعتبر هذا السيف القطعة الوحيدة التي عثر عليها من العهد الأندلسي، والتي تحمل نقوشاً عربية.

 

السيف الدمشقي

شكّل السيف الدمشقي، عبر القرون الماضية، لغزاً مستعصياً علي الحل في مجال الصناعة الحربية، إذ رويت عنه الأساطير. وقيل ان الشعره كانت تنشطر إلى نصفين لدى سقوطها على نصله. كما تحدثت روايات كثيرة عن مدى أهميته وتركزه كأساس في انتصار صلاح الدين الأيوبي على الصليبيين في المعارك التي خاضها ضدهم.

وتحدث البعض عن ان القادة الأوروبيين كانوا يرسلون التجار إلي دمشق لشراء تلك السيوف المميزة، ولو كانت بأغلي الأثمان، ذلك للتباهي بها ولاستخدامها في المبارزات، وفي المعارك المهمة.وتميزت السيوف الدمشقية عن غيرها، بظاهرة فنية عرفت باسم "جوهر السيف" أو "فرنده". وللجوهر أسماء كثيرة، منها: "الدمشقي" أو "الشامي"، ولها أشكال عديدة تظهر على النصال. وتشاهد للجوهر الدمشقي، تموجات وبقع. ومن أهم خصائصه، عدم قابليته للصدأ، وايضا لينه ولدانته.

 

زخارف القبضة والغمد

اعتبر الخنجر من المقتنيات البارزة والمهمة لدى الافراد، ضمن الحضارة الاسلامية، وعد جزءاً من مستلزمات حياتهم اليومية. وقد تفنن الصناع في زخرفته وأشكاله. وكانت تثبت الخناجر، في طقوس وعادات حملها، في وسط حزام يحيط بالثوب الخارجي لدى الرجل. وبطبيعة الحال، اختلفت وتختلف، طبيعة زخارف الخناجر، من بلد إلى أخر، وبين حضارة وأخرى. وتتضح في زخرفة الخنجر السوري، من ضمن المجموعة عينها،.

والذي يرجع تاريخ صناعته إلى القرن الثاني أو الثالث عشر ميلادي، ملامح خصوصية متجلية في ماهية الفن الزخرفي للخناجر في بلاد الشام، إذ نقشت الزخارف على القبضة والغمد، المصنوعين من الفضة، لتأخذ القبضة شكل التاج في نمط زخارفه. ويقسم الغمد فيه، إلى أربعة أقسام تفصل بينها حلقات معدنية بارزة قليلاً وغير مزخرفة. ونجد في القسم الأعلى، كتابة بخط الثلث دون تنقيط، وتشير إلى العز والنصر والازدهار. وأما القسم الثاني، فيحمل رسما لفارس على صهوة جواده، يطعن تنينا برمحه.

 

الخنجر العثماني

يتجلى في الخنجر العثماني، الذي تشتمل عليه المجموعة، تميز مستوى إبداعات صناعه، وتحديدا في تصاميمه وزخرفته، ومن ضمن ذلك، خنجر يعود الى عام 1093 م، مصنوع من الفولاذ، وهو بمقبض خشبي مشغول بالفضة والزخارف المذهبة. ونقشت عليه عبارة: (مُلك عبد الصافي عام 1093).

ويأخذ هذا الخنجر شكل الحرف ألف، ويتضمن قبضة خشبية مزينة برقاقات من الزخارف الفضية، على شكل زهرة أو نجوم، ويوجد على حوافه من الجهتين، وفي نصله المسنون من الجهتين، انحناء طفيف مع تباين في سماكته التي تصل في أعلى درجاتها، في العمود الفقري للنصل.

وتتوج أعلى الغمد، ثلاثة أخاديد عرضية من الفضة المنقوشة، وتليها نقوش لزخارف نباتية مسكوبة بالفضة، وتتخذ نهاية الغمد شكل كرة هي أقرب إلى مظهر رأس الصولجان أو التاج، كما يحمل الغمد، ختم السلطان محمد الرابع.

 

خنجر معقوف

تتبدى في سمات الخنجر المصنوع من مادة الفولاذ، في وسط الهند( والذي يعود في تاريخه الى القرن السابع عشر ميلادي)، جاذبية تصميمه في شكله الانسيابي المعقوف بين النصل والقبضة، التي زينتها زخارف نباتية من الذهب، إذ رصعت بالزجاج الأخضر الملون.

أما الخنجر المنغولي، الذي يعود إلى القرن السادس عشر، فصنع في عهد المغول، ويتجلى فيه الاهتمام الكبير بتزيين قبضته بالذهب والأحجار الكريمة من الياقوت والزمرد، إذ تعكس في أنماط تكوينها وتشكيلاتها، الإنسان والأفعى (رمز الحكمة)، بينما تقتصر زخرفة النصل على رسم بالذهب لغزالين.

وتختلف زخارف الخنجر الإيراني المصنوع في القرن السابع عشر ميلادي، والبالغ من الطول 40 سم، إذ يعتمد على بساطة التصميم، وتأخذ الزخرفة الحيز الأكبر في مفردات جمالياته، ذلك بدءا من مقبض العاج، ووصولا بالغمد الخشبي المشغول بما يزيد عن 86 رقاقة من الذهب مصدرها التبت.

وترصع الزخارف النباتية المذهبة ضمنه، بأحد أنواع الزمرد، كما تزين المقبض حزمة من الخيوط الحمراء (شراشيب). وكان الخنجر لدى حصول المقتني عليه، ملفوفاً بقطعة من القماش الأحمر، وذلك بشكل حلزوني. ويرجع الباحثون مصدر قطعة القماش تلك، إلى كلية "ثارتسي لادرانغ" التي تمثل إحدى الكليات الأربع في دير من اديرة التيبت. ويعتقد أن القطعة تلك، هي للقائد الذي توفي عام 1217 م، ونقش على رأس الغمد عبارة مفادها: (قدم هذا الخنجر إلى ثارتسي لادرانغ، لإسعاد حماتها، الذين يحمون العلم).

 

الخنجر الإماراتي

تنفرد أنماط الخناجر في الامارات واشكالها، بسمات خصوصية وملامح جاذبية، تكفلان تمتعها بقيمة فنية متمايزة عن غيرها. إذ يرى كثير من المتخصصين، انها تشتمل على مواصفات، مهمة وفريدة، مثل: تصاميمها الجميلة، أناقتها وخفة وزنها، طابعها الخاص الذي يميزها عن الخنجر اليمني المشهور بالجنبية.

وعموما، فإن الخنجر الإماراتي شبيه، الى حد ما، بنظيره العُماني. وتتكون أجزاؤه من: المقبض وهو ما يسمى بالرأس (وهو يصنع في العادة من قرن الزرافة أو العاج الأصلي أو الخشب)، الصدر (وهو من الفضة أو الذهب المزخرف)، القطّاعة (تمثل الجسد أو مغمد النصل وتصنع من الجلد الطبيعي المطرز يدويا بخيوط الذهب والفضة، ليمثل بذلك قمة الجمال وبراعة التصميم واستخدام الزخارف والتطريزات).

 

125 الف درهم

تملك الخناجر الاماراتية، في انواعها المختلفة، وفي شتى سمات وجماليات تصاميمها، شعبية كبيرة، في الخليج العربي والمنطقة عموما. وبذا فإنها تحوز إقبالا كبيرا.. وطبعا، فإن أسعارها ليست في عداد المعدلات المتدنية، إذ تصل أثمان مثل هذه الخناجر، إلى أكثر من 2500 درهم. واشتهر خنجر إماراتي، من صنع أحمد الجنيبي في الشارقة( أحد المتخصصين بصناعة الخناجر)، إذ حاز سمعة كبيرة، بفضل تقانته ومواصفاته، علاوة على كونه مصنوعا من الذهب الخالص ونصله من الفضة..

وقد بيع بنحو 125 ألف درهم. واللافت، خاصة في الفترة الحالية، شهرة ورواج صناعة انواع الخناجر الساحلية في الامارات حاليا. وبرز احمد الجنيبي نفسه، في هذا المجال، إذ يقدم أشكالا ونماذج متنوعة منها، مصنوعة من الذهب والفضة، وهي ذات أشكال جذابة، وشبيهة بالخناجر العمانية.

إن سجل تاريخ هذه الصناعة في الامارات، حافل باسماء المبدعين الرواد، وذلك منذ القدم. ولكن بروز صناع مهرة للخناجر في الامارات، لم يتوقف في أي من العهود، وبذا شهدت وتشهد كل مرحلة، ظهور مبدعين وأشكال صناعات مجددة وفريدة.

ويعد الإماراتي عبد الله راشد محمد الصايغ، عميد الصناع في هذه الحرفة بالدولة، وتميز بانه استطاع في نمط ما يقدمه من أنواع خناجر، حفظ ملامح هوية وخصوية الخنجر الاماراتي، وصون أشكالها التقليدية التي تعود الى أكثر من مائة عام، وذلك حين كان يقوم الصانع بإذابة السبائك الذهبية، ومن ثم تحويلها الى خناجر من الذهب الخالص. وطبعا الحال ذاتها، كانت تطبق في أليات وأشكال صناعة السيوف الذهبية بالامارات.

 

دعم واهتمام حكومي

لا يفوتنا، في هذا السياق، ما توليه دولة الامارات من اهتمام كبير بهذا المجال، إذ تركز على دعم وتشجيع هذه الحرفة التقليدية، وتحفز المهرة والحرفيين، ليحافظوا عليها، موفرة كافة المستلزمات والبيئات المشجعة والداعمة. وقد برز في هذا الإطار حرص المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، على توفير كافة متطلبات وركائز حماية هذه الحرفة الاماراتية التقليدية، ومساندة العاملين فيها.

وكان، رحمه الله، يعمد الى تمكين وتعزيز قيمة واهمية صناعة الخناجر الاماراتية الذهبية، من خلال إهدائها الى ضيوفه، من الملوك والرؤساء. وبطبيعة الحال، فإن قادة الدولة، حفظهم الله، يتابعون هذا النهج، ويستمرون في دعم هذه الصناعة، ايمانا منهم بانها مكون اساس في جوهر هويتنا الثقافية الفنية.

 

.. السيوف الاماراتية

أما بالنسبة للسيوف في الامارات، فقد شهدت تطورا وحرفية كبيرين في عملية تصنيعها، وكذلك سميت باسماء متعددة، ترتبط بخصوصيات المكان، وبسمات البيئة، وبعدة امور اخرى لها علاقة بالمكان واهله، ومنها: أبو العقارب، أبو المسبوعي، المرفس، سيف القدر، سيف أبو الظهر. ولم توفر الامارات، اي من مساقات وانواع الجهود الخاصة بحماية هذا التراث والمكون الثقافي الفني الحيوي، في بنية الهوية المحلية. إذ تعنى بتخصيص معارض وتنظيم فعاليات محددة للخناجر التقليدية في الامارات. ونجد ان معظم متاحف الدولة، يتضمن أنماطا من الخناجر الاماراتية القديمة.

وفي هذا السياق، يعرض جناح الأسلحة في متحف العين، عددا من الخناجر المتنوعة الأشكال والأحجام. يذكر، أن هذا الخنجر في الامارات، وكذا في دول الخليج والعالم العربي عموما، كان يمثل اداة حماية وقتال رئيسية، وعدّ سلاحا دفاعيا في الأصل.. إلا انه اليوم، يمثل جزءا من توليفة طقوس اللباس التقليدي المناسباتي، إذ يوضع في بعض الأحيان، من قبل الرجال، فوق رداء أبيض اللون، بعد تثبيته على حزام من الجلد، ويزين بخيوط من الفضة.

 

 

 

 

 

السيف الدمشقي

 

تبدأ صناعة السيف الدمشقي، بخلطة معدنية فولاذية، وتضاف إليها، نسب دقيقة ومدروسة من شوائب الكربون والمغنزيوم والسيلسيوم والكبريت والفوسفور، وبعض المواد العضوية الاخرى. ثم يتم طرقها وسحبها بدرجات حرارة متسلسلة،لتخرج قضبان الفولاذ البيضاء الرفيعة، والتي تجدل مع بعضها، في جدلات متتالية، لتشبه بالتالي، الحبل الفولاذي.

ومن ثم يعاد إحمائها، وتطرق لمرات عديدة، ما يؤدي الى اعادة التحام تماسك مزيج هذه الجدلات مع بعضها البعض، لتغدو كأنها روح واحدة، فتصبح صفحة النصل، ملساء مزينة بتموجات صغيرة ودقيقة، وبحبيبات ناعمة متقاربة المسافات، ورمادية اللون تميل إلى البياض، وذلك مع إجراء بعض العمليات الميكانيكية الاخرى، كالطرق والإحماء والإسقاء.

 

 

 

« أصدق أنباء»

 

قال ابو تمام( شاعر عباسي)، في قصيدة له، مدح فيها الخليفة المعتصم بعد انتصاره في معركة "عمورية":

 

الـسيف أصـدق أنـباء من الكتب

فـي حـده الـحد بين الجد واللعبِ

بيض الصفائح لا سود الصحائف

في مـتونهن جـلاء الـشك والـريبِ

والـعلم فـي شـهب الأرماح لامعة

بين الخميسين لا في السبعة الشهبِ

أيـن الـرواية بـل أين النجوم وما

صاغوه متن زخرفٍ فيها ومن كذب؟

عـجـائباً زعـموا الأيـام مـجلفةً

عـنهن في صفر الأصفار أو رجبِ

وخـوّفوا الـناس من دهياء مظلمةٍ

إذا بـدا الـكوكبُ الغربي ذو الذنبِ

وصـيّروا الأبـرُجَ الـعليا مـرتبةً

مـا كـان مـنلقباً أو غـير منقلبِ

يـقضون بـالأمر عنها وهي غافلةُ

مـا دار فـي فـلكٍ منها وفي قطبِ

لـو بـينت قـط أمـراً قبل موقعهِ

لـم تـخف ماحل بالأوثان والصلبِ

فـتح الـفتوح تـعالى أن يحيط به

نـظم من الشعر أو نثر من الخطبِ

فـتح تـفتح أبـواب الـسماء لـه

وتـبرز الأرض فـي أثوابها القشبِ

يـايوم وقـعة (عمورية) انصرفت

عـنك الـمنى حـفلاً معولة الحلبِ

أبـقيت جـد بني الإسلام في صعد

والـمشركين ودار الشرك في صببِ

 

 

300 إسم

 

يوجد في اللغة العربية 300 اسم للسيف، منها :

الصمصام : السيف الذي لاينثني.

البارقة : السيف الذي له بريق.

الزالق : السيف سلس الخروج من الغمد.

الذكر : السيف المصنوع من الصلب.

المشمل : سيف صغير، يشتمل عليه الرجل بثوبه.

صفيحة : السيف العريض.

حسام : السيف القاطع.

المفقر : السيف الذي في متنه حزوز .

القشيب : سيف قريب العهد.

الارقب : السيف غليظ المتن.

الدائر : السيف الذي قدِم عهده بالقتال .

بلارك : من سيوف الهند الثمينة.

الدوان : السيف الذي لا يقطع.

الساذج : السيف الذي لا نقش على نصله.

مهد : السيف الرقيق.

اللهذام : السيف الحاد.

القرضاب : سيف يقطع العظام.

الضلع : سيف به عوج .

يماني : سيف منسوب إلى اليمن.

المدجل : السيف المطلي بالذهب.

المذرب : السيف الذي ينقع في السم، ثم يشحذ.

الرسوب : السيف الذي يغور في الضربة.

المعمد : السيف المستخدم في قطع الشجر، وغيره.

اصليت : السيف الثقيل المجرد من الغمد.

 

 

 

Email