موسوعة السياسة والحرب في بلاد الشام

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يضيء كتاب "موسوعة السياسة والحرب في بلاد الشام"، لمؤلفه اللواء الركن، الدكتور إبراهيم مصطفى المحمود، على مجموعة مفاصل وقضايا مهمة، استراتيجية، في شأن جوانب السياسة والحرب في صدر الإسلام، خاصة ضمن منطقة بلاد الشام. وعن تراتيب القتال في الجيش العربي، في القرن 12، ولا سيما في عهد صلاح الدين الأيوبي، يبين إبراهيم مصطفى المحمود، أنها كانت تتألف من المقدمة والميمنة والميسرة والساقة (الخلف)، والقلب وبه السلطان.

وتقسَّم الميمنة إلى جناحين: اليد اليمنى للجناح الأيمن، واليد اليسرى للجناح الأيمن. وكذا الميسرة تنقسم إلى الذراع الأيمن للقلب والذراع الأيسر للقلب. والتعبئة هي أن يقف كل عسكري في مكانه. وتتكوَّن المؤخرة من المطبخ والخزينة وأدوات القتال والدواليب. والفائض من الخيول والمال، والأسرى والجرحى.

ويشير المؤلف إلى أنه تنطبق هذه النظرية على ما جاء في الروايات المعاصرة، عن التعبئة "الصلاحية" في إحدى المعارك الكبرى، في عكا، التي وقعت يوم الأربعاء في الرابع من أكتوبر عام 1189م، الموافق 21 شعبان عام 585ه.

ويخلص المحمود إلى ان العرب استخدموا في تكتيكاتهم الحربية المناورة، مثل انسحاب القوات. وكانوا ينفذون انسحاباتهم بأشكال مختلفة، تبعاً للموقف. ففي بعض الأحيان كان الانسحاب يستمر عدة أيام، بهدف جرِّ واستدراج قوات العدو- الصليبيون كمثال- وذلك لإبعادها عن قواعدها، وتعدُّ معركة "الدربين" في عام 1176م، أفضل مثال على الانسحاب المنظَّم للقوات العربية الناجح. إذ لاحق الصليبيون، تحت قيادة أمالريك، القوات العربية المسلَّحة، مدَّة طويلة، وكانت القوات المسلَّحة تحت إمرة شيركوه.

وكان صلاح الدين الأيوبي بإمرة هذا القائد، حيث قرَّر شيركوه استخدام طبيعة الأرض من أجل إنزال ضربة بالعدو. وانسحب إلى داخل الصحراء، مختفياً خلف الهضاب والمرتفعات، وعند اقتراب القوات الصليبية، نفَّذ مناورته بالهجوم على مجانب ومؤخرة أرتال العدو في المسير، ما سمح له بإنزال ضربة ساحقة بهم .

وغالباً ما كان الأمراء العرب يقومون بتنظيم انسحاب الكمائن. فلكي يوقع بالصليبيين في كمين نصب مسبقاً، كان هؤلاء الأمراء يرسلون قوَّة صغيرة من الخيالة للهجوم على العدو، بهدف تحريض الرغبة لديه في تدمير هذه القوى الصغيرة بقواهم المتفوِّقة، وملاحقتها. وبعد اشتراك الخيالة العرب في المعركة بفترة قصيرة، كانوا ينسحبون باتجاه الكمين.

حيث تتمركز القوى الرئيسة المموهة بشكل جيد. وفي كثير من المعارك حقق انسحاب الكمائن نجاحات كبيرة للعرب. وتعد معركة حطِّين التي جرت في الرابع من تموز 1187م أوضح مثال لأفضل نماذج التكتيك الذي عرفه العرب إبان الحروب الصليبية في القرن الثاني عشر.

إذ جسَّد صلاح الدين الأيوبي الخطة الاستراتيجية لتحرير فلسطين على أرض الواقع، عندما أرغم الصليبيين على ترك الصفورية المحصَّنة، وتغيير خطتهم التي تلخص جوهرها في تقسيم القوات العربية إلى جزأين، والوصول إلى شبكة مواصلاتها الموجودة في المؤخرة .

وفي خصوص الحرب النفسية التي استخدمها العرب في حروبهم، يذكر المؤلِّف أنَّ بدايتها المعاكسة كانت ضد المغول، ونشأت فردية في البداية، مثل تقديم الفدائية العربية "شمس" كهدية إلى هولاكو كي تقضي عليه، إذ أقدمت على محاولة ضربه بخنجر كانت تخفيه في ثيابها، لكنَّه كشفها، فأمرها أن تكتب على صدر البطل "زنكي" كلمة (عربي ) بخنجر أكثر رهبة فأحجمت عن ذلك. ف

اندفع زنكي ومزَّق صدره وهو يكتب عليه كلمة عربي حتى أغمي عليه. وعن السياسة والحرب في بلاد الشام، في العصر الحديث، يبين المحمود كيف سارت الأعمال القتالية بين القوات العربية، بمساعدة البريطانيين، وفلول القوات التركية/العثمانية. ثمَّ يتوقّف عند الحروب العربية الإسرائيلية، فيذكر حرب 1948 التي يرى أنَّها، رغم ضراوة الأعمال القتالية، تميزت بهيمنة الطابع السياسي على مسيرة الأعمال القتالية فيها.

 إذ وقفت في هذا الصراع إلى جانب الجيوش العربية، قوات من المتطوعين وقوات غير نظامية، مثل جيش الإنقاذ وجيش الجهاد المقدس. كما يتطرق المؤلف الى حرب الخامس من حزيران عام 1967، ويعدد أسباب خسارة العرب هذه الحرب. وبعدها يتطرق الى حرب السادس من تشرين 1973، ويورد تفصيلات عن سير المعركة يوماً بيوم. ويختم بالحديث عن حرب 1982 التي غزت فيها إسرائيل لبنان.

 

المؤلف في سطور

 

اللواء الدكتور إبراهيم مصطفى المحمود. ضابط وباحث عسكري سوري. لديه دراسات ومؤلفات متنوعة، متخصصة في حقل الحروب والاستراتيجيات العسكرية.

 

 

الكتاب: موسوعة السياسة والحرب في بلاد الشام

تأليف: اللواء الدكتور إبراهيم مصطفى المحمود

الناشر: وزارة الثقافة السورية- دمشق 2011

الصفحات: 1001صفحة

القطع: الكبير

Email