الفيلم السياسي في مصر

ت + ت - الحجم الطبيعي

يجهد كتاب"الفيلم السياسي في مصر"، لمؤلفه محمود قاسم، في الوصول إلى تعريف محدد للفيلــم السياسي. ولكنه، في الوقت نفسه، يبين مدى صعوبة هذه العملية، إذ يؤكد أن السياسة موضــوع متسع وشديد المرونة، ويقول مؤلفه في هذا الصدد: ".. فيلم يصوِّر الواقع السياسي الحالي لزمن إنتــــاج الفيلم، كمـــا أنه يمكن أن يعرض سيرة بطل مـــن أبطال السياســـة الحالية الذين يلعبون دورا في السياسة إبان إنتـــاج الفيلم، وقد يكـــون موضوع الفيلـــم مأخوذا عن واقـــع الحيــــاة، أو مؤلفـــا من وحي الخيال...".

ويُفرد الكتاب فصلا لمناقشة الأفلام السينمائية المصرية التي قدمت قضايا عربية، فهذا النوع من الأفلام ازدهر إنتاجه إبان حركات التحـــرر الوطنية العربية، والتي ساندتها ثورة يوليــو، واعتُبرت من إنجازاتها المهمة، ففي بعض هذه الأفلام كانت مصر تساند الحركات التحررية، مثل:

جبهة التحرير في الجزائر، منظمة التحرير الفلسطينية، السودان، ثــورة اليمن التي قام بها عبد الله السلال. فمثـــلا فيلم "جميلة" الذي عُرض عام 1958، أنتج لمناصرة الثورة الجزائرية. وفيلم "ثورة اليمن" الذي عُرض عام 1966، بطولة حسن يوسف صنع لأهداف سياسية تتماشى مع ما كانت تراه الدولة في تلك الآونة. وهناك أيضا، قضايا: تصدير الثورة، مساندة الثورات القائمة في المنطقة العربية.

ويشير المؤلف إلى فيلم "أصحاب ولا بيزنس" لسعيد حامد عام 2001. والذي تضمن مناصرة واضحة للفدائيين المصريين الذين يفخخون أنفسهم، من أجل إزعاج السلطات الإسرائيليــة، إذ أثار تفجير مناضل فلسطيني نفسه وسط وحدة أمنية إسرائيليــة، ارتياحـــا ملحوظًا لدى المشاهدين.

وتحت عنوان "الإرهاب.. والسياسية" يقدّم محمود قاسم رؤيته، لكيفية تناول السينما المصرية ظاهرة الإرهاب، وذلك بداية من فيلم "الإرهابي" الذي أخرجه نادر جلال عام 1994. وناقش هذا الفيلـــم ظاهـــرة الإرهـــاب من جذورهـــا، فأظهر جميع الأطراف المرتبطة بالصراع والمواجهة.

وتوغـــل داخل بيوت الدينيين، ونقل إلى الشاشة مفرداتهم اللغوية والحوارية، وكشف بعض خططهم الزمنية، وكيفية أداء أعمالهم. وهذا بينما راح المخرج يوسف شاهين إلى التـــاريخ الأندلسي في المصير، متتبعا رحلة الإرهـــاب الفكري. وهو الفيلــم الأكثر صبغة سياسية من بيــن كافـــة الأفــلام التـــي تناولــت ارتباط الإرهــاب بالعقيدة. وعــــاد شاهين إلى مناقشـــة الموضـــوع نفسه في فيلم "الآخر" الذي أدان فيـــه أكثر من طرف، ومنها :

العولمة الحديثة وسيطرتها على اقتصاد العالم لصالح الولايات المتحدة، ثم إدانـــة التيـــار المتطرف. وفي عام 2006 عُرض فيلم "دم الغزال"، الذي استوحاه وحيد حامد من حادث حقيقي حول شخص أطلق على نفسه اسم "أمير دولة إمبابة" عام 1994م.

كما تناول الكتاب، الصحافة والسياسة في السينما المصرية، معتبرا أن دور الصحافي بعد ثورة يوليو ـ كما تقدمه السينما ـ البحث عن المتـــاعب السياسية، والمشكلات المرتبطة بأمن الوطن، وكان أول فيلم يلعب فيه الصحافي دورا سياسيا مباشرا:

"الله معنا" لعلي بدرخان في عام 1955، فالصحافي يلتقط خيوط هزيمة الجيش العربي في حرب 1948، فيكتب عن الأسلحة الفاســدة، وهو يجد هوىً في كتاباته من الضباط الأحرار الذين يصادقونه، ويمدونه بالمزيد من المعلومات، عن الأسلحة الفاسدة. وأيضًــا فيلم "الرجـــل الذي فقد ظله"، المأخوذ عن روايــــة فتحــي غانم. إذ قدم المخرج كمال الشيــــخ صورة متكاملة للصحافـــي الانتهـــازي الذي يستغل الصحافة كوسيلـــة للارتقاء الاجتماعي. وفي فيلم "هدى ومعالي الوزير" تدفع الصحافية الكثير، سواء في حياتها الخاصة، أو العامة.

وفي فصل بعنوان "حكام مصر على الشاشة"، يطرح محمود قاسم تساؤلًا:

هل دفع بعض حكام مصر الثمـــن غاليًا؛ نتيجة لموقف حكام آخرين منهم؟". ويرد:

"الإجابة بالإيجاب طبعًا"!

ومن الشخصيات التي اهتمت بها السينما، الرئيس الراحل أنور السادات، الذي أنتج عنه التليفزيون الأميركي، فيلما باسم "السادات" مُنع فـــي مصر؛ لأنه أظهر زعماء آخرين معاصرين للسادات بشكل سلبي، بخاصة جمال عبد الناصــر الذي لم يكن الغـــرب يحبه كثيرا.

ولم يظهــــر جمال عبد الناصر بشكل مباشر في السينما، إلا من خلال فيلم "ناصر 56" لمحمد فاضل. والحقيقــة أن النص المكتــــوب أُعد أســـاسا ليكون فيلمــا تليفزيونيا، لكن إنتاجه الضخم وأهمية الموضـــوع دفعت به إلى العرض السينمائي.

وفي عام 2001 عُرض فيلم "أيـــام السادات" لمحمد خان، وهو يقدم بانورامـــا لحياتـــه، منذ كان طفلا في القرية، إلى أن وصـــل قمة المجد السياسي كرئيس للجمهورية، وما يتخلل هـــذه الفترة من قصص ولحظات وفترات هبوط وصعود.

 

 

المؤلف في سطور

 

محمود قاسم، كاتب مصري من مواليد الإسكندرية 1949، حصل على بكالوريوس الزراعة من جامعة الإسكندرية عام 1972، وعمل في قسم الإعلام في الشعبة القومية لليونسكو 1975- 1977. وسكرتيرا لتحرير روايات الهلال، دار الهلال 1985 وحصل على جائزة الدولة التشجيعية في مجال أدب الطفل. ومن أعماله: "لماذا ، الثروة، البديل، أيام الشارلستون".

 

 

الكتاب: الفيلم السياسي في مصر

تأليف: محمود قاسم

الناشر: الهيئة العامّة المصرية العامة للكتاب - القاهرة - 2012

الصفحات: 366 صفحة

القطع: المتوسط

Email