مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان

ت + ت - الحجم الطبيعي

يرى كتاب " مبارك وزمانه .. من المنصة الى الميدامن"، لمؤلفه الصحافي والمفكر المصري محمد حسنين هيكل، أن محاكمة الرئيس المصري المخلوع، ومضامينها، تنطوي على الكثير من المآخذ والنواقص، مبينا انه لا يمكن ان تختصر التهم الموجهة لمبارك، اثناء المحاكمة، في عملية التصدي للمظاهرات.

وهي نتيجة لا سبب، تمخضت عن فترة حكمه وثورة شعبه عليه، بمعنى انه إذا لم يخرج مبارك على العهد والوعد والشرعية، فإن تصديه للمظاهرات تأتى بفعل قالب ومضمون ممارسته لسلطته في استعمال الوسائل الكفيلة لحفظ الأمن العام للناس وللدولة، أي أن المحاكمة السياسية هي الأساس الضروري للمحاكمة الجنائيـة لرئيـــس الدولــة، لأنها التصديق القانوني على موجبات الثورة ضده، وحينئذ يصبح أمره بإطلاق النار على المتظاهرين جريمة، يكون تكييفها القانوني، هو إصراره على استمرار عدوانه على الحق العام، وإصراره على استمرار خرقه المستبد لعهده الدستوري مع الأمة ككل.

ويشير هيكل إلى وجود علاقة بينه وبين مبارك، مبينا انها علاقة يصفها بالمحدودة والفاترة، لافتا إلى وجود صور متعددة لهذا الزعيم، وكذلك احتفاظه بقصاصة من مقال نشر بجريدة "الواشنطن بوست "، في السابع من شهر اكتوبر عام 1981، خلال تولي حسني مبارك رئاسة مصر، خلفا للسادات، ويتضمن المقال فكرة مفادها أنه حتى هؤلاء الذين يقال عنهم بأنهم يعرفون مبارك، هم حقيقة لا يعرفون عنه شيئا، ويؤكد المؤلف، في الوقت نفسه، على ان فكرة المقال لا تزال سارية المفعول، حتى بعد سقوط مبارك.

ويشدد هيكل، في صفحات كتابه، على حقيقة ان هذه الحكاية والســـيرة التي يعرضها، وان طالت عما توقعه هو، فهي ليست قصة حياة، ولا سيرة رجل، انما هي لمحات قصرها على ما رأى بنفسه أو عرف، وذلك هو عذره واعتذاره عن استعمال صيغة المتكلم في بعض فصول الكتاب، واعتذاره عن استعمال بعض الألفاظ باللهجة العامية، كما سمعها، وذلك طلبا لدقة التعبير. ويحتوي الكتاب ايضا، على ما جمعه المؤلف، من ما كتبه على الصفحات، أو مــا قاله على الشاشات، وكل ذلك مرتبط بقضايا العصر، عرضا وتحليلا، شرحا وتفصيلا، وذلك على مسافة تاريخية تمتد الى حوالي ثلاثين سنة، وقــد يعوض بالكلمات بعض ما لم تستطع أن تستوفيه الألوان.

ويذكر المؤلف ان قضية " التوريث " للسلطة في مصر، هي الدليل والإثبات الأكثر وضوحا، لمقولة ان الذين يعرفون كل شيئ عن مبارك، هم في الواقع لا يعرفون شيئا عنه، إذ ان الكثير من الذين يعرفون مبارك، يظنون أنه يريد ان يورث ابنه الأصغر، وأن ذلك مشروع يعمل جادا لتحقيقه. كما يرى مؤلف الكتاب أنه يعد شخصيا، من أحد الذين لم يكونوا يشعرون وبإحساس داخلي، أن مبارك يريد توريث ابنه، لا بل انه ينفر من الحديث في هذا الشان، بمعنى أنه لا يمانع توريث ابنه رئاسته، ولكن ممارساته وتصرفاته لم تكن تشي باستعداده لذلك.

ويتساءل المؤلف عن كيفية استطاعة مبارك، البقاء في رئاسة مصر لمدة 30 سنة، ويجيب عن تساؤله هذا، بأنه، ولحظه، طالما استطاع البقاء. ويتساءل أيضا كيف استطاع شعب مصر أن يصبر ثلاثين سنة على حكمه ؟! مجيبا هل هذا التساؤل هو انها مسؤولية الشعب المصري كله، لأنه هو الآخر استطاع -بالصبر والصمت- وإظهار السأم والملل أحيانا- حتى جاء ت ثورة 25 يناير 2011، وعندما لم يعد الصبر قادرا، ولا الصمت ممكنا، ولا الملل كافيا.

انه كتاب يعبر عن رأي مؤلف وباحث وصحافي مخضرم ومشهور عربيا، أثارت كتبه، ولا تزال، العديد من السجالات والنقاشات المتعددة. وطبعا، هذا الكتاب، والصادر حديثا، يثير مجددا جدلا واسعا حول مصر ورحيل مبارك وسجنه، وايضا حول ربيع الثورات العربية، الثورات التي لا تزال مستمرة ومحتدمة ومتفاعلة في آن.

 

 

 

الكتاب: مبارك وزمانه من المنصة إلى الميدان

تأليف: محمد حسنين هيكل

الناشر: دار الشروق القاهرة 2012

الصفحات:309 صفحات

القطع: الكبير

Email