دراسات في تاريخ السينما المصرية

ت + ت - الحجم الطبيعي

يرصد كتاب "دراسات في تاريخ السينما المصرية"، للناقد محمود علي، جميع حيثيات موضوعة صناعة السينما، مستعرضاً كافة الوثائق الدالة في هذا الصدد. وهو يتجسد في هذا السياق، كإضافة علمية مهمة في تسجيل تاريخ السينما، حيث سقطت مقولات شاعت، وأبرزت مقولات جديدة تستحق الاهتمام. وحدد المؤلف مجال بحثه، خلال الفترة من 1896 حتى 1952م، وبرر اختيار تلك الفترة، بأن كل ما كتب حولها، هو من ذاكرة المهتمين، من دون الرصد الوثائقي.

ومع الصفحات الأولى، يثير المؤلف قضية ريادة فنون التمثيل في مصر، وخصوصاً مع قضية إنشاء أول معهد متخصص. ويبين أن الشائع هو أن الرواد وأصحاب فكرة الدعوة لإنشاء معهد متخصص للتمثيل، هم: محمد كريم، بدرخان، زكي طليمات. وينشر المؤلف وثيقة مشروع إنشاء أول معهد على يد المحامي "عبد الرحمن رشدي، قدمه إلى الملك فؤاد الأول في عام 1923م.

وقد كتب على رأس مشروعه: «مشروع قانون- معهد التمثيل والسينماتوغراف.. التماس مرفوع إلى حضرة صاحب الجلالة- فؤاد الأول (ملك مصر والسودان)- يقدمه في سبيل الإصلاح التمثيلي (عبد الرحمن رشدي)".

ويؤكد المؤلف أنه لم تكن الصناعة السينمائية أحادية التوجه، فقد عنيت بما يعرف بالأفلام التسجيلية والتعليمية وغيرها، مبكراً. وقد عرض محمود علي، أول وثيقة توقعها مصر مع الأمم المتحدة (عصبة الأمم)، في عام 1936م، بشأن الموافقة على اتفاقية للبرامج التهذيبية (التعليمية)، وبالتالي الاهتمام بالأفلام التعليمية والصحية والعلمية، وإنتاجها بواسطة أجانب لفترة من الزمن ثم الحكومة المصرية.

ويضمن المؤلف، كتابه، مذكرة هامة لبيان تفعيل الأفلام التعليمية، كما نشر مذكرة من لجنة السينما بوزارة المعارف (وزارة التربية والتعليم قديماً) عن تنظيم التعليم بالسينما، أوضحت عدد آلات السينما التي تملكها الوزارة (96)، وعدد الأفلام الجاهزة للعرض (3059)، وعدد الأفلام التي تم توزيعها على المدار مع آلة عرض (لمدة 15يوماً حتى يسهل إعارتها لمدرسة أخرى)، وغير ذلك الكثير.

كما توقف المؤلف أمام إنشاء أول غرفة نقابية للسينما في العالم العربي، حيث تفيد المادة الأولى من الوثيقة بالتالي: "تكونت باسم الغرفة النقابية السينمائية لمصر وسوريا وفلسطين. وهي غرفة نقابية مكونة من مؤجرين ومستغلين، يقع مقرها في القاهرة بشارع فؤاد الأول رقم5 .

وممكن نقله إلى أي مكان آخر، بناء على قرار صادر من الجمعية العمومية، ومدة الغرفة النقابية غير محدود". وأما حول الرواد، فلم يكتب محمود عن الفنانين السينمائيين كما هو المعتاد، بل اختار الصحافي والناقد زكريا الشربيني الذي يعتبر أول من لعب دوراً هاماً في نشر ثقافة السينما، في العشرينيات من القرن الماضي. وقد ظل يكتب حتى عام 1967م، إذ أحيل إلى التقاعد.

وعن المجلات الفنية المتخصصة بالسينما، وربما هناك شيوع لمعلومة، مفادها أن أول مجلة متخصصة فى فن السينما، هي "الصور المتحركة". وصدر العدد الأول منها في 23-5-1923م. وأيضاً هناك بعض المجلات صدرت قبلها.وعن البنية الاقتصادية لصناعة السينما، أورد المؤلف مقابلة مندوب شركة "بارا مونت" العالمية، لرجل الاقتصاد المصري طلعت حرب.

وعرضت فيها، فكرة تأسيس شركة مصرية للسينما، بشروط مساهمة رجال أعمال مصريين، بقيمة 300 ألف جنيه. وقد طلب حرب، لإتمام الصفقة، عدة أمور، منها: تقليل قيمة المبلغ نظراً لظروف أزمة اقتصادية عالمية في حينه (1932م)، أن يكون رأس المال المصري 60 بالمائة. ويوضح محمود علي أن اللافت هنا، هو طلبات واشتراطات رجل الأعمال المصري الشهير الذي أنشأ بنك مصر من قبل،.

وشروطه بتعليم المصريين، وهو ما أفرز جيلاً من السينمائيين، كانت باكورة أعماله، فيلم "وداد" في عام 1936م، والذي يعد أول فيلم مصري، ويعبر عن صناعة سينما مصرية. وينتقل المؤلف إلى مناقشة قضية إباحة وعدم إباحة عرض بعض الأفلام للصغار.كما تناول علي، بالعرض والتحليل.

موضوع عدد دور العرض منذ البداية، موضحاً أنه اختلفت الأرقام المنشورة كلها، إلى أن جاء جاك بسكال في بداية الخمسينيات، فنشر أدق رقم لها، وهو 300دار (100بالقاهرة- 45 بالاسكندرية- والباقي في المدن الأخرى).

ولم يخل الكتاب من صور لجميع الوثائق التي أشار إليها المؤلف، وأيضاً من صور للمقالات والصور المنشورة بالصحف، حول السينما أو موضوع الدراسة والبحث. وتتكامل مختلف موضوعات الكتاب، في اطار منهجي، يندرج ويتجسد معه، كرؤية وجهد توثيقي جاد، حسم الكثير من الأمور المتعلقة بتاريخ فن السينما.

 

 

الكتاب: دراسات في تاريخ السينما المصرية

تأليف: محمود علي

الناشر: الهيئة العامة لقصور الثقافة2012

الصفحات: 300صفحة

القطع: الكبير

Email