أثر المنهج الأصولي في ترشيد العمل الإسلامي

أثر المنهج الأصولي في ترشيد العمل الإسلامي

ت + ت - الحجم الطبيعي

يقدم كتاب «أثر المنهج الأصولي في ترشيد العمل الإسلامي» مساهمة قيمة في تكييف بعض القضايا الدعوية من خلال التأصيل الشرعي لها، وذلك في ضوء رؤية المؤلف مسفر بن على القحطاني ضرورة ربط المناهج الدعوية بأدلتها وأصولها القائمة وإحياء هذه النظرة التأصيلية في اجتهاد الدعاة نظراً لما يمكن أن يثمر عنه ذلك في نفوس الدعاة ثقة بالمنهج ووضوحاً في الطريق وتقليلاً من خطر الوقوع في الفتن المضللة والشبهات المزلة مع ما يحققه من سعة في الأفق وزيادة في العلم والعمل لدين الله على هدي وبصيرة.

ويتناول المؤلف موضوع الكتاب من خلال ستة فصول تتركز على الاجتهاد الدعوي، حول ضوابط المصلحة الدعوية، حاجة الدعاة إلى فهم مقاصد الشريعة، فقه الأولويات وضوابطه الشرعية، التطرف الفكري وأزمة الوعي الديني، رؤية مقترحة لملامح التجديد في علم أصول الفقه.

وبعد أن يعرض المؤلف لمفهوم الاجتهاد الدعوي وأقسامه وملامحه ينتهي إلى أن الخلاف الذي ربما يحدث من جراء حركة الاجتهاد بين الدعاة ومن خلال تعدد الآراء والمناهج في القضية الواحدة ليس شراً في أحواله وصوره كلها بل قد يثمر نفعاً وخيراً للدعاة إذا أحسنوا أدب الخلاف واعتبروها من غير هوى وتعسف.

وفي تناوله لضوابط المصلحة الدعوية يؤكد المؤلف أنها إن لم تقم على ربانية صادقة مخلصة وتمييز للثوابت عن المتغيرات، والمتغيرات عن الثوابت بفقه دقيق وتأصيل عميق كانت بداية انحراف وزيغ وفتنة للدعاة، تذكيها مع الأيام حركات فاتنة في صفقات غابنة لا مربح لأحد منها إلا أعداء الدعوة ودعاة السوء والفتنة.

ثم ينتقل مسفر بن على القحطاني إلى فقه الأولويات وضوابطه الشرعية مسلطاً الضوء على دور القواعد الأصولية في ترتيب الأولويات الفردية والجماعية بحسب أهميتها ومنزلتها في الشرع وبحسب المتغيرات والعوارض المختلفة التي تطرأ وتتنوع في حياة الناس. وفي هذا الإطار يقدم المؤلف تمهيداً في أهمية فقه الأولويات والضوابط الشرعية له وتطبيقه عند مواجهة التحديات.

ومن الضوابط التي يعرض لها المؤلف تقديم الأصول على الفروع، وتقديم الفرائض القطعية على المندوبات أو الظنيات الخلافية وتقديم المصالح الضرورية على الحاجية والحاجية على التحسينية.

ومن الضوابط التي يشير إليها المؤلف عند التزاحم بمعنى تعارض حكمين شرعيين في الواقع العملي تقديم حفظ الدين على حفظ النفس، وتقديم المصلحة العامة على الخاصة.

ويخلص إلى أن أولويات العمل وأفضلية الامتثال بالأعمال الصالحة ليست أحكاماً محددة لا تتبدل أو قوالب ثابتة لا تتغير، بل هي خاضعة لإيثار مرضاة الرب ولما يصلح لكل عبد في نفسه ووقته كما هي خاضعة أيضاً لموازين المصالح والمفاسد ومن خلال هذه الموازين المختلفة تتسع ساحة التنوع في الاجتهاد، كما تتسع الصدور والنفوس للاختلاف المؤدي للائتلاف والوحدة والتكامل البناء بين العاملين في حقل الشريعة الإسلامية.

ويقدم المؤلف بعض ملامح التطرف الفكري لدى بعض الشباب والذي يعود إلى الخلل الكبير في فهم الدين وخصوصاً عند تلقي الأحكام أو الاستدلال بالنصوص. ويذكر أن من الخلل ترك تلقي العلم من العلماء ومجالستهم والتتلمذ على الأصاغر أو الأخذ من كتب أهل الأهواء. كما من صور الخلل أيضاً التعصب للرأي تعصباً لا يعترف معه للآخرين بوجود وجمود الشخص على فهمه جموداً لا يسمح له برؤية واضحة لمصالح الخلق ولا مقاصد الشرع ولا ظروف العصر ولا بفتح نافذة للحوار مع الآخرين وموازنة ما عنده بما عندهم.

ويؤكد المؤلف أن التطرف الفكري يشكل أحد عوائق النهضة، فالمبالغات التي أصبحت سمة للفكر المتطرف تجعله يبالغ في ذم من يخالفه إلى درجة الإسقاط والإقصاء وفي المقابل المدح والثناء على من يوافقه لدرجة التقديس والتنزيه عن الأخطاء.وفي رؤيته المقترحة لملامح التجديد في علم أصول الفقه يذكر المؤلف أن هذا العلم يعتبر مجالاً مهماً لتنظيم الفكر وبناء العقل المسلم وفق قواعد منطقية تنتج بالضرورة حقائق قد تكون نسبية، وإمكانية الاستفادة بشكل كبير من القواعد الأصولية بشكل كبير وعملي في التشريعات القانونية لتنظيم حياة المجتمع حيث ستوفر له الحلول الكثير من دون الحاجة لاستيراد أنظمة وقوانين من بلاد أخرى تختلف عن مجتمعات المسلمين في القيم والأعراف والمبادئ.

ويؤكد المؤلف أن أهم ملامح التجديد في علم أصول الفقه يكمن في محاولة إعادة تصنيف هذا العلم وترتيب مباحثه وتهذيبه من كثير من المسائل المنطقية .

الكتاب: أثر المنهج الأصولي في ترشيد العمل الإسلامي

تأليف: د. مسفر بن علي القحطاني

الناشر: الشبكة العربية للأبحاث والنشر بيروت 2008

الصفحات: 134

القطع: الكبير

ألفت عبدالله

Email