المرتكزات الأساسية للتصميم والإخراج الفني

المرتكزات الأساسية للتصميم والإخراج الفني

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعالج كتاب «المرتكزات الأساسية للتصميم والإخراج الفني» للباحثة والفنانة التشكيلية غادة العاملي قضية هامة ندر أن التفت إليه الباحثون. فالحديث عن التصميم والإخراج الفني للصحف والمجلات يأتي، غالباً، بصورة عابرة في سياق دراسات وكتب تتناول، بشكل رئيسي، مواضيع أخرى.

انطلاقا من هذا الواقع، فإن كتاب العاملي يأتي ليسد فراغا في المكتبة العربية أولا، وهو من ناحية ثانية يقدم معلومات وافية للمتخصص في مجال الإخراج الصحافي بالدرجة الأولى، كما انه يقدم، في قالب يسير وسهل، معلومات للقارئ العادي تتمحور حول أسس الإخراج الصحافي، والشروط التي يجب توفرها في الشخص الذي يعمل في هذا المجال، وابرز المدارس الإخراجية التي ظهرت في مجال الإخراج الصحافي.

من المعروف أن صاحب أية مطبوعة صحافية، يومية كانت أم أسبوعية أم شهرية أم فصلية، يهدف إلى اتساع رقعة انتشار مطبوعته، والى زيادة نسب المبيعات، ولعل أحد الشروط الهامة لتحقيق هذا الهدف هو الاهتمام بشكل المطبوعة، لذلك يجتهد المسؤولون عن هذه المطبوعة أو تلك في الاعتناء بالشكل الخارجي أولا أي الألوان التي ينبغي اختيارها للغلاف الأول، والعناوين التي يرجح أنها ستثير فضول القارئ دون إثارة مجانية، ونوعية الخطوط الذي ستعتمد لكتابة هذه العناوين، وحتى شعار المطبوعة «اللوغو» يصمم وفق آليات تجذب الانتباه.

ولا يتوقف الاهتمام عند هذا الحد، بل يمتد ليشمل الصفحات الداخلية، كذلك، عبر الاعتناء بالتبويب وتصنيف الصفحات، وشكل الإخراج بهدف الوصول إلى شكل طباعي يلائم المضامين من خلال الاختيار المناسب لنوعية الخطوط وحجمها، وتوزيع الصور على نحو مريح للبصر.

ويفضل ألا تكتظ الصفحات بمواد تيبوغرافية وغرافيكية قد ترهق بصر القارئ الذي سيشعر بالملل، عندئذ، ويترك المطبوعة، إذ يفضل، هنا، ترك مساحات بيضاء كافية في الهوامش وكذلك في المتن، وحتى الإعلان، الذي يفرض من قبل المعلن، يجب أن يوضع في المكان المناسب بحيث لا يبدو وكأنه مقحم على الصفحات، بل أن يخلق نوعا من التناغم مع المادة الإعلامية.

وتبين الباحثة أهداف دراستها المتمثلة في الكشف عن الأساليب التصميمية والإخراجية في بعض المجلات العربية، والتوصل إلى معرفة المرتكزات الأساسية المعتمدة في التصميم والإخراج الفني لهذه المجلات ، وهي تسعى إلى تحديد معاني بعض المصطلحات الشائعة على صعيد الإخراج الفني والتصميم، وتوضيح الإطار النظري لدراستها، إذ تعدد وظائف وأهداف الإخراج الفني، وتذكر الأسس الرئيسة المعتمدة في عملية التصميم والإخراج الفني .

وهي: التوازن، التناسب، الإيقاع، التباين، التتابع، والوحدة، وتشرح الباحثة دلالات هذه الأسس والمبادئ، وهي تؤكد على أهمية تطبيق هذه الأسس، وعلى الغرض من توظيفها واستثمارها، مشددة على انه لا يجوز إهمال مبدأ على حساب مبدأ آخر، فالصفحة يجب أن تتوفر فيها الأسس السابقة المذكورة حتى تبدو الصفحة أو الصفحات مكتملة.

ورغم تركيزها على ضرورة التقيد بهذه الأسس التقليدية المتبعة في التصميم، لكنها تشير إلى أن مسألة الإبداع الفني لدى المصمم، والأفكار المبتكرة، والاستفادة من التقنيات الحديثة تعتبر مطلبا دائما، وحاجة ملحة للتجديد والابتكار.

ومن هنا تشترط على العامل في مجال الإخراج الفني أن يكون متمتعا بحس فني رفيع، وبثقافة بصرية وتشكيلية واسعة، وان يكون مطلعا على مدارس الفن التشكيلي حتى يتمكن من استثمار هذه الثقافة في تطبيق الأسس التقليدية على نحو فني، جذاب يمنح المطبوعة الجمالية المرجوة.

وتتحدث العاملي عن أساليب التصميم والإخراج الفني، وتذكر أهم المدارس التي ظهرت في عالم الإخراج الفني، وهي المدرسة التقليدية، والمدرسة المعتدلة، والمدرسة المحدثة. وهي تشرح الأساليب والآليات التي تتبعها كل مدرسة إخراجية على حدة، لتصل إلى تقديم تعريف للمجلة بوصفها دورية صحافية لها خصائص وشروط، وهي، هنا، تعقد مقارنة سريعة بين المجلة وبين الصحيفة.

ثم تشرح طبيعة التعامل مع المادة التيبوغرافية (الكلمات والحروف والعناوين الرئيسية والفرعية...)، والمادة الغرافيكية (الصور والرسوم والألوان...)، وخصائص هذه العناصر، ولا تغفل الباحثة الحديث عن دور الكمبيوتر وما وفره من إمكانيات هائلة في التحكم بالخطوط والألوان والرسوم في مجال التصميم، لافتة إلى أن السياسة التحريرية تلعب دورا مهما في تحديد السياسة الإخراجية لهذه المطبوعة أو تلك.

وقبل أن تنهي الباحثة دراستها بالجانب التطبيقي الذي يتناول دراسة ثلاث مجلات عربية أسبوعية معروفة هي: ألف باء العراقية، و الصياد اللبنانية، و آخر ساعة المصرية، فإنها تشير إلى شروط الإخراج الصحافي، والتي توجزها في ضرورة التقيد بالنص المكتوب وروحه.

وتحقيق التكامل بين عناصر المادة المكتوبة، والابتعاد عن الرتابة والجمود، ورصد المتغيرات وانعكاساتها على التحرير وتجسيد ذلك بشكل مبدع في الإخراج، ومواكبة الذوق الجمالي للجمهور، وتحقيق التوازن بين معطيات متعددة، وعلى رأسها التكامل بين الشكل والمضمون.

ورغم هذه الشروط والمعايير والقواعد إلا أن الباحثة تذكر، في أكثر من موقع، بان ثقافة المخرج الصحافي، واستعداده لتقبل الجديد، وقدرته على الابتكار والإبداع، تلعب دورا مهما في منح المطبوعة شكلا أنيقا وجذابا، فكما أن ثمة تجريبا في مجال المسرح والسينما والأدب.

فإن للتجريب مزاياه، أيضا، في مجال التصميم والإخراج الفني الصحافي على أن يكون هذا التجريب نابعا من خبرة عميقة وواسعة تتطلع إلى تقديم شكل جديد وجذاب ينهض على المعايير التقليدية، أولا، ويتطلع إلى إضافة عناصر أخرى جديدة قادرة على خلق الجاذبية والتشويق، ثانيا.

التخلص من الرتابة

إن الهدف من التصميم والإخراج الفني هو أن »يبدو المطبوع جذابا ومشوقا ترتاح العين إلى شكله، ويرضى الذهن بما فيه من تنويع وتكوين، مما يسهم في تخليص المطبوع من الرتابة والملل، وبالتالي إضفاء الجانب الجمالي على الصفحة الذي يقود إلى جذب انتباه القارئ« الذي يعتبر ضالة كل مطبوعة جادة.

المؤلفة في سطور

غادة حسين العاملي هي باحثة وفنانة تشكيلية عراقية حائزة على الماجستير من كلية الفنون الجميلة في بغداد. أقامت بعض المعارض الفردية والمشتركة في العراق وخارجه، وهي تدير حاليا مؤسسة المدى للإعلام والثقافة والفنون ببغداد، كما تقوم بالتدريس، كمدرِّسة مساعدة، في كلية الفنون الجميلة. قامت بتصميم وإخراج العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية، وصممت عددا من الملصقات »البوسترات« وأغلفة الكتب، والشعارات.

إبراهيم حاج عبدي

الكتاب: المرتكزات الأساسية للتصميم والإخراج الفني

تأليف: غادة حسين العاملي

الناشر: دار المدى دمشق 2008

الصفحات : 230 صفحة

القطع: المتوسط

--+++++++++++++++++++++++++++18132642711537

Content-Disposition: form-data; name="template"

FullStyle3

Email