التخاطر وتوارد الافكار

التخاطر وتوارد الافكار

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يعرف الكاتب توارد التخاطر أو ما يسمى بالتيليباثي بأنها ظاهرة باراسيكولوجية حقيقية لا يمكن إنكارها، وتشير هذه الظاهرة إلى انتقال الأفكار والصور العقلية من شخص لآخر دون الاستعانة بأية حاسة من الحواس الخمس، وتتضمن هذه الظاهرة نوعا من الاتصال غير المدرك بين أطراف الظاهرة، إلا أن السؤال الذي يطرحه الباحث هو عن حقيقة هذه الظاهرة وكيف تحدث ولماذا؟؟

ويرى الكاتب بأن الآلية التخاطرية تقتضي تحرير رسالة ذهنية ما بين مرسل ومستقبل، إذ تؤكد الدراسات العلمية إنه تم رصد فعلي للعملية التخاطرية بشكل فيزيائي عن طريق العديد من الأجهزة العلمية المعقدة، حيث يفترض بالمرسل أن يتمتع بإدراك ما فوق حسي قوي وموهبة فذة وتركيز شديد وبنية عصبية متماسكة وعنه تصدر القوة التخاطرية كمحاول استحضار صورة شريكة المستقبل بشكل ذهني بهدف التواصل معه فكريا لتمرير فكرة أو صورة أو إيحاء معين وقد يلتقط المستقبل الرسالة بشكل لا إرادي.

وأشار أبو الحجاج إلى الدراسات العلمية التي أجراها علماء الباراسيكولوجيا السوفيت أن نموذج الطاقة المستحدثة في مخ المرسل يمكن أن ينتقل عبر المكان والزمان لدماغ المستقبل، وبذلك يكون النشاط الفيزيولوجي الحادث في جسم المرسل قد استثار على نحو مباغت رد فعل غير طبيعي في جسم المستقبل، حيث يتم تفريغ شحنات كهربائية في دماغ المستقبل تنتقل عبر نصفي كرتيه الدماغيتين ويمكن تسجيلها على جهاز تخطيط كهربائي للدماغ يدعى (م.م.ه) .

حيث يلاحظ اشتداد في نشاطه الدماغي يظهر بعد مدة تتراوح من 1- 5 ثوان من بدء التبليغ التخاطري، ويحصل تنشيطا عاما غير محدد في الأقسام الوسطى والجبهية من الدماغ أي منطقة المركز ومنطقة النطق، وذلك قبل أن يدرك بوعي الرسالة التخاطرية، واذا أوشك المستقبل أن يعي الرسالة فإن نشاط مخه يحدد بسرعة ويمتد إلى الأقسام الخلفية والقشرية من الدماغ ويبقى الرسم مرئيا بشكل منحنيات لفترة قصيرة من الزمن بعد نهاية التبليغ.

ويستعرض أبو الحجاج نوعا من أنواع التخاطر يسمى التخاطر العفوي بين المرسل والمستقبل وهذا ما يدعى برد الفعل اللاعقلاني، وفيه الانفعالات والحالات النفسية تنعكس على النشاط الكهربائي للمخ وبالفعل ثبت أنه في مقدور اللاشعور أن يفرض إيقاعه على لا شعور الغير وهذا ضرب تخاطر عفوي وأبسط مثال متداول هو مشاهدة شخصية أو أكثر يتثاءبون فجأة وفي وقت واحد،

وهنا يؤكد الكاتب بأن الصيرورات النفسية التي تحدث في جسم الإنسان يمكن أن تنتقل من فرد لآخر عن طريق التخاطر العفوي.. وأعطى الباحث أمثلة على ذلك مثل حدوث التخاطر العفوي بين التوأم، وبين الأم وطفلها وارتباط سلوكياتها بحالة الطفل.

وربط أبو الحجاج في دراسته هذه بين التخاطر والحاسة السادسة، واعتبره جزءا لا يتجزأ منها، ويعني التخاطر الشعور بحادث ما أو بالحالة العقلية لشخص آخر بدون الاستعانة بالحواس العادية، وتشمل الحاسة السادسة ظواهر بشرية خارقة مثل التخاطر والاستبصار والتنبؤ والرؤية عن بعد والتنويم المغناطيسي أو الإيحائي ومعرفة الأمور قبل أو بعد حدوثها دون أن ينبئنا بها أحد.

وفي هذا الإطار يعتبر أبو الحجاج أنه لغاية اليوم لم يتم التعرف على ماهية الحاسة السادسة التي تنقل إلينا المعرفة، إلا أن بعض الباحثين يعتبرها نوعا من القوى الفيزيائية، وطبقا لعلم الفيزياء فإن كل ما ندركه لا بد أن يصل إلينا بواسطة إشارات مادية سواء كانت منظورة أو غير منظورة ملموسة أو غير ملموسة، إلا أن الكاتب يرى بأن انتقال المعرفة عن طريق الحاسة السادسة يختلف تماما عن الانتقال المادي الكلاسيكي المعروف لأن المواد والقوى الفيزيائية الطبيعية محدودة في الزمان والمكان.

أما قوى الحاسة السادسة فلا يمكن تحديدها بالمكان ولا بالزمان ولا يكمن ذلك سواء كان ماضيا أم حاضرا أم مستقبلا، ولا يعرف حتى اليوم قوى مادية لها تلك الخاصية نفسها وهي نقل الأفكار والصور دون وسائل انتقال ملموسة أو معروفة. وينقلنا المؤلف إلى أنواع التخاطر منها التخاطر العفوي عن طريق الأحلام، والتخاطر الرقمي، والتخاطرعن بعد..

وعن الأحلام التخاطرية يعتبرها أبو الحجاج بأنها رسالة منامية يرسل فيها الشخص النائم أو يتلقى رسالة من آخر يكون هدفها واضح ويخبره فيها بأشياء واقعية وحقيقية وهي ما يمكن تأويله علميا بالتيليباثي، وهو اتصال عقلين أحدهما بالآخر عن بعد بغير الوسائل المادية المتعارفة وبدون وساطة الحواس.

وفي هذه الحالة يذهب الكاتب بأن مرسل الرسالة قد يشعر بأنه أرسلها ولأن الحاجة إلى السرعة ملحة فهي تمرق بسرعة عجيبة حين يكون الذهن في مأزق أو خطر والمرء الذي يتلقاها لا بد أن يكون في أحس حالاته وذلك حين يكون الجسم في حالة إيجابية، ويمكن أن يكون ذلك في حالة النوم حيث يكون العقل أكثر استعدادا لاستقبال تأثيرات هذه الطبيعة.

ويؤكد أبو الحجاج بأن العقل في أثناء الحلم يتجاوز حدود الزمان وحدود المكان وفي حالات تخاطرية نادرة نجد أن امرئ مات واتصل بإنسان على قيد الحياة في منامه وفي صورة حلم وهو ما يؤكد وجهة النظر القائلة ان الروح تظل حية وإن مات الجسد وفنى، وهذا ما يعرف بخلود الروح عند أنصار الروحانية.

ومن جهة أخرى تطرق المؤلف إلى نوع آخر من أنواع التخاطر والذي يحدث على أشده في حالات التنويم المغناطيسي بين المنوم المغناطيسي والشخص المنوم، حيث يقوم الأول بدور المرسل القوي الواضح إشاراته، ويستقبل الثاني الرسائل ويقوم بتنفيذ ما جاء فيها بكل دقة، وتعتبر كل ظواهر التنويم المغناطيسي تنويما ذاتيا لأن الشخص بنفسه وقدراته الذاتية يدخل في حالة من الوعي أو اللاوعي الذهني.

وسلط الباحث الضوء على التخاطر مع العالم الآخر (عالم الموتى)، حيث يؤكد خبراء الباراسيكولجيا أنه مع نهاية القرن العشرين تطور الأمر بصورة مذهلة وتمت الاستعانة بأجهزة التسجيلات الخارقة لتسجيل هذه الاتصالات مع العالم الآخر والتي بدأت مع أناس عاديين استطاعوا التواصل مع أشخاص ميتين، إلا أن أبو الحجاج يشك في مصداقية وحقيقة هذا النوع من التخاطر متسائلا عن ما إذا تعد مئات التسجيلات التي أتى بها البعض حقيقة هي لأشخاص من العالم الآخر..؟

إلا أن بعض خبراء الباراسيكولوجي يؤكدون حقيقة الأمر، والبعض الآخر يرون بأن الأمر يحتوي علة عدة احتمالات هي: الغش والخداع، الوهم، التداخلات الخارجية، الإسقاط، الذبذبات المختلفة. وفي السياق نفسه تطرق أبو الحجاج إلى تجربة إحدى الباحثات الفرنسية مونيك سيمونيه والتي تهتم في مجال الاتصال الآلي تخاطريا مع العالم الآخر، والتي قامت بتأليف كتاب عن هذه الظاهرة سمته سماع غير المرئي تحكي فيه عن قصة لظاهرة (تيليباثيه) قامت من خلالها بالاتصال بالعالم الآخر.

الاستحواذ الفكري

يستعرض المؤلف يوسف أبو الحجاج في كتابه ظاهرة التخاطر وتوارد الأفكار معتبرا إياها من أرقى أشكال الاستحواذ الفكري الذهني لأنها تخاطب ما فوق النفس بشكل مباشر دون وساطة فيزيائية أو نفسية.

ناهد رضوان

الكتاب: التخاطر وتوارد الأفكار

تأليف: يوسف أبو الحجاج

الناشر: دار الكتاب العربي حلب 2008

الصفحات : 175 صفحة

القطع: الكبير

Email