السياسة البريطانية في مستعمرة عدن ومحمياتها 1937 ـ 1945

السياسة البريطانية في مستعمرة عدن ومحمياتها 1937 ـ 1945

ت + ت - الحجم الطبيعي

شفيقة عبد الله العراسي باحثة يمنية اعتمدت الحيادية العلمية البحتة، واستندت في كتابها على عدد من المصادر والمراجع إضافة إلى مجموعة من المفكرين والباحثين اليمنيين. وقد قسمت العراسي بحثها إلى أربعة فصول، تقول الباحثة في البداية كانت معظم موضوعات الباحثين تركز على فترتين تاريخيتين، الفترة الأولى تناولت تطور السياسة البريطانية في المنطقة اليمنية منذ ما قبل الاحتلال عام 1927،

تضمنت هذه الفترة دوافع وفرض الاحتلال وتأمين النفوذ البريطاني بسياسة المعاهدات، ثم تطورت العلاقة الإنجلو ـ يمنية في ظل الحكم العثماني حتى عام 1918. وقد تناولت الفترة الثانية السياسة البريطانية بعد الحرب العالمية الثانية حتى قيام ثورة اليمن عام 1967 ـ وقد جاءت الدراسة لتحدد فترة زمنية محصورة ما بين 1939 ـ 1945.

في الفصل الأول أوجزت الاهتمامات البريطانية في جنوب البحر الأحمر منذ بداية القرن السابع عشر حتى احتلال عدن 1839، وتتابع أيضاً الاهتمامات البريطانية بمنطقة اليمن، ثم احتلالها لعدن وتطور السياسة البريطانية في إطار معاهدات الصداقة، وطبيعة السياسة البريطانية لليمن في ظل الدولة العثمانية.

ثم تنتقل الباحثة إلى تطور سياسة وإدارة عدن ومحمياتها 1839 ـ 1937 عبر السلطة السياسية ـ الإدارية ـ الجهاز الإداري ـ الجهاز الاقتصادي ـ محميات عدن، قوة عدن العسكرية ومحاولات التقدم، إضافة إلى أهم الجزر اليمنية الخاضعة للنفوذ البريطاني. (شكلت بعض الجزر اليمنية في البحر الأحمر والمحيط الهندي أهمية استراتيجية ودفاعية،

وكانت موضع اهتمام السلطات البريطانية منذ بداية تخطيطها لفرض نفوذها في المنطقة. لذلك فقد بسطت نفوذها على جزيرة ميوت وكمران في البحر الأحمر، وكوريا موريا وسقطرى في المحيط الهندي.

وأصبحت من التوابع لعدن، باستثناء سقطرى التي خضعت لها بفرض نظام لحماية وجودها في عدن، وكذا طرق الملاحة البحرية عبر البحر الأحمر على طريق الخليج العربي والهند).

في الفصل الثاني اهتمت الباحثة في إبراز أحداث محاولة البريطانيين تحويل عدن إلى مستعمرة خاضعة للتاج البريطاني مباشرة وإلحاقها بوزارة المستعمرات بدلاً من الهند، وهنا تبرز الباحثة موقف اليمنيين والهنود المقيمين في عدن من هذه التحولات، لذا نقرأ عن الخلفية السياسية لقرار التحويل، ودراسة مقترحات فصل عدن عن الهند.

وما هي الدوافع الاقتصادية والسياسية وراء سعي بريطانيا لتحويل تبعية عدن إلى وزارة المستعمرات البريطانية من خلال الوضع الدولي في الربع الأول من القرن العشرين ـ علاقات اليمن الدولية علاقة الإمام بالانجليز، أهمية عدن الاستراتيجية، ثم تنقل الإجراءات السياسية والإدارية التي تتعلق بهذه التحولات، إلا أن الباحثة لا تنسى أن ترصد حركات المقاومة في المحميات الغربية والشرقية.

(وعلى الرغم من أن هذه الحركات قد تميزت بالعفوية، وانها كانت ذات طابع قبلي إلا أنها عبرت بصورة لا يرقى إليها أدنى شك عن رفض الشعب اليمني للاحتلال البريطاني ووسائل القهر التي اتبعها في فترة لم يكن الوعي القومي قد تبلور بعد. كما أن الإحساس بالظلم والاستغلال دفع ببعض القبائل إلى التعبير عنه بشكل أو بآخر من أشكال الكفاح المسلح وان تباينت الغايات المتوخاة منه، أكان ذلك للحصول على امتيازات وطمعاً في الزعامة أو كان تعبيراً صادقاً عن رفض للوجود البريطاني).

أما الفصل الثالث فقد خصصته الباحثة للإجراءات العسكرية والسياسية في عدن ومحمياتها للفترة من 1939 ـ 1945 وحددت له أربعة محاور، نقرأ خلالها الوضع الدولي وتأثيره على المنطقة، كذلك الوضع السياسي والعسكري لعدن خلال الحرب العالمية الثانية إضافة إلى الإجراءات السياسية والعسكرية المترتبة على ذلك والدفاعات التحصينية لكل من عدن ومحمياتها.

ثم تنتقل الباحثة إلى الحرب الإيطالية البريطانية وموقف عدن من هذه الحرب ودفاعاتها العسكرية، وتأثرها بالغارات الجوية الإيطالية، ثم تنقلنا إلى إشكالية أخرى تتعلق باليابان وعلاقتها مع بريطانيا والإجراءات التي اتخذت.

المساق الأخير في هذا الفصل هو علاقة بريطانيا بالإمامة في اليمن. وموقف اليمن من الصراع الانجلو ـ ايطالي ـ وكذلك موقف بريطانيا من العلاقات اليمنية الأميركية واقتراح الإمامة بتحقيق اليمن (باب المندب) بقوة عسكرية مشتركة بريطانية ـ يمنية، ثم تقول تلخيصاً لبحثها:

استطاعت السلطات البريطانية تأمين مستعمرة عدن ومحمياتها خلال فترة الحرب، ونجحت بإجراءاتها السياسية والعسكرية أن تسخِّر جميع إمكانات المنطقة المادية والبشرية لمصلحة المجهود الحربي البريطاني والدفاع عن مراكز نفوذها في منطقة جنوب البحر الأحمر.

كان تأييد سكان عدن والمحميات لبريطانيا وتفاعلهم مع جميع الإجراءات سبباً في نجاح خططها الاستراتيجية، وبقاء نفوذها، ويرجع ذلك إلى عوامل عدة أسهمت في التفاف السكان حولها والعمل على انتصارها في الحرب.

في الفصل الرابع والأخير تناولت الباحثة شفيقة عبد الله العراسي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في عدن ومحمياتها خلال الفترة من 1937 إلى 1945. فقد تناولت في المحور الأول الوضع الاقتصادي لعدن بدءاً من إعلان الحرب العالمية الثانية حتى عام 1945، وبيّنا هنا كل القوانين والإجراءات الاقتصادية التي فرضتها السلطات البريطانية، إضافة إلى نظم ضبط التموين، وإجراءات جادة في تطوير قطاع الزراعة.

في المحور الثاني، تناولت آثار السياسات الاقتصادية التي اتبعتها بريطانيا ومظاهرها على البنية الاجتماعية اليمنية في عدن ومحمياتها، وظهور الصراعات الطبقية في اليمن نتيجة تطبيق بريطانيا لسياستها.

وانعكاس هذه السياسة على بنية المجتمع والبنى الصحية. وكذلك على التعليم بشكله العام سواء كان في إطار التبعية للهند أو لوزارة المستعمرات بشكل مباشر، ثم تنتقل الباحثة إلى انعكاسات ذلك على الحياة الاجتماعية ودور الأندية والجمعيات في رفع المستوى الثقافي، وتنتقل أخيراً إلى قضايا الإعلام والصحافة تحديداً وعلاقة ذلك بالوعي الوطني ـ القومي.لم يستغل الموقف البريطاني المضطرب أثناء الحرب للضغط على السلطات البريطانية من أجل تحقيق مكاسب لمصلحة تطوُّر مجتمع جنوب اليمن سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، وإنما على عكس ذلك،

فقد حققت السلطات البريطانية من خلال التوسع بسياسة الاستشارة مكاسب سياسية واقتصادية، رسخت بها نفوذها في المنطقة، مستغلة جهل السكان والوضعية الثقافية المتخلِّفة التي كانوا يعيشونها وما حصل عليه مجتمع جنوب اليمن من مكاسب في الناحية الاقتصادية والتعليمية خلال هذه الفترة، كان لا يخرج عن إطار المصالح البريطانية بصورة أساسية.

كما ان الظروف الموضوعية والذاتية لمجتمع جنوب اليمن كانت غير مواتية لإدراك الموقف البريطاني المضطرب، واستغلاله للقيام بثورة، وذلك بسبب عدم نضوج فكرة القيام بحركة تحررية ضد الاستعمار.

عبد الإله عبد القادر

الكتاب: السياسة البريطانية في مستعمرة عدن ومحمياتها 1937 ـ 1945

الناشر: جامعة عدن ـ اليمن 2005

الصفحات: 344 صفحة من القطع الكبير

Email