تصريحات شارون سلسلة من المناورات السياسية، بقلم: مئير شتيغليتس

ت + ت - الحجم الطبيعي

السبت 9 ربيع الاول 1424 هـ الموافق 10 مايو 2003 على ماذا يستند التقدير بأن خريطة الطريق قد لا يلقى بها الى سلة مهملات التاريخ التي القي اليها بكل المشروعات السياسية السابقة؟ من حيث جوهر الامر، يستند هذا الى سلسلة، من التوقعات والافتراضات غير المنقطعة عن الواقع: الاعتراف بان التهديد العراقي (الذي لم يكن قائما عمليا) قد انقضى تماما؛ والامل في أن تستقر المنطقة تحت رعاية الهيمنة الاميركية؛ التوقع من الرئيس الاميركي بالعمل على تطبيق رؤياه؛ صعود ابو مازن، والذي يفترض ان يشكل فشل حملة العنف في الوعي الفلسطيني. وهكذا دواليك. ولكن حتى لو افترضنا ان كل العناصر الخارجية ستعمل بالفعل على تقدم الاتفاق (وهو افتراض بعيد الاثر جدا)، فلا يزال يجدر بنا ان نتذكر ان الحاضر الفلسطيني يعود الى شارون، والمستقبل يعود الى نتنياهو، موفاز، ليبرمان واشباههم في معسكر اليمين. الحل الوسط السياسي الوحيد الذي يبدون الاستعداد له (بالكاد) هو دولتان للشعبين على جانبي نهر الاردن. هذا ليس حافزا لانهاء، او حتى لتخفيف حدة، النزاع. التصريحات المتكررة لشارون عن التزامه بتسوية سياسية هي بالاساس مناورات في الاستغلال السياسي - التاريخي. ومثلما كان الحال قبل عام، وقبل عامين، فان شارون ينسق تصريحات «السلام» بحيث تتلاءم والضغوط الحقيقية والموهومة من جهة الولايات المتحدة. فعندما ينبغي اعطاء بوش عظمة اعتدال مزعومة - كي يتمكن الرئيس الاميركي من ان يلقي بها نحو العناصر الغاضبة في العالم الاسلامي - العربي - فان شارون يكون جاهزا بتصريحات عن «تسوية سياسية» (مع وفرة من الشروط العلنية والسرية) واقاويل مجردة عن «دولة فلسطينية» (دون تحديد حدودها واسس سيادتها). من الصعب على المرء الا يعجب لقدرة اللعب التي يبديها شارون حين يوبخ وزراء اليمين الثائرين ضد كل خريطة طريق لا تتلائم و «الخطة السياسية البديلة» لمجلس «يشع» للمستوطنين. ولكن هذه لعبة مباعة وكل المشاركين يعرفون جيدا انه فور انقضاء مظاهر الضغط الاميركي ستنطفيء التصريحات المعتدلة المزعومة وتعود حكومة اسرائيل لعمل ما تعرف القيام به جيدا اكثر من اي شيء آخر: تعظيم المخاوف لدى الجمهور والاستناد الى الاعتبارات الامنية المزعومة من أجل تجنيد موارد الدولة لتحقيق رؤيا أرض اسرائيل الكاملة للصهيونية الاصولية. في لعبة التضليل الكبرى فان لدى شارون شريكا ناجعا جدا في شكل وزير الدفاع. شارون وموفاز منسوجان من مواد مشابهة: فيحركهما طموح لاذع، ويعملان بتصميم لا يكل، ويستندان الى المظاهر الاكثر فظاظة في «روح الشعب» لصالحهما ويتميزان بانعدام متطرف للاستقامة. يمكن التقدير، باحتمالية عالية، بان موفاز سيبدي بالنسبة لوعده اخلاء المواقع غير القانونية ظاهرا او مجرد غير قانونية ذات القدر من المصداقية والاستقامة التي ابداها في قراره منح المدعين بالضرر جراء الغوص في جدول كيشون اعفاءً تاما من المطالب القاسية التي تطرحها وزارة الدفاع امام باقي المطالبين بالحقوق والاموال من قسم اعادة التأهيل. ان اعلان وزير الدفاع بان «الامن سيقود السلام» هو استكمال لشعار «شارون وحده سيجلب السلام». ان أمن موفاز سيجلب السلام بالضبط الى ذات المكان الذي جلبه اليه شارون. عن «يديعوت احرونوت»

Email