دروس قاسية من مستوطنة أرييل، المنظمات الفلسطينية قادرة على التأقلم مع الظروف

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاربعاء 24 شعبان 1423 هـ الموافق 30 أكتوبر 2002 في الوقت الذي يعلن فيه الجيش الاسرائيلي عن مدينة جنين كعاصمة (الارهاب) الحالي ويركز فيها القوى والجهود للمس بالخلايا الميدانية للجهاد الاسلامي، ضرب (الارهاب) من جنوب جنين، وبواسطة خلايا منظمة اخرى تقيم في مدينة مجاورة. ان النبأ عن نشيط من حماس من نابلس فجر نفسه في محطة الوقود في مستوطنة أرييل تلقاه مقاتلو جولاني وهم على أسطح المنازل في القصبة ومخيم اللاجئين في جنين. وحقيقة انه في الثلاثة ايام الاولى من العملية اعتقلوا 57 مواطنا، منهم انتحاريان اثنان، وفرت لهم القليل من العزاء. حيث أثبتت المنظمات الفلسطينية ثانية انها تستطيع ملاءمة نفسها بسرعة مع انتشار الجيش الاسرائيلي. هذه ليست المرة الاولى التي يحدث فيها مثل هذا الامر للجيش. ففي بداية أغسطس توجه جنود جولاني على عجل الى نابلس للقيام بعملية ضد قاعدة حماس نفسها التي نفذت حينذاك عملية فتاكة في عمانويل. وفي الوقت الذي مشط المقاتلون منازل القصبة في نابلس استغل انتحاري من حماس قلة حجم القوات في خط التماس شمالي جنين وتوجه الى الجليل وهناك فجر نفسه في باص في مفترق ميرون.ولكن في الحالة الراهنة، يدعون في الجيش الاسرائيلي انه لم يكن هناك خيار. حيث ان خلية الارهاب التابعة للجهاد بقيادة «المهندس» اياد صوالحة، تمكنت من تنفيذ عملية فتاكة مؤخراً على الرغم من الحصار المشدد على جنين. ويبدو ان شابين انتحاريين جندا على نحو متسرع، عملا حسب الخطة التي يحبها صوالحة: تفجير سيارة جيب محملة بالمواد الناسفة قرب باص اسرائيلي في مفترق كركور. ويعتقدون في جهاز الشاباك ان خلية صوالحة قادرة على تنفيذ مثل هذه العملية في القريب. والطريقة الناجعة لمنع ذلك هي ارسال أكبر عدد ممكن من الجنود الى داخل مدينة جنين وفرض حظر التجول في محاولة لتشويش اخراج الانتحاريين.وقد ألقيت المهمة، كالعادة، على لواء جولاني. لقد تحول هذا في الاشهر الاخيرة الى «المقاول التنفيذي» الأقوى في القيادة الوسطى. صحيح ان جولاني مرتبط بالقيادة الشمالية ومتصل تقليديا بالعمليات في جنوب لبنان، ولكن عامي القتال في المناطق أحدثا تغييرا، الروح العنيدة والقتالية لقدامى المواجهة في المنطقة الامنية تنزلق تدريجيا الى الضفة الغربية، وليس صدفة تسيطر، بالمقابل، القبعات بنية اللون على قيادة المنطقة الوسطى. ومن اجل تنفيذ العملية انتشرت وحدات اللواء في أجزاء مختلفة من المدينة. ووضعت اليد على أكثر من 20 منزلا فلسطينيا، عملية التمشيط تستند حتى الآن على القليل من المعلومات الاستخبارية. ويأملون في الجيش ان تمكن كثرة الاعتقالات جهاز الشاباك من ايجاد معلومات جديدة تؤدي بدورها الى اعتقالات اخرى. وقد نقل 15 معتقلا الى منشآت جهاز الشاباك والتحقيق معهم حظي بالأولوية. وبين المعتقلين: ناشط معروف للجهاد الاسلامي، وعدة مساعدين كانوا على صلة بعملية كركور، وانتحاريان محتملان من حماس. واللغز الأكبر هو مكان وجود صوالحة، الذي أثبت حتى الآن قدرة على التملص. ويشك وزير الدفاع الاسرائيلي بنيامين بن اليعازر في فائدة طول الفترة الزمنية للعمليات من نوع عملية جنين، وهو يعتقد ان كل عملية كهذه ستؤدي ربما الى ضبط اربعة انتحاريين، لكنها توجد حوافز لتنفيذ عمليات انتحارية، لدى عشرات شبان فلسطينيين آخرين. ان الاحتكاك الصعب بين الجيش والسكان المدنيين في المدن يؤدي الى ذلك. يتولد الانطباع لدى القادة على الارض ان الارهاب في انخفاض، وان المزيد من الجهود المكثفة ستؤدي الى تقليص آخر في قائمة المطلوبين. لقد كانت شبكات حماس والجهاد الاسلامي في ايام العز تقدر بمئات النشطاء، بينما لا يوجد الآن سوى النواة الصعبة التي تضم عددا محدودا من المخربين.ولكن حتى في جنين يتساءل الضباط ماذا يفعل الزعماء في الفترة الزمنية التي يوفرها لهم الجيش، الى حين اندلاع العنف المقبل. في هذه الاثناء يرتدي التهديد الفلسطيني في الضفة الغربية المزيد من المزايا اللبنانية والاستعداد لمواجهته يذكرنا بالمنطقة الامنية. اللواء كفلنسكي تلقى مؤخراً ذكرى مؤلمة لذلك (ميجور احتياط) تمير مساد من كفار مسريك الذي قتل في عملية أرييل مؤخراً كان جنديا في دورية جولاني، وقد التقطت له صورة في قمة قلعة الشقيف في اليوم الاول من حرب لبنان، وهو يصغي بارتباك الى سؤال رئيس الحكومة الاسرائيلية آنذاك مناحيم بيغن الذي سأل: هل كانت لديهم جاهزية لاطلاق النار؟. وكفلنسكي كان حينذاك قائد الدورية الذي أصيب قبل ساعات من ذلك في معركة في أعلى الجبل. بقلم: عاموس هرئيل عن «هآرتس»

Email