آشكروفت يسعى للحكم بالاعدام، وزارة العدل الأميركية تتخبط في الدعوى على المتهم الوحيد بأحداث سبتمبر

ت + ت - الحجم الطبيعي

السبت 6 شعبان 1423 هـ الموافق 12 أكتوبر 2002 منذ حوالي ست سنوات، سافر زكريا موسوي، الذي يواجه الآن تهما عقوبتها الاعدام كونه الرجل العشرين بين مختطفي الطائرات التي استخدمت في أحداث 11 سبتمبر سافر الى الشيشان مع صديق طفولته للانضمام الى الشيشانيين في حربهم ضد الحكم الروسي هناك وفي ذلك الوقت كان الشباب من كل انحاء العالم الاسلامي يتدفقون الى المنطقة التي اعتبروها، بعد هزيمة الروس في افغانستان، ارض الجهاد الجديدة. وموسوي فرنسي من اصل مغربي وصديقه ايضا ابن عائلة مهاجرة. ومن المؤكد بالأدلة ان موسوي لم يعجب رؤساءه كثيرا في تلك العملية وحينما رأي الشيشانيون ان المتطوعين الاجانب يعتبرون عبئا عليهم اكثر مما هم اضافة الى قوتهم اخبروا موسوي بأن عليه ان يرحل. (اما صديقه فطلب منه البقاء ليلقي حتفه لاحقا وهو يصور فيلما عن مشاهد الاشتباكات المسلحة مع الروس لعرضها في موقع اسلامي على الشبكة). وقال لي احد المحامين المكلفين بالدفاع عنه: «طلبوا من موسوي ان يحزم حقائبه. لم يكن احد يريده ان يبقى. فهو لم يقدم شيئا. كان مشكلة بالنسبة لهم». وفي فبراير 2001 ظهر موسوي في مدرسة ارمان للطيران في مدينة نورمان بولاية اوكلاهوما الاميركية وكان عمره حينها 32 عاما، وقد دأب على الترحال للترويج لآرائه. فقد مكث في افغانستان (حيث يقال انه امضى بعض الوقت في معسكر تدريب تابع للقاعدة) وفي باكستان وفي ماليزيا فيما جعل من مسجد يسيطر عليه المتشددون في شمال لندن اشبه بقاعدة لتحركاته. وحينما وصل اميركا بعد اسبوعين من عودته الى لندن من رحلة الى باكستان، اخبر الجمارك بأنه يحمل 35 ألف دولار نقدا. وجعله حماسه المفاجيء للطيران يدفع 5 آلاف دولار مقدما لتلقي دروس يفترض ان تمنحه عند نهايتها رخصة قيادة جوية. والأشهر الثلاثة التالية كان موسوي قد تلقى تدريبا مدته 57 ساعة طيران، أي اكثر بكثير من الـ 20 ساعة التي يحتاجها المتدربون عادة قبل ان يطيروا بمفردهم. لكنه ترك المدرسة في اواخر مايو من دون ان يأخذ الرخصة. وقد ادت اسفار موسوي خارج فرنسا وعلاقاته بالمتشددين لجذب اهتمام المخابرات الفرنسية له. فبعد اعتقاله في اميركا في اواسط اغسطس 2001 بتهم على علاقة بقوانين الهجرة، اعطى الفرنسيون مكتب التحقيقات الفيدرالي الاميركي، (إف. بي. آي) ملفا خاصا بموسوي. لكن هذا الملف حسبما اوضح مسئول اميركي اطلع عليه، لم يوفر اي دليل ضده، مع انه يوثق بعضا من اتصالاته. ومع ذلك اصبح هذا الملف ينظر اليه على انه انذار مهم، لم يأخذ به احد. ويتساءل الاميركيون عما اذا كان رجال (الاف. بي. آي) وغيره من الوكالات الحكومية قد فوتوا الفرصة المتاحة لتجميع اجزاء الصورة وربما اجهاض هجمات 11 سبتمبر فيما كان «الخاطف رقم 20» بين ايديهم. وافتراضه هذه الرعونة الحكومية قد برز من الافتراض بأن موسوي كان الخاطف رقم 20 فعلا (فقد كان هناك خمسة خاطفين في كل من الطائرات الثلاث التي وصلت اهدافها في مقابل اربعة فقط في الطائرة التي سقطت في بنسلفانيا) وقد قال موسوي امام المحكمة انه كان عضوا في تنظيم القاعدة الا انه انكر اي علاقة له بالخاطفين. وقد اخبرني بضعة مسئولين سابقين في (الإف. بي. آي) ووكالة الاستخبارات المركزية (سي آي أيه) بأنهم يعتقدون ان موسوي يعد الشخص «المنتظر» والأكثر تقلقلا وتبدلا بكثير من ان يدير عملية سرية طويلة الأمد. ومع ذلك فهم اخبروني بأنه قد يكون مطلعا على معلومات سرية جدا عن القاعدة. وقال لي مسئول سابق في الـ «سي.آي.ايه» لقد كان يعرف كيف يتم تشغيل هيكلية التنظيم وكيفية الاتصالات فيما بينهم، أما الرعونة الكبرى، حسب قول هؤلاء، فقد كانت طريقة التعامل مع موسوي منذ 11 سبتمبر وشكل الادانة الموجهة له، على الأقل لأن أي محقق لم يناقش مع محامية أية صفقة استئناف واسترحام له منذ ادانته أواخر العام الماضي. فالقضية المرفوعة على موسوي، شأن الحرب ضد الارهاب، أكثر تعقيداً لحد بعيد مما تعلنه الحكومة حتى الآن. بعد اخفاقه في الحصول على رخصة طيران من أوكلاهوما، قرر موسوي ان يجرب حظه مرة ثانية في مينيسوتا، حيث دخل أكاديمية بان أم الدولية للطيران في مدينة ايجان قرب سان بول في 11 أغسطس. ويقول مدربه هناك كلانسي بريفوست انه بدا مجرد أجنبي ثري آخر يحب الطيران «دمث وودود». وقال بريفوست الذي كان طياراً في البحرية في خطوط نورثويست: «لم تكن لديه أي معلومات، لم يكن يعرف شيئاً وليست لديه أي مهارات. لكنه كان زبوناً للأكاديمية وعليك ان تعطيه ما يستحقه مقابل نقوده، وهكذا تطورت علاقتنا وأخذنا نتحدث مع بعض. كما تناولنا الغداء معاً مرة وخرجنا في مشوار. لم يكن هناك ما يشير الى انه في جوهره أكثر من رجل أعمال يريد ان يدخل أوساط الطيارين ويخبر الفتيات انه قاد بوينغ 747». ويُعرف موسوي بأنه الرجل الذي قال لمدربه انه لا يريد معرفة كيف يقود طائرة في الجو، وليس معرفة كيف يقلع ويهبط بها. أما بريفوست فيقول: «لم يقل أي شيء من هذا القبيل أبداً، بل انه أخبرني بأنه يريد ان يقلع من مطار هيثرو في لندن ويهبط في مطار جون كيندي في نيويورك، لكنه لم يكن ماهراً ليفعل شيئاً كهذا ولا حتى على نظام المحاكاة». لكن كانت لدى بريفوست ملاحظة مثيرة. فبعد أيام من بداية الدروس، قال بريفوست ان هدفه كمدرب للطيران هو وضع الطالب في وضع يمكنه من قيادة الطائرة في رحلة عبر المحيط في حالة الطواريء «لكنه أجابني بأنه بدلاً من ذلك سيأخذ مظلة ويرمي بنفسه». أعجبت الفكرة بريفوست لكنه قال لتلميذه ان ضغط الهواء داخل حجرة القيادة سيجعل من المستحيل عليه ان يفتح الباب. ثم حكى لموسوي حكاية معروفة بين أوساط الطيارين حول حريق شب ذات مرة بسبب بعض المسافرين على طائرة للخطوط الجوية العربية السعودية باعداد الشاي على موقد غاز في قمرة الركاب، وقال انه حسب ما يذكر كانت الرحلة لمعتمرين في شهر رمضان، وكانت النتيجة موت الركاب الذين لم يستطيعوا فتح الأبواب حرقاً. يقول بريفوست: «سألته حينها عما يعنيه رمضان وما إذا كان مسلماً». لكن موسوي أجاب «أنا لا شيء». يتابع بريفوست: «بدا وجهه وكأنه أحمر، لم يكن ذلك هو رد الفعل الطبيعي على مثل هذه القصة، ثم قلت في نفسي: هيه.. لحظة ما الذي نفعله هنا نحن؟ صحيح انه شاب ظريف، ولكن ليست لديه أي معرفة بالطيران والطائرات. ومن الناحية الاحترافية، علينا ان نختبره أولا. ثم رفع بريفوست تقريراً بهذه الملاحظات الى ادارة بان ام الذين بعد تردد اتصلوا بالـ «اف.بي.آي». وفي 16 أغسطس ألقى رجال الـ «اف.بي.آي» وسلطات الهجرة والجنسية القبض على موسوي قرب مدرسة الطيران ووجهوا له تهمة البقاء في أميركا بعد انتهاء مدة تأشيرة الاقامة الممنوحة له، وشأن الكثير من محتجري الهجرة أقتيد الى السجن المحلي، وحينما بدأ عملاء الـ «اف.بي.آي» التحقيق معه بدا متعاوناً في البداية ومستعداً للحديث. كانت انجليزيته جيدة بما يكفيه للحصول على درجة الماجستير في ادارة الأعمال الدولية من جامعة ساوث بانك في لندن، وتبعاً لأحد محاميه الذين وكلتهم المحكمة للدفاع عنه، فقد واصل التعاون مع المحققين الى ان سألوه عما اذا كان يخطط لعمل ارهابي يتضمن استخدام طائرة. وقال لي المحامي: «كان جوابه هو: أريد محامياً». لكنه لم يحصل على محام. بل وتبعاً للمحامي أوقف المحققون تحقيقهم وقرروا عملياً التعامل مع القضية على انها قضية تأشيرة دخول، (معتقلو قضايا الهجرة غير مخولين بالحصول على محام). غير ان محققي مينيسوتا حاولوا خلال الأيام التالية اقناع ادارة الـ «اف.بي.آي» بالحصول على اذن خاص بمقتضى قانون مراقبة الاستخبارات الاجنبية لاجراء تفتيش سري على كمبيوتر موسوي ومقتنياته الشخصية بناء على اعتقادهم بأنه قد يكون عميلاً أجنبياً. (موسوي كان قد رفض السماح لهم بفعل ذلك). لكن الادارة رفضت الطلب، وهو القرار الذي أصبح محطاً للجدل لاحقاً. ولم تجر أية محاولات اخرى للتحقيق معه أواخر أغسطس وأوائل سبتمبر (رفض المتحدث باسم الـ «اف.بي.آي» في مينيسوتا ان يقول أي شيء لي عن هذا الأمر). ولم يتغير موقف موسوي حتى يوم 11 سبتمبر، حينما اعتبر رسمياً، شأن المئات من المسلمين المشتبه بهم غيره، شاهداً مادياً وأرسل الى نيويورك. وأعلنت التهم الموجهة لموسوي يوم 11 ديسمبر من قبل وزير العدل جون اشكروفت الذي وصف قرار الادانة الذي اتخذته هيئة المحلفين العليا في ولاية فيرجينيا بأنه «يوميات شيطانية». واتهم موسوي «بالحصول على التدريب والتمويل نفسيهما والتعهد بالالتزام نفسه قتل الأميركيين مثل بقية الخاطفين». كما وجهت ضده ست تهم جنائية وهي: التآمر لارتكاب عملية ارهابية دولية، ارتكاب قرصنة جوية، تدمير طائرة، استخدام أسلحة دمار شامل، قتل موظفين حكوميين، تدمير الممتلكات والتهم الأربع الأولى عقوبتها الاعدام. غير ان الدليل الذي قدمته الحكومة حتى الآن لا يخرج عن اطار الأدلة الظرفية، فالبحث في كمبيوتر موسوي ـ وافق الـ «اف.بي.آي» على اعطاء الاذن ظهر 11 سبتمبر ـ لم يثمر شيئاً يشير الى الهجوم أو ربطه به. ويرسم الاتهام لموسوي صورة من قام بنشاطات مشابهة لنشاطات عدد من الخاطفين. فشأنهم اشترى أشرطة فيديو عن لوحة قيادة الطائرات وأمضى شهوراً في مدارس طيران وانضم الى ناد للياقة البدنية. كما قيل ان اثنين من الخاطفين زارا ايضاً مدرسة الطيران في أوكلاهوما قبل عام من دخول موسوي لها. ففي خريف 2000، أعطى موسوي رسالة تفيد انه تلقى تدريباً ليكون «استشاري تسويق» من قبل شركة انفوتيك الماليزية التي أشير في الصحافة الى علاقة مديرها لاحقاً ببعض المختطفين. أما أكثر الادلة وضوحاً في ادانة موسوي بتورطه بهجمات 11 سبتمبر، فهو ان أحدهم باسم أحمد ثابت حول في أغسطس 2002، 14 ألف دولار اليه من محطتي قطارات في هامبورغ ودوسلدورف الالمانيتين. وأحمد ثابت على علاقة برمزي بن الشيبة مسئول الارتباط المعروف في القاعدة والذي أرسل المال ايضاً لواحد من المختطفين على الأقل وحدد في الاتهام انه متآمر شريك لموسوي. وقد حاول أربع مرات ان يحصل على تأشيرة دخول للولايات المتحدة قبل 11 سبتمبر، كما انه زعم في تسجيل له بثته قناة الجزيرة التلفزيونية بعد يوم من الذكرى السنوية الأوؤلى للهجوم بأنه كان يفترض ان يكون الخاطف العشرين. ويشير الاهتمام ايضا، الى ان موسوي وابن الشيبة كانا في لندن في وقت واحد من ديسمبر 2000 قبل مغادرة موسوي الى باكستان مباشرة، وتقول نظرية الحكومة ان مشاكل حصول ابن الشيبة على تأشيرة دخول الولايات المتحدة اجبرت الهجمات على الالتفات لموسوي. واستطاعت الشرطة الالمانية بعد عمل متقن ان ترفع بصمة ابن الشيبة من على وصل دفع حوالة باسم احمد ثابت عبر وسترن يونيون الى موسوي مما ادى للاعتقاد بأن الاثنين كانا شخصية واحدة بالفعل، غير ان الالمان ما كانوا راغبين في اعطاء هذه المعلومة لوزارة العدل الاميركية، فليست هناك عقوبة اعدام في المانيا، والسلطات الالمانية، شأن نظيرتها الفرنسية ترفض التعاون في اي عملية قضائية يمكن ان تؤدي الى اعدام متهم. وقبل مدة قالت السلطات الباكستانية انها اعتقلت ابن الشيبة بعد مطاردة دامت عاماً وذلك عقب اشتباك مسلح معه، واعتقاله زاد من تعقيد محاكمة موسوي، وقد سلم الى الاميركيين للتحقيق معه في قاعدة عسكرية بقيت سرية ويتوقع ان يدفع به لاحقا الى محكمة عسكرية، ويقول يوجين فيدل الخبير في القضاء العسكري: انهم يستعدون للمحكمة، لكن الامر سيستغرق شهوراً خصوصاً اذا كان لدى ابن الشيبة اشياء جديدة، كما ان كلا الطرفين يحتمل ان يطلب التمديد.. وقد حدد يناير المقبل موعداً لانعقاد المحكمة التي سيترأسها القاضي ليوني برنكيما من المحكمة المحلية الاميركية في مدينة اكسندريا بولاية فيرجينيا، وبالتأكيد سيسعى فريق الدفاع عن موسوي الذي لم يسمح له حتى الآن بمقابلة اي اسرى من القاعدة سيسعى بالتأكيد للحصول على شهادة ابن الشيبة كما يقول ادوارد مكماهون احد محامي موسوي، اما فيدل فيقول «سيواجه برنكيما لحظة الحقيقة. انها اكثر مقامرة خطورة يمكن لنا ان نتخيلها». واذا بنت الحكومة دعواها على التشابه بين تحركات موسوي وتحركات الخاطفين المعروفين فإن عليهما ان تواجه الحقيقة القائلة انه على الرغم من ولائه للقاعدة وزعيمها اسامة بن لادن، مثل الآخرين، فإن سلوكه في اميركا كان مختلفاً على نحو جذري عن سلوكهم، فقد وضعت الحكومة يدها على أدلة تثبت تبادل البريد الالكتروني واجراء الاجتماعات بين الخاطفين التسعة عشر، لكنها لم تجد اي دليل يثبت اي اتصال او اجتماع بين اي منهم وموسوي. وكان المختطفون يحاولون العيش والتصرف بالطريقة الاميركية ـ مثل شرب الكحول في البارات على سبيل المثال، اما موسوي فظل طوال اقامته في اوكلاهوما انعزالياً الى حد كبير وكان غامضاً بخصوص عقيدته الاسلامية، بل انه انتقد رواد مسجد في نورمان لعدم غضهم الابصار حين الحديث مع النساء ولفرجتهم على فتيات التشجيع الراقصات للاندية الرياضية في المباريات، وقال فرانك دونهام المحامي الاتحادي العام المسئول عن فريق الدفاع عن موسوي: «كان يتجول محيطاً نفسه بهالة من الضبابية اينما ذهب، لم يكن يسمح لاحد بمراقبة تحركاته بأي وسيلة». فيما يصفه محام آخر موكل بالدفاع عنه: «كان يشمر عن اصوليته دوماً ويدخل في الجدل دوماَ». وكان اشكروفت قد اعلن يوم 28 مارس انه طلب من بول مكنالتي المدعي العام عن شرق فيرجينيا ان يطلب عقوبة الاعدام لموسوي. واذا ما ادانته المحكمة فإن على هيئة المحلفين حينها ان تسمع مرافعات الادعاء والدفاع في الحكم في جلسات خاصة بالعقوبة، وفي اشارة الى نوايا الحكومة وتلخص ما ستحاجج الحكومة به كتب مكنالتي قائلاً ان عقوبة الاعدام ستكون مضمونة لان موسوي وان لم يكن حاضرا بين المهاجمين يوم 11 سبتمبر، إلا انه شارك عمداً وعن سبق الاصرار والتصميم في هذا العمل «بشكل دنيء وقاس وخسيس» و«بدون الاكتراث بحياة البشر». وفي سعي وزارة العدل للحصول على اعدام الموسوي، فقد وضعت معايير قوية لاتهاماتها، اذ اتهمت موسوي بالتورط على مستوى يجعله مطلعاً مسبقا على خطط الهجوم وعلى مدى ونوايا المهمة الهجومية وضمن هذا المنظور يصبح المتهم مؤهلاً لاحتلال موقع «الخاطف رقم 20» ويصبح بالتالي خاطفاً فعلياً في كل شيء إلا في مرحلة التنفيذ الاخيرة ولم يمنعه من تنفيذ نواياه هذه سوى الاعتقال وربما تتوفر للحكومة التي تتابع ملاحقة عناصر القاعدة حول العالم والتحقيق مع من وقع في يدها ـ ربما تتوفر لها معلومات جديدة خلال مجريات المحاكمة، لكن حتى الآن لا يوجد دلائل مسجلة عملياً عما يمكن ان يكون موسوي قد فعله لانجاح المؤامرة. وقد ذكر لي مسئول من وزارة العدل ان الحكومة وهي تعرض دعواها امام المحكمة ستؤكد على «الرعب غير المعقول الذي شوهد ذلك اليوم وما تلاه. واضاف ان المحققين يتوقعون ان محامي موسوي سيحاولون «التقليل من شأن موكلهم وقربه من منفذي الهجوم» والمحاججة بأنه كان «عديم الشأن» لكن المسئول يقول ايضا: ان كل شيء نعرفه يشير الى علاقة موسوي بالهجوم وهذا بحد ذاته يملأ مجلدات، ولانه لا يوجد ما يمكن مقارنته بهذه الجريمة، فإنها جريمة تاريخية، ان الطريق الذي سلكه موسوي هو جوهر القضية، وفي نهاية المطاف ستسمع المحكمة ادلة تدعم القصة التي يقولها الاتهام. كما ذكر لي المسئول في وزارة العدل انه في الشهور التي تلت الهجمات لم تكن هناك اي فكرة عن التوصل لصفقة مع موسوي او لتخفيف التهم الموجهة اليه بحيث يمكن اثباتها بالدليل، وقال انه في ذلك الوقت كان الجمهور والحكومة ينظرون للنظام القضائي الجنائي ليفعل ما هو مصمم لفعله وهو توفير بعض العدالة مقابل جريمة مروعة. اما مسئولو المخابرات المتشككون في دعوى الحكومة فأكدوا لي انهم لا يعتقدون ان موسوي كان بريئا بل يعتقدون انه حافظ على اتصال وثيق مع القاعدة كما تشير لذلك الدفعات التي اتته من ابن الشيبة كما أتى للولايات المتحدة ليستعد لاحداث ضرر هائل حين الطلب اليه ذلك، ويعتقد البعض ان موسوي يمكن ان يكون قد عرف بشكل ذاتي بعض التفاصيل عن خطط الهجوم بالطائرات وامل ان يشارك به، وعلى الاغلب حدث ذلك في مسجد شمال لندن. لكن حتى الآن لا يوجد دليل واحد ولو على مكالمة هاتفية واحدة تلقاها من أي شخص متهم. هذه التوازنات ما زالت بحاجة الى حسمها في قضية موسوي. فلازال حتى الآن الرجل الوحيد الذي تمكن ادانته في محكمة اميركية بمقتل قرابة ثلاثة آلاف اميركي، وبعد عام واكثر من العمل الاستخباراتي المكثف، ما زال على الوكالات الاستخبارية الاميركية ان تكشف عن اي شبكة دعم يمكن ان تكون موجودة فعلا، والتي يعتقد الكثير من المحققين انها لابد وان تكون قد ساعدت مختطف الطائرات يوم 11 سبتمبر داخل اميركا. ولايزال محامو موسوي وبعض مسئولي الإف. بي. آي مرتبكين من عدم مقدرة الحكومة حتى الآن على محاولة التوصل لصفقة استرحام، وقال لي فرانك دونهام الذي كان محققا في شمال فيرجينيا قبل ان يصبح المدعي العام: «لم اطلع على دعوى تآمر حتى الآن لم تحاول فيها الحكومة معرفة ما إذا كان لدى المتهم اي معلومات ومعرفة ما إذا كان هناك المزيد من التآمر». وأي حديث عن صفقة كهذه يتوقف على استعداد اشكروفت لنسيان عقوبة الاعدام، مقابل تعاون المتهم، وهي شيء يقول الكثير من المسئولين أنه ليس مستعداً لفعله. فقد قال لي مسئول الاف بي آي الرفيع: «لقد اعقبت العدالة. انه امر محبط جداً. أما الآخرون من المطلعين على القضية فيعتقدون ان الحكومة وببساطة قد اشتطت. ربما كان من الممكن القول ان موسوي على علاقة مؤكدة بالقاعدة، الا ان اهميته الحقيقية للولايات المتحدة هي كشاهد وليس كمرتهن بدلاً عن المختطفين الآخرين الذين اصبحوا خارج نطاق المقدرة على معاقبتهم، لكن هذه الفرصة قد بيعت بحكم قضائي من العيار الثقيل يكون مرضيا على المستويين العاطفي والسياسي. وقد قال لي احد مسئولي الاف بي اي السابقين ان «اعتقال موسوي كان اعتقالاً ظرفيا بالمطلق. لقد رموا بشبكة كبيرة في هذا البحر وتصادف ان اصبح هذا الشاب سمكة صغيرة الشأن علقت بها انهم يعرفون هذه الحقيقة الان. ولا احد سيتأنى». كما قال لي مارتين سابيلي، المدعي العام السابق، الذي وافق على طلب موسوي تمثيل نفسه في المحكمة بدلاً من المحامين: «يقف هذا الرجل متهما باحدى اسوأ الجرائم في تاريخ اميركا. وهذا النوع من القضايا هو بالتحديد الذي يجب ان يكون فيه على اقصى درجات الحذر والتأكد من ان عملية المقاضاة تتضمن فعلاً خصوما، وليس جالوت من جانب وداود الاعزل من جانب آخر. من الواضح ان موسوي غير مؤهل لتمثيل نفسه في المحاكمة لانه لا يبدو مدركاً اسس التهم الموجهة اليه، الا اني اخذت اشعر بأننا كلنا اكثر جنونا منه ـ أي أننا غير مؤهلين لتشغيل نظام قضائي تكون ارواح الناس فيه على المحك. فعلى الرغم من كل خبراتنا وحرفيتنا، قد ندفع بهذا الرجل لسوق نفسه نحو الموت من اجل تهدئة فزعنا الناجم عن الاحساس بالضعف وسهولة المآخذ». ترجمة: جلال الخليل عن «نيويوركر»

Email