الحرب الوقائية ليست في مصلحة أميركا، هولبروك : العداء الشخصي بين شرويدر وبوش سبب الأزمة بين البلدين

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاربعاء 3 شعبان 1423 هـ الموافق 9 أكتوبر 2002 اجرى محرر وجهة نظر عالمية في خدمة لوس انجلوس تايمز حوارا مع ريتشارد هولبروك السفير الاميركي السابق لدى الامم المتحدة والمانيا تحدث فيه عن تأثير سياسة بوش الرامية الى اعتماد نهج الضربات الوقائية على المصالح الاميركية وتناول ابعاد تأزم العلاقة بين المانيا واميركا على خلفية العداء بين بوش وشرويدر، وفيما يلي نص الحوار كاملا: ـ لقد صاغت ادارة بوش الآن سياسة ما بعد 11 سبتمبر في قالب مبدأ امني جديد يدعو الى «الهجوم الوقائي» واخذ «زمام المبادرة» في شن الضربات ضد الارهابيين او الدول المعادية المتعاطفة معهم ماذا تفهم من ذلك؟ ـ ان مفهوم اخذ زمام المبادرة في الهجوم دفاعا عن النفس عندما يكون البلد في مواجهة خطر محدق ليس بالمفهوم الاستثنائي وبالتأكيد ان شن ضربة وقائية ضد هتلر في عام 1936 كان يمكن ان يحول دون وقوع مأساة اكبر. لكن بالنسبة للولايات المتحدة ـ البلد الاقوى في العالم والذي يمتلك وسائل دفاع عن النفس اكثر من اي بلد آخر ـ ليس من الحكمة الاصرار على حق الهجوم احترازيا بهذه الصورة الشمولية فهذا يستثير الرأي العالمي ضدنا وهو ينقل الجدل برمته من محور قضية تهديد صدام حسين الى محور الحديث عن حق عام يمكن تحريفه والتلاعب به، وفي حين انه من واجب أي رئيس التحرك للدفاع عن بلده، فان سياسة «الضرب اولا» لا ينبغي ان تطرح كمفهوم امني جوهري للولايات المتحدة. ـ اذا كنت لاتؤمن باعتماد سياسة شاملة للضربات الوقائية فما رأيك باعتماد هذه السياسة في التعامل مع العراق على وجه التحديد؟ ـ ان التحرك الجماعي ضد نظام ينتهك وبشكل فاضح الارادة الدولية مجسدة في مقررات مجلس الامن هو تحرك مشروع لا يشكل ضربة وقائية انه تحرك يهدف الى استخدام القوة لفرض قرارات مجلس الامن التي ينتهكها صدام حسين والولايات المتحدة لن تعمل بمفردها بل جنبا الى جنب مع البريطانيين والاتراك وآخرين. ومن المؤسف ان استراتيجية بوش السياسية حيال العراق تتأثر سلبا بتركيزه على هذه السياسة الوقائية الجديدة. ـ لديك خبرة كبيرة في الامم المتحدة وتعرف اللاعبين الاساسيين وحاليا ينقسم الاعضاء الدائمون الخمسة في مجلس الامن حول مشروع قرار جديد بخصوص العراق، كيف سيتم تمرير القرار برأيك؟ ـ في الامم المتحدة، ستقف بريطانيا الى جانب الولايات المتحدة. وستقف الصين جانبا، اما الروس فهم لايكترثون لصدام او للعراق باستثناء انهم يريدون نظاما مستقرا بعد الحرب يحمي مصالحهم الاقتصادية واعتقد انهم في نهاية المطاف سيتعاونون مع الولايات المتحدة اذا ضمنت لهم هذه المصالح. وحالما تتفق روسيا مع اميركا ستتبعها فرنسا، وانا لا اتصور انهما سيلجآن الى استخدام الفيتو لايقاف قرار مجلس الامن. لكن اذا فشل مجلس الامن في الخروج بقرار فان في انتهاك العراق للقرارات السابقة مبررا كافيا للتحرك العسكري ضده من قبل «تحالف يضم من يمتلكون الارادة» ـ بريطانيا وتركيا ودولة او دولتين خليجيتين. وفيما يتعلق بفرق التفتيش فلقد نالت فرصتها من قبل، حين خدعها العراق واجبروا المفتشين علي الرحيل، وحتى هانز بليكس، كبير المفتشين الجديد، يجادل بأنهم لايستطيعون العودة مجددا الى العراق والقيام بمهامهم في اي مكان واي زمان دون اي تدخل او تأجيل من قبل السلطات العراقية. ومع ذلك يجب ان يكون هذا هو مطلب الولايات المتحدة، لتعرية حقيقة ان صدام لاينوي التعاون، خصوصا انه يعتمد اسلوب الانتظار حتى اللحظة الاخيرة لتقديم انصاف تنازلات لكن من يدري؟ لذلك فانني اؤيد فكرة اعطاء فرق التفتيش فرصة اخرى. لكنني لا اعتقد ان ادارة بوش سوف تسلك هذا الطريق ومن المرجح انها لن تتحلى بهذا القدر من الصبر. واتمنى من اعماقي ان تدرك القوات المسلحة العراقية ان قوتها الآن لاتتجاوز ثلث ما كانت عليه قبل 12 عاما، في حين ان القوة الاميركية اصبحت اكثر دقة بكثير مما كانت عليه في حينها، آمل ان يدركوا ان ليس لديهم اي فرصة في هذه الحالة وان افضل شيء للعراقيين هو القضاء على ديكتاتورهم بأنفسهم الان، قبل ان يفوت الاوان. ـ هل من المفاجيء انه غالبية جمهور الناخبين الالمان ينزعون الى السلام ومناهضة اللجوء الى الحرب ويظهرون ذلك في صناديق الاقتراع، علما ان الولايات المتحدة نفسها امضت 50 سنة في محاولة جعلهم يتحلون بهذه السمة النازعة للسلم؟ ـ في عام 1994 سمحت المحكمة الالمانية العليا للالمان بنشر قوات عسكرية خارج بلدهم لاول مرة منذ عام 1945 كانت تلك خطوة هامة للغاية في البوسنة وكوسوفو، والآن في افغانستان وخلال بضعة شهور، ستتولى المانيا قيادة قوى حفظ السلام الدولية الموجودة هناك. كانت هذه كلها حالات هامة استدعت اعادة انضمام المانيا الى المجتمع الدولي بطريقة مسئولة، بعيدة عن النزعة الساذجة لرفض اللجوء الى الحرب تحت اي ظرف. ومن سوء الحظ، ان قضية العراق ارتقت الى سلم الاولويات خلال حملة الانتخابات الالمانية التي لايمكن فيها مناقشة الفوارق الدقيقة في السياسات وهكذا وصلنا الى مرحلة نشهد فيها عداء، شخصيا بين المستشار الالماني المنتخب ثانية والرئيس الاميركي. ولا يمكن التغلب على هذا الوضع الآن الا من خلال اعادة تأكيد كلا البلدين على الروابط القوية التي تربطهما. ولاحظت ان وزير الخارجية يوشكا فيشر كان دائما اكثر ايجابية من شرويدر في مواقفة تجاه الولايات المتحدة خلال الحملة الانتخابية وتربطه علاقة ممتازة بوزير الخارجية الاميركي كولن باول. ـ هل العلاقة بين البلدين «تسممت» كما اشار كل من وزير الدفاع الاميركي دونالد رامسفيلد ومستشارة الامن القومي كوندوليزا رايس؟ ـ لايمكن الجزم بان العلاقات الثقافية الاميركية الالمانية مسممة فالبدان متقاربان بصورة استثنائية وهما شريكان تجاريان كبيران وهناك صلات وثيقة بين صناعاتهما، كما في حالة «دايملر كرايزلر» و«بيرتلزمان» ويعمل حوالي 600 ألف اميركي في شركات مملوكة لالمانيا والعكس بالعكس هذه الروابط التجارية والثقافية لم تضعف كما ان البلدين يتعاونان في افغانستان والبلقان. ـ اذن فالأزمة الراهنة مجرد مطب سياسي على الطريق وليس جزءا من صدع متسع بين اوروبا والولايات المتحدة ليس فقط بخصوص العراق بل ايضا فيما يتعلق بمعاهدة كيوتو والمحكمة الجنائية الدولية؟ ـ هذه ليست ازمة اساسية، لكنها مشكلة خطيرة لانها شخصية جدا، ان اضفاء الطابع الشخصي على السياسة كما في حالة يلتسين وكيلنتون او بوش وبوتين يمكن ان يكون ايجابيا جدا، لكن احيانا يمكن ان يؤدي الى توجهات سلبية، كما هي الحال الآن في المانيا. خدمة « لوس انجلوس تايمز» خاص لـ « البيان

Email