عامان مرا .. المراقبون :تل أبيب اجتازت كل الخطوط الحمراء

ت + ت - الحجم الطبيعي

الثلاثاء 24 رجب 1423 هـ الموافق 1 أكتوبر 2002 عامان مرا، والرجل الذي اشعلت زيارته الى الحرم عود الثقاب هو اليوم رئيس حكومة اسرائيل. الرجل الذي كان آنذاك رئيس الحكومة هو اليوم محلل مناسب للاحداث. الرجل الذي كان رئيس السلطة الفلسطينية يجلس وحده في مبنى شبه مدمر، محاطا بجرافات الجيش الاسرائيلي كل ما بقي منه ومن الدولة المقبلة يتولى رئاستها هو الرمز الذي تسعى اسرائيل الى اجتثاثه بواسطة كف جرافة دي ـ 9.مر عامان، وعرب 1948 يتظاهرون ثانية ولكن بحذر. في كفر مندا تجري مظاهرة كبيرة ولكن الاحاسيس التي تفجرت آنذاك حل محلها الخوف والغضب. كفر مندا ليست فقط احدى القرى التي قتل ابناؤها في مظاهرات أكتوبر 2000 بل أيضا رمزا لاشياء تغيرت منذ ذلك الحين: انها تظهر على الدوام في قمة البلدات التي تستشري فيها البطالة في اسرائيل. عامان مرا، واللجنة التي تحقق في الاحداث لم تنه عملها بعد ولكن كل الدلائل على الانفجار المقبل ـ انتهاك الوعود، الاهمال والظلم، النظر الى عرب 1948 بالمنظار الامني وعملية انفصالهم عن اسرائيل ـ كل هذه الدلائل واضحة واكثر حدة مما كانت. في المظاهرة خطب توفيق الطيراوي بواسطة الهاتف الخلوي. في هذين العامين، باستثناء عرفات ـ استبدلت اسرائيل قوائم المطلوبين لها في الصباح والمساء. من كانوا امس مفاوضين شرعيين وآمال للمستقبل يمثلون اليوم امام المحاكم ويعتقلون على الحواجز. في الوقت نفسه ترتفع هيبتهم وسط الفلسطينيين: بعد أن ظهر مروان البرغوثي كشخصية، اكثر شعبية في المناطق بعد عرفات. عاما مرا، وكل الخطوط الحمراء تم اجتيازها، من يتذكر انه في الاشهر الاولى اعتبر الدخول الى المنطقة (أ) من قبل شخص ما أمر خطير ومحظور. من يذكر التحذيرات مما قد يفعله العالم ويفعله الفلسطينيون اذا دخلنا الى المدن وأعدنا احتلال مخيمات اللاجئين ونستعيد السيطرة على الضفة الغربية كلها ـ الاحتلال عاد بصورة كاملة، فقط بدون المسئولية المنبثقة، على مصير ملايين الاشخاص الذين يعانون من الجوع والبطالة. عامان مرا، وفي قلوب الطرفين يتغلب اليأس والرغبة بالانتقام على التحليل السياسي البارد. الادمغة تعرف الحقيقة التي لا مناص منها ـ اكثر من ثلثي الاسرائيليين والفلسطينيين يؤيدون التسوية نفسها التي تقام فيها دولتان لشعبين وانسحاب الى ما يقارب حدود 1967. والاغلبية الحاسمة الاكثر، من الطرفين تريد العنف الاشد ازاء الطرف الاخر. الاسرائيليون والفلسطينيون يؤمنون بأن الخصم يفهم فقط لغة القوة، ومقتنعون بان زعيم الشعب الجار هو قاتل، متعطش للدم، ويرون كل بصيص أمل شيء يجب نسف النفق عليه. عامان مرا، وكبار المطلوبين اليوم كانوا سمكا صغيرا حين بدأت حملة التصفية ولا تزال اجهزتها مقتنعة اليوم ان الوسيلة لاخضاع الارهاب هي قتل قادته. العمليات فقط تزيد من الحزم الاسرائيلي ولا يزال معظم الفلسطينيين يفكرون بان اسرائيل سوف تستسلم للعنف. ان جهود التدمير الكبيرة التي يبذلها الطرفان لا تسفر عن شيء، ولكن لا احد يطرح بديلا عن الدمار. عاما مرا، ولا يزال لا يوجد لهذه الحرب اسم ولا مضمون ولا تحديد هدف او غاية للانتصار. الطرفان يتحدثان عن تلقين الطرف الآخر درسا، و «استرجاع حقوقنا» وباقي الامور البسيطة التي تضمن ليس فقط ان تكون الطريق طويلة ودامية اكثر مما يمكن ان تكون: الفلسطينيون جوعى والاقتصاد الاسرائيلي في أزمة. هنا وهناك يتحدثون عن الهجرة وهنا وهناك لا يجدون لهذا الكلام افقا سياسيا حقيقيا.عامان مرا، والامر الوحيد الذي تغير حقا هو حياة مئات الاسرائيليين واكثر من ألف فلسطيني قتلوا في عمليات عدائية. عن «يديعوت أحرونوت»

Email