الأبنودي: قصائــدي تنبأت بما يحدث منذ 35 عاماً

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

الحوار مع شاعر بحجم عبدالرحمن الأبنودي، ليس بحاجة إلى مقدمة، فيكفي أن يذكر اسمه ليستدعي إلى ذاكرتنا، عشرات القصائد والأغاني التي لا تزال تتردد إلى اليوم، بدءاً:"من عدى النهار".. مروراً بـ"بحلف بسماها وبتربها"، وانتهاء بقصيدته الأخيرة: "ضحكة المساجين"، التي قدمها المغني، علي الحجار.

 قبل أن نتحدث في السياسة والأدب والشعر.. من الذي أطلق عليك لقب "الخال"؟

حقيقة أنا لا أعرف من هو تحديداً، ولكني أحب هذا اللقب جداً، رغم أنني أجهل مصدره، وفوجئت عندما وجدت الجميع ينادوني "يا خال".. وأنا في قمة سعادتي به، وأحبه كثيراً، فالخال هو الوالد كما نقول، وما أجمل أن يناديني الناس بـ"الوالد".

 «أحلام»

كيف استطاعت قصائدك السياسية، التي كتبتها منذ أكثر من 35 عاماً، أن تعبّر عن الأحداث والمتغيرات السياسية الحالية؟

كل قصائدي التي كتبتها، منذ الستينيات والسبعينيات في القرن الفائت، كانت بالنسبة لي "أحلام".. كنت أحلم فيها بالثورة الحقيقية التي تصنع الوطن، وتضعه في أفضل صورة له؛ لذا عندما يقرأ الجمهور قصائدي التي كتبتها في السبعينيات من القرن الـ20، على سبيل المثال، يتلمس فيها ما يحدث حالياً، إذ كتبت ما حلمت به، وحلمت بما كتبت.

 بين الكل والجزء

إذن، معنى هذا أن أحلام الخال، بدأت في التحقق في الوقت الحالي، خاصة بعد أن تحققت الثورة التي طالما حلمت بها؟

بالطبع لا.. دائماً أقول إن قصائدي بها حلم الثورة، ولكن ليس معنى هذا أن حلمي تحقق، وأخشى ما أخشاه أن لا يتحقق أبداً، ولكن يمكنني القول إن جزءاً صغيراً من أحلامي تحقق، فثورة الخامس والعشرين من يناير كانت جزءاً من الحلم، وليس كله.

 مصر أولاً وأخيراً

شباب الثورة رددوا قصائدك بغزارة منذ اندلاع الثورة وحتى اليوم.. ما تعليقك؟

ذلك لأنهم وجدوا أنها تشبه ما يحدث الآن، بل وجدوا فيها "الآن" بكل تفاصيله، رغم أن هذه القصائد التي يرددونها، مر عليها ما يزيد على 35 عاماً، إلا أنها تحكي الواقع الحالي، بدرجة تصل إلى المطابقة؛ لأن الحلم واحد: هو مصر والثورة.

* لكن البعض يستخدم بعض قصائدك في غير موضعها للاستشهاد بها سياسياً.. ألا تعد ذلك "تلفيقًا أو تزويرًا"؟

ليس بهذا المعنى.. أنا كتبت هذه القصائد في زمن مختلف ووقت مختلف ومكان مختلف أيضاً، فهذا الزمن وهذا الوقت وهذا المكان، مر عليهم سنوات. والبعض يدعون، راهناً، أنني كتبت هذه القصائد مع اندلاع ثورة 25 يناير.. صحيح أن هذه القصائد تتماشى مع بعض الأحداث تماماً، إلا أنهم لا يجب أن يقولوا إن هذه القصائد آخر وأحدث ما كتب الأبنودي، فهذا "تلفيق".

 تصويب

هل تقصد "قصيدة المتهم" التي كتبتها منذ 30 عاماً، والتي تنولت على أنها كتبت من أجل الشهيد خالد سعيد؟

نعم، هي وغيرها من القصائد؛ أقصد كل القصائد التي كتبتها في الماضي، وقالوا عنها إنها وليدة الحدث الحالي.

انطلاقاً من هذا، هل يمكننا القول: إن قصائدك القديمة، منذ 35 عاماً، تنبأت بالمستقبل السياسي في مصر؟

ليس تنبؤاً بالمعنى القريب، ولكنه كما قلت الحلم الذي كنت أتمنى أن يتحقق، فطالما حلمت بحلم الثورة الحقيقة التي تُسقط الفاسد، وأن يكون الشعب هو صاحب الإرادة والقوة فيها، ولم يكن هذا حلمي بمفردي، كان حلمنا جميعًا؛ لذا فإن قصائدي لامست قلوب الثوار الذين شعروا بأنها تصف المشهد الحالي، رغم أنها كتبت في الماضي.

 اختلفا

لم تكن ثورة 25 يناير، الأولى التي شهدها الخال، إذ خبرت وعايشت، من قبل، ثورة 1952، فهل ترى ثمة تشابه بين الثورتين؟

إطلاقًا - فالأولى بدأت بثورة وانتهت بانقلاب، أما الثانية فبدأت بانقلاب أدى إلى الثورة؛ وأسباب الثورتين مختلفة.

شهدت ثورتين وتنبأت بالثالثة.. لماذا؟

لم أتنبأ بوقوع ثورة ثالثة فقط، بل ثورات رابعة وخامسة وسادسة أيضاً، فأنا أعتقد أن هناك ثورات كثيرة ستشهدها الساحة السياسية في الفترة المقبلة، وهذا نتيجة الانقسامات الكثيرة والمتعددة التي نراها الآن بوضوح.

 «ليست قصيدتي»

وما قصة قصيدة "انزل للميدان" التي أثارت جدلاً على صفحات مواقع التواصل الاجتماعي أخيراً، عقب أن نسبت إليك؟

فوجئت بأن بعض الأشخاص والشباب تداولوا القصيدة على أنها قصيدة لي، رغم أنها ليست كذلك، فأنا لم أكتبها، ولكنهم وجدوها تناسب الظرف التي حدث وقتها، وهو الحكم بالبراءة على المتهمين في موقعة الجمل؛ لذا نسبوا إليّ هذه القصيدة، وقالوا إنني كتبتها لأحثهم على النزول إلى الميدان، اعتراضاً على هذه الأحكام، وهذا تلفيق؛ لأن القصيدة ليست قصيدتي من الأساس.

تشاؤم

ما آخر قصيدة سياسية كتبها "الخال" لمصر؟

"ضحكة المساجين" هي آخر قصائدي وأحدثها، وغناها الفنان علي الحجار أخيرًا، وتقول أبياتها:" تغازل العصافير.. قُضبانها زنزانة لأجلَك كارهة سجّانها.. دُوق زيّنا حلاوة الزنازين.. على بُرشَها.. بتمِدّ أطرافك.. سجّانك المحتار في أوصافك.. مهما اجتهدْ ماحيعرف أنت مين".

وكيف يرى الخال مصر، حالياً، بينما مرّ على الثورة ما يقرب من عامين؟

للأسف، كل ما تمنيته لهذه الثورة لم يتحقق، وكنت أتمنى أن يتحقق، وأن أرى الثورة كما حلمت بها في أشعاري وقصائدي، فمصر لا تزال "دولة العواجيز"، وكنت أتمنى أن لا تبقى هكذا؛ لذا كتبت وقت اندلاع الثورة "ارحلي يا دولة العواجيز".. وهذه أحد أحلامي، ولكن للأسف العواجيز باقون.

وللأسف، شريحة كبيرة من الشعب المصري وراء بقاء دولة العواجيز؛ لأن هذه الشريحة هي التي أتت بهم من جديد، وأبقتهم في الحكم.

اتفقنا على أن الساحة السياسية، في الوقت الحالي، يقف عليها ائتلافات وانقسامات عديدة، فأي من هذه الانقسامات يؤيدها الخال؟

بغض النظر عن التيارات الموجودة في الساحة، وبغض النظر عن كل الصراعات التي أسفرتها الانقسامات، فأنا دائماً سأكون من التيار المعارض؛ لأنه الناطق بحال الشعب وهو المراقب.

 

 

 

بطاقة

 

عبد الرحمن الأبنودي. شاعر مصري، من أشهر شعراء العامية. ولد في عام 1938م، في قرية أبنود بمحافظة قنا في صعيد مصر، لأب كان يعمل مأذوناً شرعياً. وهو الشيخ محمود الأبنودي، وانتقل إلى مدينة قنا، حيث استمع إلى أغاني السيرة الهلالية التي تأثر بها. ومن أشهر كتبه: (أيامي الحلوة). ومن بين دواوينه الشعرية: الأرض والعيال، الزحمة، أنا والناس، صمت الجرس .

 

Email