فرط التعرق مشكلة تؤرق الكثيرين

فرط التعرق مشكلة تؤرق الكثيرين

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

يعاني بعض الأشخاص من مشكلة فرط التعرق الشديد، وخاصة في اليدين، وتحت الإبط، والأرجل مما يسبب إحراجاً اجتماعياً كبيراً لهم، عند مصافحة شخص ما أو عند خلع الحذاء نتيجة وجود رائحة، أو ترك بقع بيضاء على الملابس بعد جفاف العرق نتيجة وجود الملح، وقد يكون هذا العرق نتيجة تناول نوع معين من الطعام يحتوي على كم هائل من البهارات والتوابل، وقد يحصل نتيجة وجود مرض معين في الجسم.

لأخذ فكرة أوسع عن الموضوع التقت (الصحة أولاً) الدكتورة سوسن الملا اختصاصية أمراض جلدية، والدكتور قدري بري اختصاصي أمراض باطنية للتعرف على الأمراض التي يسببها فرط التعرق على الجلد وعلى الجسم بشكل عام حيث كان هذا الحوار:

* ما هي أسباب فرط التعرق؟

- توجد أسباب أولية تكون غير معروفة وأسباب ثانوية نتيجة وجود مرض مثل خلل في الغدة الدرقية، أو ارتفاع الحرارة، أو الغدد الصماء، أو وجود أنواع معينة من السرطان مثل سرطان الغدد اللمفاوية، أو أمراض نفسية، أو هبوط السكر، أو الإفراط بشرب الكحول، أو داء النقرص، وقد يصيب العرق الشخص بعد التقيؤ، أو بعد لعب الرياضة، أو أثناء التوتر والقلق، أو عند تناول بعض أنواع الأدوية مثل أدوية الاكتئاب، الأعصاب، والتعرق بشكل عام يكون نتيجة أسباب أولية غير معروفة ويصيب 1% من الناس.

أما الدكتور فكري فقال إن الغدد العرقية تنتشر بكامل أنحاء الجسم ما عدا حلمتي الثديين وبعض الأعضاء الجنسية ولدى كل واحد منا ما يقارب 2,5 مليون غدة درقية وتبدأ عملها منذ الولادة ويتحكم بها الجهاز العصبي الودي، والهدف من التعرق تنظيم جهاز الحرارة بالجسم، ويبدأ عادةً في منطقة الجبهة ثم يمتد للأسفل، أما التعرق الناجم عن الاضطراب العاطفي مثل الخوف، الخجل، فإنه يبدأ في راحتي اليد، والقدمين، وبعدها تحت الإبط ومن ثم ينتقل إلى باقي أنحاء الجسم.

وهناك نوعان من الغدد الدرقية وهي الغدد المفرزة للعرق العادي وهي تغطي معظم مساحة الجسم ما عدا منطقة الإبطين، والجهاز التناسلي، ويتكون العرق من 99% ماء مع بعض أملاح الصوديوم، وفيتامين (سي)، وعلى حمض الأمونيا، وبعض المواد القاتلة للجراثيم، وأجزاء من السيولة الدموية، ويعتمد التركيب الكيماوي للعرق عادةً على الوراثة والغذاء الذي يتناوله الشخص، والنوع الثاني من الغدد هي التي تكون تحت الإبط وفي المنطقة التناسلية حيث تفتح قنوات هذه الغدد على البصلات الشعرية.

وتحتوي إفرازاتها على مواد دهنية وبروتينية إضافة إلى ما سبق، والعرق لا رائحة له أنما الرائحة تتكون نتيجة عمل البكتيريا على المواد العضوية التي يحتويها العرق وهذه الغدد لا علاقة لها بتنظيم الحرارة.

* ما هي الأمراض التي يسببها العرق؟

- أكثر الأمراض تكون داخلية ولا تظهر، لكن يمكن أن يسبب مرضاً يؤثر على الجلد والأظافر ويبدو مظهرها غير طبيعي.

وقال الدكتور فكري إن فرط التعرق يضع المصاب تحت ضغط نفسي واجتماعي كبير، فقد لا يستطيع لمس الأوراق أو الكتابة إذا كانت كفاه مبللتين نتيجة وجود العرق، إضافة لوجود رائحة وكل هذا يؤدي بالمصاب إلى فقدان عمله وتجنبه الاختلاط بالناس والمجتمع المحيط به، كما أن فرط التعرق قد يساعد على نمو الجراثيم والفطريات على الجلد.

* هل التعرق صفة وراثية؟

- العرق ليس وراثة، لكن يمكن أن يصاب الشخص العرق نتيجة مرض وراثي مثل السكر، أو السرطان، أو أمراض الغدة الدرقية.

* هل تبدأ الإصابة منذ الصغر أم عند الكبر؟

- لا يوجد سن محددة للإصابة، لذا يمكن أن تبدأ في الصغر وتتطور الحالة مع التقدم في السن.

* هل يحدث التعرق عندما يوجد خلل في الهرمونات؟

- نعم، خاصة إذا كان يوجد خلل في الغدة الدرقية.

* ما هي أكثر الأماكن تعرقاً في الجسم؟

- اليد، وتحت الإبط، والقدمان هي أكثر الأماكن التي تسبب إحراجاً للشخص، لأن اليدين تكونان مبللتين دائماً، وتحت الإبط بعد أن يجف العرق تبقى بقعة بيضاء نتيجة العرق، وينتج عن عرق القدمين رائحة كريهة، ويمكن أن يظهر العرق بين الفخذين، البطن لكن بهذه الأماكن قليل، وممكن أن يظهر في كل مكان بالجسم.

* ما هي التحاليل المخبرية اللازمة في حالات فرط التعرق؟

- يقول الدكتور فكري في حال كان التعرق ثانوياً يجب فحص نشاط وظائف الغدة الدرقية، والسكر في الدم، وقياس حمض البول (النقرس)، وعمل صورة شعاعية للصدر واختبار السلين (القدرة الرؤوية).

* ما هي أفضل الحلول للوقاية من هذه المشكلة؟

- إذا كان التعرق نتيجة مرض فيعالج أولاُ وبالتالي يخف إفرازه، لكن في حال لا يوجد سبب معين فيمكن استخدام مزيل العرق الذي يخفي الرائحة، أو مضاد التعرق الذي يحتوي على مادة ألمنيوم كلوريد 20%، 80% كحول والذي يعمل على منع إفراز العرق أو التقليل منه.

ويجب أن يوضع على بشرة جافة ويبدأ باستعماله مرتين يومياً وبعدها يقلل تدريجياً ويستخدمه فقط وقت الحاجة، ويوجد علاج آخر عن طريق الكهرباء حيث توضع يد أو رجل المصاب في الماء وهو يقوم بتعديل إفراز العرق، ومن سلبياتها أنها غير عملية وتأخذ وقتاً طويلاً، وتتكرر أكثر من مرة، ويوجد أشخاص لا يستفيدون من هذه الطريقة، وهي غالية التكاليف وغير فعالة في منطقة الإبط، والبطن، الوجه.

ويوجد أيضاً أدوية مهدئة تعطى للمصاب لكن قليلاً من الأطباء يصرفها لأنها تحدث جفافاً قوياً بالفم، وتؤثر على حدقة العين، أما الدكتور فكري فيقول إن العلاج في الحالات الثانوية يتم عن طريق معرفة السبب ومعالجته، أما في حالات التعرق الأولي فيمكن اللجوء إلى طرق عدة منها، مضادات التعرق الموضعية ويبدأ بها المصاب عادةً عندما يكون فرط التعرق بسيطاً ومتوسط الشدة، وهناك مواد أخرى يمكن استخدامها موضعياً مثل محلول ميثرمينز.

أما الأدوية التي تعطى عن طريق الفم فعلى رأسها مضادات الكولين ولكن فعاليتها ليست جيدة إلا في حال أخذ جرعة كبيرة منها وفي هذه الحال ينتج عنها آثار جانبية منها زوغان بالنظر، واحتباس البول، وزيادة خفقان القلب.

وأضاف أنه يوجد أدوية أخرى مثل المهدئات وتستخدم كثيرا في حال إصابة الكفين أو القدمين بفرط التعرق، وهناك طريقة الاستشراد وهي مستخدمة منذ عام 1925 والتي تعمل على مرور تيار الكهربائي قوي عبر الجلد يصل إلى ma 18 - 15، وهذا يكون في منطقة الكفين والقدمين وتستغرق جلسته نصف ساعة.

* ما هي آلية التعرق في الجسد؟

- الأعصاب في الجسم نوعان الإرادية وهي الحسية التي يمكن التحكم فيها، والثانية اللاإرادية التي لا يمكن التحكم فيها مثل التنفس، ونبض القلب، والتعرق.

* هل يعتبر فرط التعرق حالة مرضية؟

- لا، إلا إذا كان العرق بسبب مرض ما.

* كيف يمكن التعايش مع هذه المشكلة؟

- يمكن السيطرة عليه إذا كان التعرق بسيطاً عن طريق مزيل ومضادات التعرق.

* هل يحد البوتكس من المشكلة؟

- البوتكس من أقوى أنواع السموم التي تفرزها البكتيريا وتعمل على مكافحة التعرق، وتقوم بشل العضلة بحيث تمنع إفراز العرق لمدة 6 - 12 شهراً، وهي طريقة جيدة جداً خاصة التعرق تحت الإبط، وليس لها أعراض جانبية، لكنها مؤلمة وقت الحقن.

وأضاف الدكتور فكري إن حقن هذه المادة ذو تأثير جيد على فرط التعرق، وذلك لأنها تعمل كمضاد للكولين في منطقة الوصل العصبي، وكذلك تعمل على الأعصاب الودية، ففي حالة فرط تعرق الكفين نعطي 50 حقنة تحت الجلد، وكل واحدة منها تتكون من وحدتين من البوتوكس، ويمتد التأثير من 12 - 4 شهراً.

* هل هناك خيار جراحي؟

- نعم الجراحة نوعان وهي استئصال الغدد العرقية كاملة، لكن في حال كانت الغدد فوق خط الإبط تصبح صعبة وتشوه الجلد، والطريقة الثانية استئصال الأعصاب كاملة وهذا يتم عن طريق المنظار حالياً، بعد ما كان يجرى بعملية جراحية يتم فيها فتح الصدر، والمنظار عملية آمنة، ونتائجها 100% ولا تترك أي أثر فنسبة النجاح في اليد من 98% - 95 التحسن، والإبط من 80%- 75، وفي الأرجل من 25% - 20.

ولكن من آثارها السلبية التحسس من مادة التخدير، ويمكن إصابة الأعصاب أو الأوعية الدموية عند دخول المنظار، ووجود ألم يستمر مدى الحياة، وإذا أجريت العملية لشخص كبير في السن يمكن أن يصاب بجلطة، أو أمراض الدم مثل التخثر، أو التهابات رئوية، لكن جميع هذه الآثار أقل من 1%، لكن الأثر المهم أنه يمكن بعد إجراء العملية أن يخرج العرق من مكان آخر ونسبة هذا الأثر من 50 إلى 60%.

لكن ليس لكل المرضى بل البعض منهم، والأشخاص الذين يعانون من تعرق اليد والأرجل عند إجراء عملية لأي منهم يتحسن الآخر تلقائيا، ويوجد عملية جراحية تجرى فقط لعرق الأرجل يتم فيها استئصال الأعصاب من أسفل الظهر، ويجيب الدكتور قدري عن هذا السؤال قائلاً: يوجد حالات يتم فيها استئصال الأعصاب الودية الصدرية وتستخدم هذه الطريقة لعلاج فرط تعرق الكفين.

حيث تنزع بعض العقد الودية الصدرية بالجراحة التنظيرية للصدر، فالعقد t3 h t2 مسؤولة عن تعرق الكف، والعقد t1 مسؤولة عن تعرق الوجه، أما العقدة t4 مسؤولة عن تعرق الإبط وهذه الجراحة تكون شافية لحالات فرط التعرق في الكفين والوجه، كما أثبتت أنها قادرة عل التقليل من فرط تعرق القدمين بعد إجراء العملية للكفين، أما فرط تعرق القدمين بحد ذاته فيحتاج إلى استئصال الأعصاب الودية القطنية والتي تستدعي فتح البطن ولا نلجأ لها إلا في حالات خاصة.

* هل تعطي أدوية الأعشاب النتائج المطلوبة؟

- يجمع الدكتور فكري والدكتورة سوسن بأن الأعشاب، والعلاجات الصينية، والتنويم لم ينتج عنها أي فاعلية، والشخص الذي يعاني من العرق في جميع الأماكن لا علاج له.

* ما هي الطريقة الأخرى التي يستخدمها الجسم للتخلص من السموم بعد عملية وقف التعرق؟

- إن التعرق لا يمنع بشكل كامل بل يخرج من أماكن أخرى، أو عن طريق التبول، أو التنفس، وغيرها من الطرق.

سمانا النصيرات

Email