استطلاع

الأفلاج تروي قصة المياه في مدينة العين

  • الصورة :
  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

تعتبر الأفلاج من المعالم التي تتميز بها مدينة العين، بل تمثل هذه الأفلاج احدى المفردات التي تروي تاريخ هذه المدينة الجميلة والتي طورت من تجاربها لتوفير الماء خاصة في بيئة يمارس أهلها مهنة الزراعة.

ومع دخول الصيف يصبح الحديث عن الماء أكثر إلحاحا نظرا لزيادة الحاجة إليه مع انخفاض المنسوب بحيث تنتج الظروف البيئية الوسائل المناسبة من اجل المحافظة على هذه الثروة من خلال تقليل الهدر وإيجاد البدائل. ومن أجل تسليط الضوء على تاريخ الأفلاج كنشأة والمحافظة عليها كواقع التقت «البيان» مع عدد من الذين عايشوا تطور هذه الوسيلة في حديث مع الذكريات. قال الحاج محمد عامر الشامسي ( 70 سنة ) مستدعيا ذاكرته عن الأفلاج ومعاصرته لتلك الأيام حين أمر المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله بحفر الأفلاج من منطلق أهميتها في توفير المياه للزراعة بعد أن كانت الكثبان الرملية تشغل مساحة واسعة من مدينة العين، حيث كانت في تلك الفترة تختلف شكلا ومضمونا عما هي عليه الآن.

وأضاف الشامسي أن الأفلاج كانت مصدرا أساسيا للحصول على الماء، وكان المغفور له بإذن الله الشيخ زايد يشارك في حفر هذه الأفلاج يدا بيد مع أهالي المنطقة حتى وصلنا إلى ما نحن عليه الآن من اتساع في الرقعة الزراعية. وأشار إلى أن فلج الصاروج يعتبر من أهم الأفلاج وأكبرها في مدينة العين، ولا يزال قائما حتى الآن ويروي المنطقة ومزارع النخيل، ففي الصباح تزداد كمية الري وفي الليل تقل والهدف من ذلك هو الحفاظ على تدفق هذه الأفلاج وضمان توفرها والحد من الهدر والإسراف واستخدام المياه بطريقة عشوائية خاصة أن العين تتميز بزراعة النخيل بمختلف أنواعها والتي تحتاج إلى كمية كبيرة من المياه خلال فترة النهار ومع قدوم الليل وتحول الطقس إلى البرودة تقل حاجة النخيل من المياه.

الاهتمام بالترشيد

يقول عايض محمد الحبابي الذي يشرف على مزرعته الخاصة إن مدينة العين تحولت إلى مدينة سياحية ذات مواصفات عالمية، وقد حظيت بالمرتبة الثالثة من حيث انتشار الرقعة الخضراء والثانية من حيث جمال الطبيعة وذلك في مسابقة ازدهار الأمم التي أقيمت سنة 1997م.

واشار عايض إلى أن الإمارات تعتبر من أكثر الدول المستهلكة للمياه في العالم مقارنة بحجم الاستهلاك بدول العالم، ويصل استهلاك الفرد حسب الإحصائيات الرسمية إلى 700 لتر في اليوم وهذا يستدعي الاهتمام بالترشيد في هذه الثروة خاصة خلال أشهر الصيف واعتماد طرق ووسائل حديثة بهدف الحفاظ على هذه المياه خصوصا في مواسم السياحة وموسم الصيف التي يكثر فيها استهلاك المياه، ومن أهم الحلول التي يجب أن تتخذ خاصة من قبل المزارعين هي تخفيض ساعات الضخ المستمر من غير اكتراث في المزارع.

إضافة إلى برامج التوعية المستمرة للسكان لأهمية الترشيد في المياه ووضع الخطط لضمان الاستخدام المثالي لهذه الثروة الحيوية خاصة مع الزيادة المتنامية في عدد السكان والتطور الاقتصادي والتنموي الذي يضغط في محصلته العامة على استخدام المياه، وقال عايض الحبابي انه في السابق كان الماء متوفرا إلى درجة وجود الأفلاج في داخل المزارع وهذا ساعد على زيادة المنتوج الزراعي والحيواني.

280 فلجاً

وقال سالم الكعبي موظف في البلدية انه يوجد في مدينة العين قرابة 280 فلجا، ومعظمها يعتبر جافا وتبقى منها بعض الأفلاج التي يصعب تحديد العمر الجغرافي لها ومنها فلج العين، وفلج الهيلى، وفلج القطارة، وفلج الداوودى، وفلج الجاهلي، وفلج الجيمي، وفلج المعترض، وفلج المويجعى، وفلج مزيد، ويسمى فلج العين بفلج الصاروج لأنه من الأفلاج الكبيرة ويسير تحت الأرض ضمن قنوات كبيرة عليها عدد من الفتحات لتسهيل عملية تنظيف ومراقبة المياه ومنذ 30 سنة قام المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان بمضاعفة طوله إلى 10 كيلومترات، وأكد الكعبي أن فلج القطارة يعتبر من أهم الأفلاج حيث ينبع من منطقة صعرا بجنوب البريمي ويصل إلى مدينة العين ضمن قنوات تحت الأرض وطوله 8 كيلومترات.

الأفلاج الكبيرة

من وجهة نظر سعيد الظاهري صاحب مزرعة فإن الأفلاج تعتبر العصب الحيوي في العين خاصة الزراعة، وخص الظاهري فلج الهيلي الذي يعتبر أحد أهم الأفلاج الكبيرة وينبع من منطقة العوهة بشمال مدينة العين، ويعتبر من أعمق الأفلاج حيث يقارب عمقه 30 مترا، وتسير فيه المياه تحت الأرض مسافات كبيرة حتى تصل سطح الأرض حيث توزع في عوامد أسمنتية حديثة الصنع لتروي النخيل والمزارع ويبلغ طول هذا الفلج 12 كيلومترا، وأضاف الظاهري أن الأفلاج في مدينة العين كانت كثيرة وبعد مضي الزمن وصناعة السدود حالت بين وصول المياه إلى تلك الأفلاج مما أدى إلى جفاف العديد منها.

كما أن هناك بعض الأفلاج التي لا تزال تعمل كفلج الداوودى الذي ينبع من منطقة شبيحات من الناحية الشرقية لمدينة العين ويصب في منطقة الداوودى، وطوله يقارب 6 كيلومترات ويعتبر من الأفلاج التي قلّ منسوبها في الآونة الأخيرة، وبتوجيهات من المغفور له بإذن الله الشيخ زايد تم حفر آبار لتغذية هذا الفلج، ويأتي بعد ذلك ما يسمى بفلج الجيمي والذي يقع في منطقة القاعة كما انه يسير في قنوات تمر من خلال المزارع لتغذيتها وطوله 6 كيلومترات.

وأشار الظاهري إلى فلج المعترض الذي سمي على اسم منطقة المعترض وهو يقوم بعملية تغذية المنطقة وطوله 6 كيلومترات، بالإضافة إلى فلج المويجعي الذي يمر بوسط المدينة ويعتبر من الأفلاج الجافة، كما أن فلج مزيد الذي يقع شرق جبل حفيت وطوله 12 كيلومتراً وتستفيد من مياهه مزارع النخيل، ويعتبر فلج الجاهلي من الأفلاج التي لا تزال قائمة حتى الآن.

وأكد احمد الكعبي الموظف في بلدية العين أن المنطقة اشتهرت بتنوع مقوماتها باعتبارها أرض الواحات والينابيع والأفلاج وأصبحت من أجمل المناطق في الإمارات نظرا للاهتمام البالغ الذي توليه لها قيادة الدولة، ولعل منطقة المبزرة خير مثال على ما تحتويه هذه المدينة من تميز حيث أقيمت بحيرة واسعة للمياه المتدفقة من الآبار وتم بتحويلها إلى منطقة سياحية تستقطب الزائرين من داخل الدولة وخارجها.

عبدالرحمن الوهيبي

Email