فوق القمة

معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا... ذراع أميركا الطويلة للهيمنة التقنية

  • الصورة :
  • الصورة :
صورة
ت + ت - الحجم الطبيعي

على الرغم من أن اسمه الرسمي لا يحمل لفظ جامعة، إلا أنه يعد بإجماع الآراء أعظم جامعة لتدريس العلوم التطبيقية في العالم. وفي الوقت ذاته يحتل المرتبة الخامسة في قائمة أفضل جامعات العالم بحسب تصنيف 2005. إنه معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، الذي يُعرف اختصاراً باسم «إم تي أي».

أسس المعهد عالم الطبيعة وليم بارتون روغرز عام 1861 بغية ما سماه «التطبيق العملي للمعرفة». وبالفعل احتفظ المعهد بتلك الهوية على امتداد سنوات تطوره، على الرغم من أنه يدرس في الوقت الراهن، بجانب مناهج الهندسة والعمارة والعلوم التطبيقية بشتى فروعها، مواد أخرى كالاقتصاد والإحصاء والسياسة الدولية والألسنية وفلسفة اللغات والعلوم الاجتماعية والدراسات الإنسانية.

ويقع المعهد داخل حرم جامعي مترامي الأطراف يمتد على الضفة الشمالية لنهر تشارلز الذي يفصل مدينة كامبريدج ـ حيث جارته الأشهر جامعة هارفارد ـ عن قلب مدينة بوسطن.

والمعهد يعد واحدا من أهم، إن لم يكن الأهم على الإطلاق، المؤسسات البحثية في العالم في مجال العلم والتكنولوجيا وكذلك في عدة فروع أخرى مثل الإدارة والعلوم السياسية. وهناك عدة أقسام في المعهد تعد الأشهر في مجال تخصصها مثل معمل لينكولن ومعمل علوم الكمبيوتر والذكاء الصناعي ومعهد إم أي تي للوسائط ومعهد هوياتهيد وكلية إم أي تي سلوان لعلوم الإدارة.

ونظرة سريعة إلى تاريخ المعهد تبين أن قيامه على أيدي العالم الشهير روغرز كان بمثابة خطوة مهمة للغاية على الطريق نحو تأسيس ما كان يريده روغرز ليصبح نمطا جديدا من المؤسسات التعليمية المستقلة التي تناسب التوجه الصناعي الجديد في الولايات المتحدة الأميركية حينها.

وبعد أن حصل على موافقة الجهات المختصة، بدأ روغرز في جمع التبرعات وتطوير المناهج وتقدير المساحات التي يمكن أن تقوم عليها تلك المؤسسة التعليمية الوليدة. غير أن نشوب الحرب الأهلية الأميركية تسبب في إعاقة جهود الرجل وتسبب في أن تقام المحاضرات والدروس الاستهلالية للمعهد داخل أماكن مؤجرة في مبنى ميركانتيل في وسط مدينة بوسطن وذلك في 1865.

وتم إنجاز أول مبنى للمعهد في منطقة باك باي في مدينة بوسطن في عام 1866. وفي الأعوام التالية اكتسب المعهد شهرة كبيرة للغاية ومكانة مرموقة في مجال تدريس العلوم والهندسة. غير أن هذا لم يمنع أن يعاني المعهد من مشكلات مالية خانقة أثرت عليه بشكل كبير.

وكان هناك عاملان دفعا الكثيرين إلى التفكير في دمجه مع جامعة هارفارد المجاورة له في المكان، وهي الجامعة التي كانت لا تعاني أي مشكلات مالية بل على العكس كان لديها فائض مالي كبير كان يحسدها عليه الكثيرون، وفي الوقت ذاته لم تكن تتمتع بالمكانة العلمية ذاتها التي كان يحظى بها المعهد على الرغم من أزماته المالية الخانقة. وبحلول عام 1900كان هناك اقتراح لدمج المعهد مع جامعة هارفارد غير أن الفكرة استبعدت بعدما قوبلت باحتجاج كبير من قبل طلبة المعهد. وفي 1961 انتقل المعهد عبر النهر إلى مكانه الحالي في كامبريدج.

وعلى الرغم من أن المعهد منذ إنشائه كان مفتوحا للذكور والإناث على حد السواء غير أن نسبة الإناث للذكور ظلت متدنية حتى قبل إنشاء أول مدينة للطلبات في 1964. وفي السنوات القليلة الماضية تعاظمت نسبة الطالبات الدارسات في الجامعة وأصبحت تقريبا معادلة لنسبة الذكور.

وارتفعت مكانة المعهد بشكل كبير للغاية بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية وذلك بعد أن أولت حكومة الولايات المتحدة وقتها أهمية قصوى لمشروعات البحث العلمي ولتمويل الجامعات المتخصصة في هذا الفرع من العلم، لاسيما في المجالات التي تمس تطبيقات الأمن القومي.

وأثناء فضيحة ووترغيت، تبين أن تشارلز كولسون، مستشار الرئيس نيكسون، كان قد أعد لائحة سوداء بأسماء ما وصفهم بأعداء الرئيس والحكومة الأميركية. وحظي المعهد بأكبر نصيب من الأسماء التي وردت في تلك القائمة، وكان من ضمنهم رئيس الجامعة حينها جيرومي ويسنر والبروفيسور نعوم تشومسكي. وكشفت المذكرات السرية الخاصة بالفضيحة أن الرئيس نيكسون كان قد قرر تقليص الدعم الفيدرالي الذي كانت تحصل عليه الجامعة وذلك بسبب ما وصفه ب«الروح العدائية» لويسنر وتحيزه ضد مصلحة الدولة، على حد تعبيره.

وعلى امتداد تاريخه يركز المعهد ويولي اهتماما كبيرا إلى موضوعات البحث العلمي وإلى بحوث الاختراعات العلمية. وقد أوضح تقرير صدر في 1997 أن الإيرادات التي تتدفق إلى المعهد عن طريق الشركات التي أسسها المعهد وعن طريق مشروعات خريجيه تضع المعهد في المركز الرابع والعشرين على قائمة أكبر اقتصادات العالم.

وفي 2001 أعلنت الجامعة أنها تخطط إلى عرض مواد منهجية على الشبكة العالمية في إطار مشروع يعرف باسم «مشروع الدورات المفتوحة». وفي العام ذاته قام رئيس المعهد، تشارلز ويست، بخطوة تاريخية فريدة من نوعها لم يسبقه إليها غيره من رؤساء الجامعات، تمثلت في إعلانه أن جامعته تعاني وجود تمييز عنصري ضد النساء أثر بالسلب في عمل عضوات الجامعة سواء الطالبات أو الباحثات أو الموظفات.

ووعد بأنه في سبيله إلى اتخاذ خطوات من أجل إعادة الأمور إلى نصابها. وفي 2004، تم تعيين عالمة الأمراض العصبية سوزان هوكفيلد كأول رئيسة للجامعة. واحتلت سوزان المرتبة السادسة عشرة على قائمة لائحة رؤساء الجامعة وذلك في السادس من ديسمبر 2004، ولا تزال محتفظة بمنصبها.

ويحتل المعهد مكانة رائدة في مجال بحوث المعامل، إذ ساهم معمل الإشعاع التابع للجامعة بشكل فعال في تطوير الرادار أثناء الحرب العالمية الثانية وكانت هناك أيضا إسهامات أخرى كبيرة في مجالات الحوسبة الالكترونية، لاسيما في مشروع طواحين الهواء والذاكرة المغناطيسية. ولعب المعهد دوراً مؤثراً للغاية في السياسات العلمية القومية الأميركية أثناء سنوات الحرب الباردة.

وتقدر قيمة أوقاف المعهد في العام 2006 ب7,6 مليارات دولار مما يجعله صاحب سادس أكبر أوقاف في الولايات المتحدة الأميركية.

ومنذ ظهور التقرير العالمي لأفضل الجامعات الأميركية منذ سنوات عديدة، يتبادل المعهد المراكز من الثالث إلى السابع مع كبريات الجامعات الأميركية. وفي عام 2005 احتل المركز الخامس على مستوى العالم بحسب تصنيف معهد التعليم العالي بجامعة شنغهاي جياو تونغ الصينية.

ويأتي المعهد دائما ضمن أفضل خمس جامعات في أميركا وهي الجامعات التي لا تتنازل أبدا كل عام عن المراكز الأولى، وهي جامعات هارفارد وستانفورد وبرينستون ويال. وجاءت مجلة «أتلانتيك مونثلي» الشهرية لتضع المعهد كأفضل الجامعات الأميركية انتقاءً للطلبة والبحوث التي يقوم بها.

وبحسب مجلس البحوث القومية الأميركية، يتمتع المعهد بأفضل سمعة في مجال البحوث العلمية في الولايات المتحدة الأميركية. وتحتوي الجامعة على ست كليات بها 26 قسماً أكاديمياً، هي كالتالي:

-كلية الهندسة المعمارية والتخطيط، والتي تدرس مناهج الهندسة المعمارية بجانب الفنون والدراسات المدنية.

ـ كلية الهندسة، والتي تدرس مناهج الطيران والفلك وبها أقسام للهندسة البيولوجية والهندسة الكيميائية والهندسة البيئية والمدنية والهندسة الإلكترونية والهندسة الحاسوبية والهندسة الميكانيكية والهندسة النووية.

ـ كلية العلوم البشرية والفنون والعلوم الاجتماعية، والتي تحتوي على أقسام لعلم الحشرات والدراسات الإعلامية المقارنة وعلوم الاقتصاد والآداب واللغات الأجنبية والتاريخ والعلوم البشرية وعلم اللغويات والفلسفة والموسيقى والفنون المسرحية والعلوم السياسية والتكنولوجيا والدراسات البشرية والكتابية.

ـ كلية ألفريد بي. سلوان للإدارة.

ـ كلية العلم، التي تدرس العلوم البيولوجية وعلوم المعرفة والأدمغة والكيمياء والعلوم الأرضية وعلوم الكواكب والرياضيات والفيزياء.

وبالإضافة إلى تلك الكليات تحتوي الجامعة على عدد كبير من المعامل والمراكز والبرامج التي تتناول تخصصات ومجالات متباينة، مثل معمل لينكولن ومعمل الوسائط المعملية ومنتدى إم أي تي للمشاريع ومركز إم أي تي للتجارة الإلكترونية ومعمل أنظمة المعلومات واتخاذ القرار ومركز ديشباند للابتكار التكنولوجي ومركز بحوث السرطان ومعهد التقنيات المتناهية الصغر للجنود ومعهد ماكجوفرن ببحوث المخ. ومعهد بيكاور للتعليم والذاكرة، معهد هوايتهيد لبحوث الطبية الحيوية ومعمل المفاعل النووي ومركز علوم البلازما.

وهناك تنافس ودي كبير بين جامعة ماساتشوستس وجامعة هارفارد تعود أيامه إلى فترة التأسيس الأولى التي شهدت تأسيس المعهد كما سبق ذكره آنفا. والآن تتعاون الجامعتان بقدر التنافس الذي يجمع بينهما حيث تشتركان في تنظيم المؤتمرات والبحوث والبرامج العلمية وتمخض عن ذلك التعاون إنشاء عدد من الهيئات الأكاديمية.

فضلا على ذلك فإن الطلبة الدارسين في الجامعتين يمكنهم الانتقال في الدراسة من أي من الجامعتين إلى الأخرى من دون دفع أي رسوم إضافية. وهناك اتفاق مشابه على التسجيل المشترك مع كلية ويلسيلي، وهي من كليات الفتيات المرموقة في مدينة ويلسيلي في ولاية ماساتشوستس.

ومن ضمن ما يعرف من معلومات عن الجامعة تؤكد عراقتها ومكانتها الفريدة تأتي تلك الحقيقة التي تفيد أن إدارتها تتفاخر دائما بأنها لم تمنح طوال تاريخها درجة شرفية إلى أي شخص، وأن السبيل الوحيد لنيل درجة علمية من الجامعة هو أن يدرس الطالب بها، كما أنها لا تمنح أي منح رياضية أو درجات شرف عند التخرج. وفلسفة الجامعة في ذلك تتلخص في أن الشرف الحقيقي هو أن تكون خريج ال» إم أي تي».

المعهد في سطور

ـ الشعار: العقل واليد

ـ تاريخ التأسيس: 1861. تاريخ بدء العمل: 1865

ـ النوع: جامعة خاصة

ـ عدد الموظفين: 983

ـ الرئيس الحالي: سوزان هوكفيلد

ـ عدد الطلبة في مرحلة قبل التخرج: 4136

ـ عدد طلبة الدراسات العليا: 6184

ـ الموقع: كامبريدج - ماساتشوستس

ـ مساحة الحرم الجامعي: 168 فدانا

إعداد: حاتم حسين

Email