الذكاء الإصطناعي وسمفونية بتهوفن

ت + ت - الحجم الطبيعي

 بدأت القمة العالمية للحكومات في دبي، بالسمفونية العاشرة لبتهوفن، وهي سمفونية منقوصة، لكنها بفضل الذكاء الإصطناعي كانت مكتملة هذه المرة، وهي معجزة العصر خصوصاً بعد مرور قرنين على النوتة التي دونها قبل مرضه ووفاته، أما مصدر هذا الكمال والإعجاز فهي البرامج الافتراضية الصناعية الذكية التي قامت بتجميع مجمل أعمال بتهوفن وتحليل عبقريته، ثم استنساخها وتضمين إلهامه، وأخيراً تكملة هذه السمفونية الباذخة.

فماذا عن الأدب من رواية وقصة وشعر؟ وماذا عن التعليم والأبحاث والطب والمحاماة والصحافة؟ كل هذه الأسئلة تم طرحها في القمة منذ اليوم الأول، فالقدرة على الابتكار والإبداع والمهارات باتت قريبة من خلال الذكاء الإصطناعي، لكنه أمر غير متوقع عند بعض الحاضرين من الأدباء، وحتى عند بعض الحكومات من الدول، إلا أن إصرار الذكاء الإصطناعي بتأثيره الحتمي على كل القطاعات الكبيرة، هو إيحاء بأنه علينا الاستعداد، خصوصاً على المستوى الإعلامي، بعد أن قامت بعض الجهات في العالم من مؤسسات تقنية، بصناعة آلاف الأخبار من خلال التحليل الخبري والتحريري عن طريق الذكاء الإصطناعي وليس الصحافيين.

لنتساءل اليوم، ماذا عمن يكتبون الوجدانيات، والأرواح المبدعة، وهل الذكاء الإصطناعي يجعلهم يستعدون لتغيير أنفسهم، بألا يكتبوا أدباً، بعد استخدام أطنان من المعلومات والنصوص المتوفرة، وبمجرد منح هذا الذكاء المصنوع الفكرة الإبداعية، يبدأ بكتابة النص وبأفضل ما يكون وما يمكن، فالذكاء الإصطناعي يقول إن هدفه نبيل، فهو لا يريد سوى إيصال النص الأدبي أو العلمي إلى القارئ ليتمتع وينبهر.. كما يؤكد الذكاء الإصطناعي أن الفكرة الإبداعية هي التي تلعب دورها العميق في الكِتاب المصنوع، الفكرة الجديدة بوصفها الأصل في الإبداع... وباقي الأدوات الفنية يتم وضعها صناعياً وبأفضل ما يمكن.

نعم هو الجزم بإمكانية الذكاء الإصطناعي وعلى مستوى العالم أن يتدخل في تغيير المناخ، وتطلعات الإنسان للمستقبل، وجاذبية المدن، وتقدم العلوم، وصناعة الإدارات والأنظمة الاقتصادية والعسكرية، بل أن الذكاء الإصطناعي سيقوم بتحديد شخصية إنسان المستقبل ومهاراته الوظيفية... إذن الآتي هو التعايش مع الذكاء الإصطناعي، إلا الأدب والفكر والإبداع، فلا بد من خيال وعواطف إنسانية وتجليات صادقة من أجل الكتابة، حقيقية لا مفتعلة.

Email