التراث المسروق

ت + ت - الحجم الطبيعي

حدث ذات يوم وكُتِبَ في كتاب منشور وصادم، بأنه ثمة تراث مسروق بأكمله، لنتساءل هنا، وكيف يسرق التراث؟

انبعث السؤال تلقائياً بعد قراءة كتاب أخذنا إلى أقدم الموروثات المعروفة في منطقة حوض شرق البحر المتوسط، حيث اليونان الغنية بتراثها الإغريقي، ومنذ فلاسفتهم المبشرين والمعلمين الأوائل وما تركوا من فكر تأثر بهم العالم أجمعين، حتى أتى مؤلف هذا الكتاب الأمريكي جورج جيمس، في كتابه «التراث المسروق» الصادر عام 1954م جازماً بأنهم لم يكونوا المعلمين الأوائل، ولا المؤلفين الأصليين للفلسفة اليونانية، فأفكارهم باختصار مبنية على أفكار ومفاهيم مكتوبة لقدماء المصريين وحكمائها، وهي سرقة، مؤكداً على النهب بدلائل مكتوبة من خلال المعلم أرسطو وأخذه الكتب التي سلبها تلميذه الإسكندر الأكبر من المكتبة الملكية المصرية في الإسكندرية بعد غزوه مصر، لتأتي كل أفكاره ومدرسته التي أسسها في أثينا من مكتبة الإسكندرية المصرية.

كما يؤكد المؤلف أن المؤرخ اليوناني هيرودوتس وصف الدين القديم لليونان بأنه مصري الأصل؟ كما أن «فيثاغورس» و«أفلاطون» درسا في مصر، وحتى العالم «ديمقراط» صاحب النظرية الذرية للكون، (والذرة كما تقول المعرفة هي الجسم غير القابل للتجزئة) كان مصدره المعبود الميثولوجي الإله المصري «أتوم»، أو التام، أي الكامل، الذي أكد قبله أن الذرة مكتملة ولا تقبل التجزئة.

أما بعيداً عن كتاب المؤلف، أليس من الطبيعي أن يحصل تأثير ثقافي، فقرب المسافة الجغرافية والعلاقات التاريخية المتبادلة بين الإسكندرية واليونان، لا يعني بأية حال سرقة، وإن أتينا إلى حقيقة الأسرار المصرية ونظامها القديم الغامض في الرياضيات والعلوم والفلسفة، والشبيهة نوعاً ما بأسرار النظام اليوناني القديم، فهذا لا يؤكد السرقة، بل تأثير لا سلب، إلى جانب أن الإرث المسروق غير مثبت، خصوصاً أن مكتبة الإسكندرية بنيت لاحقاً، كما أنها مكتبة منفصلة عن أي إيداع يخص الثقافة المصرية كي نتهم اليونانيين.

وأخيراً ما زال السؤال قائماً بعد هذا الكتاب الجريء، هل من الممكن فعلاً سرقة التراث؟

Email