«أم كلثوم في أبوظبي»

ت + ت - الحجم الطبيعي

قلائل من عرفوا الذكريات الجميلة للسيدة أم كلثوم في أبوظبي، والتي نسعد باسترجاعنا لها اليوم، ومن خلال كتاب صدر حديثًا بعنوان «أم كلثوم في أبوظبي» لمعالي محمد المر.

فقبل قيام دولة الاتحاد بستة أيام هبطت السيدة أم كلثوم أرض مطار أبوظبي، أي بتاريخ 26 نوفمبر 1971، بدعوة من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان طيب الله ثراه، لإحياء حفلتين غنائيتين بمناسبة عيد جلوسه الخامس، فأحيت حفلتها الأولى بتاريخ 28 من الشهر نفسه على مسرح تم بناؤه خلال مدة قياسية تهيئةً لقدومها.

لطالما تساءل البعض في أي مسرح غنّت أم كلثوم في أبوظبي وفي ذلك الوقت، فلم يكن هناك مسرح بمعنى مسرح، فما كان يطلق عليه مسرح هو دور السينما فقط، لتقوم وزارة الدفاع حينها بالتنسيق مع وزارات ودوائر أخرى لبناء مسرح مؤقت، تم اختيار وتحديد أرض النادي الأهلي، وهو اليوم نادي الوحدة، وشُيّدَ المسرح في ثلاثة أسابيع وهي مدة قياسية بلا شك، مع ترتيب ثلاثة آلاف مقعد ومعدات النقل والصوت والتجهيزات الأخرى، لكون السيدة أم كلثوم لها من الخصوصية، والتميز الفني الذي جعلها تؤسس جمهورًا واسعًا ومن كل الجغرافيات العربية المتناغمة آنذاك، ومع ذلك امتلأ المسرح في يوم الحفل من الداخل، ليبقى ألف شخص آخر خارج المسرح مكتفيًا بالاستماع لشدوها الصادح.

كانت ليلة مختلفة وفريدة بحضور المغفور له بإذن الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان ومعه صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان القاسمي، وصاحب السمو الشيخ حميد بن راشد النعيمي، ووزير التربية العراقي أحمد عبد الستار الجواري، مع شخصيات خليجية وعربية مختلفة، ليبدأ العزف المتطور لفرقتها البالغ عددها 42 عازفاً، وتستهل «الست» الحفل بأغنيتها الجديدة حينها «أغدًا ألقاك»، وقد بدت خلفية المسرح رسومًا للغزلان بوصف أبوظبي دارًا للظباء.

وكذلك رقم خمسة دلالة على الذكرى الخامسة لتولّي الشيخ زايد حكم الإمارة.

أما في الحفلة الثانية وبتاريخ 30 نوفمبر ذاته، فقد أطلت أم كلثوم مرتدية ثوبًا غامقًا يليق بعِقد اللؤلؤ الخليجي الأبيض الجميل الذي أهداه لها الشيخ زايد، بعد دعوته، رحمه الله، وسمو الشيخة فاطمة بنت مبارك لها على العشاء في قصر المنهل، وقد تحدثا طويلاً عن الشعر والأدب والتراث والموسيقى، مُكبرًا فيها الشيخ زايد هذا النبوغ الفني، وهي المرأة الراقية التي تجيد هذا الفن من الغناء.

بلا شك أن أكثر الحفلات التي كانت تقيمها السيدة أم كلثوم خارج مصر، كانت لدعم المجهود الحربي المصري، لذا كان يرافقها وفد كبير من ضمنهم الكاتبة والصحفية والأديبة سكينة فؤاد، لكن الأجمل أن تشهد أم كلثوم أعظم حدث للدولة في اليوم الثاني من ديسمبر 1971، ومشاهدتها إعلان دولة الإمارات العربية المتحدة، لتبصر مراسم رفع العلم الاتحادي في قصر المنهل، حين توجه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان ليرفع علم الدولة ويؤدي التحية للراية، مهنئة بدورها بتعليقها الممتلئ عروبة: «عقبال علم الوحدة العربية».

تفاصيل كثيرة وجميلة ذكرها الأديب محمد المر في مجلده الضخم الذي يستحق الاطلاع عليه.

Email