«لا بيرل»

ت + ت - الحجم الطبيعي

في عرض كالحلم لشخصيات بالعشرات يجمعون بين قوة الجسد والدقة والموهبة لتصوير فكرة البدء والتكوين لقصة الخلق والأرض السابحة في هذا الكون ومنذ انفجار الشمس وإدراجنا كبشر ومنذ حكاية آدم وحواء والخطيئة مروراً بازدحام البشر على أرضنا الآن، يتحرك هؤلاء ضمن تلك الدائرة، ليعبروا عن هذا الإنسان وما يعتريه من حكايات في زمن دائري، ليقتل الإنسان نفسه بنفسه خلال بحثه عن حقيقة تشبه السراب ليمضي بنفسه حيث لا يعرف.


عرضٌ مذهل تكفلت به مجموعة الحبتور وفي المدينة الجديدة لها من خلال مسرح «لا بيرل» أي اللؤلؤة، نعم هو كذلك لما في العرض من قوة وجمال بين هؤلاء في تناغم فلسفي وروحي وإبداعي دقيق مع تناسق الأضواء، لعرض فكري يدعوك للتأمل على ما يجري للإنسان في الحياة مع إبراز التكنولوجيا المتطورة لتنسجم الفكرة بفلسفتها الإنسانية مع ما اخترعناه من تقنيات كادت أن تصبح جامدة وبلا روح لولا هذه العروض.


أداء مسرح بيرل مختلف، لأنه ينتشلنا من زوايانا الساكنة ونحن نتأمل كل ما جرى في الحياة ولمدة 90 دقيقة. فنٌ جديد أدخلته لنا مجموعة الحبتور، ليصنع من أموالهم استثماراً ثقافياً منفتحاً لنا كبشر، ليقدم العرض على طبق معرفي فني عميق هذه المرة وبعيداً من الإسمنت والعقار وكل الاستثمارات التي اعتدنا أن نراها تلامس الأثرياء فقط.


«لا بيرل» استثمار مالي أيضاً، لكننا نحب لهذا المال النجاح، لأنه يفسر لنا معنى المورد حين ينحاز للفكر والبهجة معاً دون تحيز، بلا شك أنه استثمارٌ فينا، مفسراً معنى أن يخدم التجار عقل الإنسان برقي يقابله الدفع بحب وبقوة.


العرض في دوائر بلا نهاية، واستعراضٌ هوائي ومائي جريء، وقد امتلأ مدرج هذا المسرح الجديد بشارع الشيخ زايد والذي يعد الأكثر تطوراً من الناحية التقنية، ليأتي كحقبة جديدة نعيشها وانعطافٌ في معنى أن نجمع الفكر الميثولوجي بالترفيه الممتع، ولأنه في دبي، فإنه يعكس روحها المعاصرة ونكهة جمالها العربي في مليونين ونصف لتر من الماء خلال مراحل مائية ودوائر بلا حدود، مع مجموعة من المؤدين الموهوبين المتمكنين الاستعراضيين، الذين أعدادهم بالعشرات، بقدرة فائقة الأداء، يتأرجحون في فضاء المسرح الذي يصل إلى 35 متراً، وبمساعدات مصاعد هيدروليكية ونوافير وروافع عالية الطاقة.


«فرانكو دراغون» صاحب هذه المؤسسة درس المسرح في إيطاليا ليبدأ مشواره في كل أنحاء العالم ويقدم أعمالاً سياسية وإنسانية من قصص حقيقية عن المشردين والمساجين... كُرم كثيراً، وتم تكريمه أيضاً في الإمارات عام 2010م حاصلاً على الوسام الرفيع من قبل صاحب السمو رئيس الدولة، بعد أن قدم عرضاً لا مثيل له بمناسبة مرور 250 عاماً على قصر الحصن، ليصبح «لا بيرل» مسرحاً إبداعياً يشهق له الأنفاس.

 

Email