ماتت وردة.. وصباح؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

ما إن تناقلت وسائل الاتصال نبأ موت المطربة وردة، مغلفاً بالحزن والصدمة لرحيل مفاجئ، حتى خرجت تصريحات "الستيتس" على "فيسبوك" تسأل: كيف تموت وردة وتبقى صباح؟

لا أريد أن أكرر ما دأبت على إبدائه من آراء عن المنشأ النفسي والثقافي والاجتماعي الذي تتولد منه كل التعليقات السلبية، التي ما برحت تنال من المطربة اللبنانية منذ ما يزيد على ربع قرن، وقد استعرضتها سابقاً في هذه الزاوية، لكنني هذه المرة أسأل عن النسق الأخلاقي الذي يتوجب على من طرح هذا السؤال، وعلى من ردده ونشره وعلق عليه جزلا.. أن يتحلى به، لكي يتمكن من إبداء استيائه من مشيئة الله، سبحانه، في مدّ عمر من يشاء وقطع أعمار من يشاء، في حكمته وسلطته التي لا دخل لبشر فيها؟ كيف نتجرأ، ولماذا، على إبداء هذا.. السخف؟

للمصادفة القدرية، كانت "الشحرورة" تعاني من "جلطة" دموية حادة، بعيد الساعات التي أعلن فيها عن موت صاحبة "بتونّس بيك"، الأمر الذي دعا ابنة أختها، راعيتها، أن تعلن عبر "تويتر" و"فيسبوك" أن صباح دخلت المستشفى وخرجت وهي تتعافى الآن.

يؤلمنا موت من نحب، من ترك بصمة فرح غامرة، في ذكرى واحدة أو أكثر لأيامنا، المتوالية على بطئها وضجرها، وكآبة مشاكلها. يؤلمنا موت مفاجئ لا نتهيأ له بمرض طويل يسبقه، يخطف الأنفاس رويداً رويداً، مثل نبتة على عتبة بيتك، تسقيها صباحاً، وهي مزهرة، تعانق الضوء والسحاب، لتعود في المساء وتجدها ذبلت وماتت أوراقها جميعها دفعة واحدة.. الموت المفاجئ، خبر لا نريد أن نسمعه، نهرب منه، لأننا نهرب من أسى الوجود الذي لا دخل لنا فيه.

نحزن، نغضب ونثور، ثم نكمل حياتنا، فلا شيء نفعله إزاء الموت..

لحظة، هناك أمر واحد بوسعنا، فعلاً، أن نفعله: أن نسأل عن موت صباح! نريدها أن تموت لنتأكد أنه بوسعنا أن نعيش عمرها، وأن المرأة لدينا يجب أن تحتجب في الأربعين، وتعتزل في الستين، و"تتحنّط" في الثمانين، إنها للبيت وللسرير ولخلف النافذة وللسرّ، إنها كائن لا يستحق أن يحارب للحياة، للفرح والحب والسلام والبهجة والحنين والقدوة.. كما هي سيرة صباح، وكما كانت سيرة وردة. على تلك السير أن تنطفئ لنرتاح ونكتب بهدوء.. السير التافهة!

Email