لا عزاء للسيدات

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان صوت الناشطة الحقوقية المصرية الدكتورة عزة كامل يردد باستهجان ممازح «والمرأة؟.. المرأة.. المرأة..»، فيما الكاميرا مسلطة على مذيع برنامج «شعب ورئيس» على «بي بي سي عربية»، والذي كان بدوره يبتسم معتذراً عن «ضيق الوقت» ومردداً العبارات الختامية التي تشكر الضيف والحضور والمشاهدين مع التذكير على أن «كلمة الفصل ستكون في صناديق الاقتراع».

على مدى ساعة تلفزيونية، كنا قد تابعنا باهتمام «المناظرة» التلفزيونية المفتوحة التي جرت مع مرشح الرئاسة المصري حمدين صباحي، الذي حافظ طوال الوقت على رباطة جأشه، وشجاعته في الرد على أسئلة شائكة تتمحور حول عنوان: «ماذا لو أصبحت رئيساً؟». سئل صباحي، الذي يعلن في كل مرة تحيّزه إلى الفكر القومي والنهج الناصري، عن إسرائيل وإيران والغاز الطبيعي والإسلاميين والدستور والمجلس العسكري والعلاقات المصرية الخارجية و«الكرامة المصرية»، فلم يوارب ولم يدوّر الزوايا المسننة.

قال إنه ينتمي لغالبية الشعب المصري، واعتبر أن هذا هو ما يميزه عن بقية المرشحين لرئاسة الجمهورية، مضيفاً ان تاريخه على مدار الـ 40 عاماً الماضية يؤهله ليكون رئيساً للدولة، واعتبر أنه «ربما في سن أكثر من ملائمة، وأن له باع أكبر في العمل العام»، لكن حديثه المؤثر، في رأيي، تبدّى حين وعد بأن «أول قرار جمهوري سأتخذه إذا أصبحت رئيساً هو إقرار حزمة عادلة اجتماعية تتضمن رفع الحد الأدنى للأجور والمعاشات، وإعانات بطالة، ودعم اجتماعي ومالي، وإسقاط ديون الفلاحين».

لو كنت مصرياً، لتحيّزت إلى برنامج صباحي، الذي أتابع تصريحاته، كما غيره من المرشحين على سباق الرئاسة المصرية. ولو كنت معد تلك الحلقة، لما أجّلت الخوض في أسئلة المرأة، كي «يحاصرنا الوقت» في النهاية، فثمة ملايين التوكيلات الشعبية اليوم في يد نساء مصر، اللواتي يردن ان يعرفن كيف يفكر هذا الرجل في مواجهتهن، «لو أصبح رئيساً»!

ابتسمت لصوت عزة كامل في الختام، يأتي من خلف الكاميرا ليذكر بأنه في عالمنا العربي، لا تزال المرأة تحشر «في الوقت الضائع»: «وأنا، ماذا عني؟». موقف ذكّرني بقناة «أوربت أفلام» التي قررت قبل أيام قطع بث فيلم فاتن حمامة «لا عزاء للسيدات» قبل عشر دقائق من نهايته، بل هي حشرت، بقرار ذاتي، كلمة «النهاية» قبل النهاية الفعلية.. فقد داهمها الوقت!

Email