خارطة لقلبك

ت + ت - الحجم الطبيعي

ارسم خارطة لقلبك. امسح خلجان الهوى وهضاب الأمل وأودية القلق. وزّع حصونك عند الفتحات: هنا، حصن لكي لا ينفذ "العدو" إلى ميناء المحبة، وهناك حصن يحمي ميناء الطيبة، أما في ميناء الأمانة فانصب مدافعك وأطلق النار على كل خائن.

ارسم خريطة لقلبك، مرمّزة، مشفّرة، لا يفك أسرارها سواك، فلا تستباح مشاعرك، ولا تذلّ أحاسيسك، و لا تسبى أحلامك، ولا يجرجر قلبك إلى الأسر، على يد شياطين خرجوا في عتمة ليل بغيض من "حصان طروادة"، الذي سمحت بجرّه إلى داخلك واحتفلت من دون أن تحذر لما فيه.

بقلم أحمر عريض، قاس وخبيث، كقلم بريطاني، ارسم خطوطاً على خارطة القلب، ازرع مستعمراتك، فتت شرايين التضامن المرهقة، حاصر غليان الحنين المقاوم.. ارسم خريطة لقلبك على هواك، قبل أن يهجم "الأعداء" ويرسموا خرائطهم.

تمدد في المساء، اشرب شايك العشبي بسكينة، وتأمل في خارطة القلب التي علقتها على جدار الأيام: تحملق فيها وتبتسم، تعرف الآن شكل الموانئ وامتداداتها، وحدود اليابسة المقطّعة عن يابسة أخرى لقلوب أخرى.. في السابق، أردتها فضاءات مفتوحة، متحررة، كما صحارى البدو وسهول الرعيان، لكنك، واهماً، ساذجاً، صغيراً، حالماً، لم تعرف أن أراضي من دون حدود هي مشاع للفوضى والسلب ومطمع للأعداء.

الآن عرفت، تناظر الخارطة المعلقة وتنتشي لصورة قلبك الجديدة: هنا ستقتلع الصخرة الطبيعية مركب الغزاة وتردهم جثثاً لأعماق الموج، لأسماك عملاقة، تأكل حقدهم وغيرتهم وأمراضهم النفسية. وهناك، ستفترس تضاريس العلق كل قدم تحاول أن تطأ شغاف القلب، تتشبث بها، تنخر فيها، وتسحب كل طاقاتها السلبية العدائية. وفي الأفق، طيورك؛ نورس وغراب وخطاف، تحلق فوق ساعات الوقت، زمنك، وتأتي لك بالأخبار، من بعيد، من قبل أن تأتي الأخبار إلى حدود القلب وتنفذ من ثغراته.

على الخارطة ختم في الوسط، محاط بالزخرفة وحروف مخطوطة بدقة، وفي وسط الختم تصوير لك: ها أنت، ترتخي كامبراطور روماني على ركبتك عنقود عنب، ملفوف بكسوة حرير، وتاج المجد يلف جبينك. لا تأبه، لا تكترث، كل السلطة لديك، وكل القوة لك، قلبك مترامي الأطراف، محدد، ومحمي. قلبك أرضك لكي تشن منها غزواتك المقبلة، لا أرضاً تشن عليها الغزوات.

انتش واطمئن، لقد باتت لديك خارطة.. لقد أصبحت أقوى!

Email