«مرحباً في فلسطين».. هل سمعتم؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

هؤلاء المتضامنون الذين جاءوا من أوروبا، ليحملوا أعلام فلسطين في مطار "تل أبيب"، الأسبوع الماضي، ويعلنوا أمام عدسات الكاميرا أنهم في "أرض فلسطين"، وأنهم يرحبون بالجميع كي يحذوا حذوهم، وأن ما بني على مجازر واغتصاب واحتلال، لن يستوي حقاً، مهما مر من وقت، وسفك من دماء، وأحرق من زيتون، وهدم من أسقف، وعطّش من قرى، وزوّر من حقائق.. ومهما طافت الأساطير القبيحة في نفوس كل من يحيا في الغرب وأميركا و.. جنوب السودان!

هؤلاء الشقر، الذين قد يتحدّرون من أجداد مستعمرين وآباء مستلبين، قالوا: لا، لن نخضع للتضليل، ولا لعقد الذنب، ولا لسطوة الإعلام ومافيات أحزاب اليمين المتطرفة، المهيمنة على دوائر القرار والتشكيل في العالم.. نحن، كما غونتر غراس، كاتب ألمانيا، نريد أن نصرخ: كفى تزويراً، كفى ابتزازاً، هذه الشمس وهذا الحق.. و"مرحباً بنا وبكم في فلسطين"!

لقد اقشعرّ بدني وجلاً، وأنا أتابع أخبارهم، أتلقف صورهم العنيدة، يرفعون قبضات الانتصار، ويواجهون تواطؤ الإعلام والسياسة وشركات الطيران وأجهزة الأمن.. ومليون فكرة مسبقة غدت مسلّمات في الذهنية الغربية، عن "فلسطين الضائعة"، التي لم توجد يوماً، وإن وجدت فهي مرادف "الإرهاب" لا القضية العادلة.

لقد جئتم، من مناطق بعيدة، لكي تفعلوا ما عجزنا عنه، نحن الذين حفرنا فلسطين في القلب، فتحولت إلى أغنية، فقط لا غير، حين تحول القلب إلى "راديو"، فقط لا غير.

عذراً، أخجلتم تواضعنا، الكثير، المهيب، العقيم، تجاه فلسطين، التي ابتلينا في هذه المنطقة بطغاة، حملوا أعلامها، وطبلوا لها، ونافقوا بها، وباعوها في السر والعلن، وطعنوها في الليل والنهار.. طغاتنا، أيها الناشطون الشقر، ابتذلوا فلسطين، لدرجة جعلتنا نتأخر عن رفع قبضاتنا والتلويح بعلمها، وجلنا في عواصم المجرمين، نقبل المغتصب تارة، ونشد على يد المجرم تارة أخرى..

عذراً، فلسطين، علمك حمله أبناء غير جلدتنا، حين تقاعسنا عن حمله، وشاراتك رفعها أناس أتوا من خلف البحار، فيما نحن على شواطئك لا نفعل شيئاً، غير نصب خيم العزاء والانتظار الكئيب.

عذراً، فلسطين، فقد جردنا طغاتنا، وخونتنا، منذ زمن بعيد، من تأشيرة العبور إلى أرضك، ولم نفعل غير تركك لهم، شماعة يعلقون عليها آثامهم تارة، ومطيّة يركّبون فوقها جشعهم وأمراضهم، طوال الوقت.

عذراً فلسطين، ريحانك ليس على جبيننا!

Email