«شجرة المرّ»

ت + ت - الحجم الطبيعي

أكمل ما بدأته أمس ومحوره سؤال ما برح يؤرقني: ماذا نعرف عن الصين؟ ماذا يعرفون عنا؟

ولا أعرف تاريخ «شوجو كوا»، ولا أفقه الصينية لكي أبحث في مراجع أهل الصين ومخطوطاتهم، لكنني قرأت أن هذا الرجل الذي عاش في أواخر القرن الثالث عشر، اهتم بأن ينقل حكايات البحارة العرب، في ذلك الزمان، وقد وثّقها في كتاب: «التجارة الصينية والعربية».

يتحدث كوا عن الزجاج ويسميه بالصينية «الليولي» ويقول بأنه يأتي (هل يقصد إلى الصين أم موانئ أخرى في المحيط الهندي) من إقليم تاشي. وتاشي هو اللفظ الذي كان يطلق على «الجزيرة العربية»، على الأقل من قبل تجار الصين ومؤرخيها، ويكمل: «الطريقة المتبعة في إذابته هي الطريقة الصينية نفسها، وتكون بتسخين أكسيد الرصاص ونترات البوتاس والجس، لكنهم في تاشي، يضيفون إلى هذه المواد مسحوق البورق (بوراكس)، وهي مادة تجعل الزجاج سهل التشكل دون أن يكون هشا سريع الكسر، ولا يتأثر بدرجات الحرارة، إلى الحد الذي يمكن معه للمرء أن يغمسه في الماء لفترة طويلة من الوقت من دون أن يؤدي ذلك إلى إتلافه.. ولذلك فهو نوع من الزجاج قيمته أعلى من الزجاج الصيني».

ضحكت كثيرا لهذه العبارة الأخيرة، لقد كان لدينا، لدى تجارنا في ما مضى، ما يمكننا أن نتباهى به أمام الصينيين، الذين يتحكمون بكل إنتاجنا البشري في الوقت الحالي. ثمة رجل صيني قبل سبعمائة سنة من اليوم، كانت مراكب العرب الآتية من خلف المحيط، تثير في نفسه البهجة والمفاجأة.

في بلاد «تاشي» أيضا، يذكر «كوا»، أن «مالو ماو» (يعتقد أنها مرباط) كانت تنتج «شجرة المرّ» التي: «تشبه من حيث الطول والحجم شجرة الصنوبر الصينية.. وفي موسم جمع المحصول يقومون بحفر حفرة في الأرض من أسفل الشجرة، ثم يثقبون ثقبا في لحاء الشجرة، مستخدمين بلطة صغيرة فيسيل منه العصير إلى الحفرة ويترك عشرة أيام ثم يرفع عنها..».

تفاصيل كثيرة تعج بها شهادات هذا المؤرخ الصيني التي ذكر بعضها في «تجارة المحيط الهندي في عصر السيادة الإسلامية» الدكتور عبد القوي عثمان، في كتاب صدر العام 1990 في الكويت.

شهادات تستحق أن يتم البحث عنها وتحقيقها بشكل أدق.

Email