لا تقرأوه.. قبل النوم

ت + ت - الحجم الطبيعي

أقرأ في كتاب وزير الثقافة المصري الدكتور شاكر عبد الحميد، المعنون بـ"الغرابة.. المفهوم وتجلياته في الأدب"، وأجده كتابا مرجعيا، بكل ما تعنيه هذه الكلمة من معنى، وقد قلت لأحد الأصدقاء إنه إن كان كل الوزراء في مصر من عيّنة الدكتور شاكر، في الثقافة والفكر والاجتهاد، فلا خوف على مستقبل "المحروسة"، فردّ الصديق، بروح نكتة مصرية: "المعضلة تكمن في لو.."!

المهم أن كل مهتم بتاريخ الأدب والفلسفة، سيجد ما يمتعه في الكتاب. لكن لا يتوقع عملا سهلا، بل يحتاج إلى تمعّن وذهن صاف، وربما أوراق وأقلام، كي تكون القراءة مؤثرة وأكثر فعالية.

تطيب لي القراءة ليلا، إذ إنها الفسحة المتبقية من يوم تضغطه الأعمال. لكنني اكتشفت بعد أسبوع من المداومة، أن كتاب "الغرابة" هذا ليس "كتابا ليليا"، بمعنى أنه لا ينصح بقراءته قبل النوم. لقد استيقظت يوم أمس على سؤال يحيّرني، عن كثرة "الكوابيس" الغريبة التي رافقت لياليّ في الفترة الأخيرة.

 هذه عيّنة: "أنا في مكان مشوب بالخطر. عصابة أو إرهاب أو شر، لم أعد أتذكر. معي مجموعة من الأصدقاء، نحاول الفكاك من ذلك المكان الذي تنتشر فيه أشجار، أغصانها محمّلة بكائنات غريبة من تلك التي تراها في "هاري بوتر" أو "لورد أوف ذا رنغ".. جماجم صغيرة حيّة، تتحرك، وتصدر أصواتا وتهجم وتنقضّ. الأشجار بدت كأنها أشجار "لبلاب" مبرمجة على العدائية كلما استشعرت حركتنا، فيما نحاول الهروب.. في مشهد آخر، مسدس في يدي وأنا لا أعرف التصويب، لا يطلق رصاصا بل هواء..".

لا أعرف عن تفسير الأحلام، لكنني أعرف أن تلك الليلة، قبل أن أنام، كنت قد غرقت في بحث مستمد من كتاب "الغرابة"، يتعلق بتفسير فرويد لصور وجوه الدمى وتماثيل الشمع و"الأوتوماتيكيا"، أي الساعات والأجهزة، وما لتلك الصور من تأثيرات نفسية غريبة، كما وردت في كتابات حقبة معينة في الفكر الألماني والأوروبي. أيضا، في الكتاب، قصة من "ألف ليلة وليلة" عن سندباد الذي يزور جزيرة موحشة، ويقابل عجوزا كسيحا يشفق عليه، يسأله أن يحمله من مكان لآخر، وحين يفعل يتحوّل العجوز إلى شيطان يمسك برقبة سندباد أياماً وليالي، ويذيقه صنوف العذاب!

ربما عليّ أن أجد فسحة صباحية لكتاب الوزير!

Email