أخلاق الثورة فضل شاكر

ت + ت - الحجم الطبيعي

يحق لفضل شاكر أن يصبح ما يشاء: شيخاً سلفياً، مظلياً، نحاتاً أو صانع أقفال. الرجل يريد أن يهجر مهنة الغناء "التجاري" متأثراً بقناعات تخصه وحده ولا يحق لأحد، برأيي، أن يزايد أو يسخر أو يقصيها. مشهد الرجل يقبل شيخاً سلفياً في إحدى التظاهرات المناهضة للنظام السوري التي احتضنتها مدينة بيروت الأسبوع الماضي، أثار موجة من "الهياج الفيسبوكي" الذي ابتكر سيلاً من التعليقات الجارحة أو الساخرة، من تلك التي أعترف أن بعضها أضحكني فعلًا.

طبعاً، من حق فضل شاكر أن يعبر عن رأي سياسي أو ديني يؤمن به. الآن، ما حق الآخرين، ومن بينهم جمهور للمغني، تابعه على مدى سنوات طوال، دفع ثمن تذاكر حفلاته وصفق ورقص لأغانيه "الرومانسية" غالباً؟ هل هناك حق للجمهور حين يقرر الفنان أن الفن "حرام"، وينشر لائحات "تصنيفاته" الخاص بين "راق" و"هابط"؟ هل على الجمهور أن يغضب لأن فضل شاكر قرر أن يتحول (لا نعرف متى بالتحديد يعلن موعداً صريحاً لهذا التحول) إلى منشد ديني، بدل أن يغني "وافترقنا"؟ هل على الجمهور أن "ينقرص" لأن المغني قرر أن يصف زميلاً له بأنه "مصدي"(يملؤه الصدأ) أو زميلة بأنها عار عابر في سماء الفن؟ هل كل ذلك يندرج في سياق حق الجمهور؟

أجزم أن لا، لكن حق الجمهور يبدأ لو أقبل فضل على السخرية منه، من خياراته، من توجهه إلى الأغنية التجارية. لو يصف "المغني التائب"، كما يحلو للصحافة أن تسميه هذه الأيام رغم أنه لم يفصح لنا عن أي شيء تاب تحديداً، الجمهور بأنه "في ضلال" لأنه يستمع إلى وردة (دعاها للحجاب بالمناسبة)، لو يقول إنه سيدخل النار لأنه يصفق لهذه التوافه، حينئذ يحق للجمهور فعلًا أن يغضب من شاكر، ويكون مبرراً لأقلام منتقديه أن يرفعوا أسئلة الخداع والمزايدة والنفاق عالية!ّ

لم أسمع فضل شاكر يصرح بتلك التصريحات إلى اليوم، وقد يفعل أو لا يفعل. لكن سؤالًا وحيداً أطرحه عليه: هل الفترة المقبلة تستدعي وجود نماذج لمغنين من ذوي الأشكال والأصوات الجميلة، يلائمون تطلعات الشارع الذي انتخب أحزاباً إسلامية، بعضها سلفية، في بلاد مصر وتونس وليبيا.. هل يرى شاكر في نفسه نجماً من نجوم "المرحلة الجديدة"؟

Email