كذبوا على «أبوسمير»!

ت + ت - الحجم الطبيعي

تخيّل أنك في الخليل.. اليوم.. هناك، حيث "الكرافانات" الأربعة التي صفوها وسط المدينة قبل عقود، وفيها أربع أسر، أصبحت مستوطنة كاملة، يحمل أهلها المتشددون السلاح لكي "يدافعوا" عن وجودهم في "أرضهم التاريخية". "كارافانات" طروادة، المحملة بأشرس أنواع المستوطنين اليهود، الآتين من مدن الصقيع في روسيا وشرق أوروبا، سربت من رحمها آلافاً منهم في سنوات قليلة، ليحاصروا بيوت العرب، ويقطّعوا شوارع المدينة، ويتكاثروا كسرطان لا يتوقف.

تخيلّ أنك أبوسمير، عمرك ثمانون، سقط شعر رأسك الذي كل واحدة فيه تروي حكاية مرّة عن مجزرة أو تهجير أو فقدان أو حلم لم يتحقق، لا يمكنك أن تستقبل ابنك في ردهة دارك ودار أجدادك، لأن بيتك صادف أنه في أعلى التلة التي استوطن اليهود سفحها، يمرون كل صباح هانئين مطمئنين إلى أعمالهم، وبيوتهم، بأكياس ينضح ما فيها برغد الحياة، فيما أنت: "تقطع مسافة تساوي المسافة إلى القمر، في كل مرة تريد أن تشتري كيلو خيار".

تخيّل أنك في نابلس.. في القدس الشرقية.. في الخليل.. في.. أي نقطة من تلك التي ارتضى العرب بعد هزيمة 1967 أن تكون ما تبقى من فلسطين، أن تكون دولة "الضفة الغربية" التي لم يتركها الاستيطان على حالها، بل يقطّعها ويصادرها بهدوء، على مرأى ومسمع منا ومن العالم. زرع "كارافانات" وثكنات عسكرية، سرعان ما تحولت إلى مدن عملاقة "لن يقدر أحد على إزالتها.. لا الحكومة الإسرائيلية إن رغبت ذلك، ولا الفلسطينيون ولا العالم"، على قولة مسؤول إسرائيلي في وثائقي ضمن "فلسطين تحت المجهر" بثته قناة "الجزيرة" صباح الجمعة الماضي.

تخيّل أنك عربي، تنام وتقوم على تصريحات كتلك التي كان يطلقها صدام حسين وأمثاله وصحفهم، يتشدقون فيها بالدفاع عن أرض فلسطين التاريخية، وصواريخ ستسقط على كيان مغتصب لكي تزيله، فيما ألف عجوز ومئات الآلاف من الشباب أمثال عائلة أبوسمير، يعيشون معاناتهم اليومية، يهطل عليهم بيض المستوطنين الفاسد، تجرف أراضيهم، يحرق زيتونهم، تعرض عليهم الجنسيات للهجرة.. فيما تستمر تصريحات خادعة بإعطاء الكيان الصهيوني ذريعة البقاء والتوسع والتسلح، كونه "مهدداً بصواريخ القادة البواسل"!

ثمة ثوار يذبحون اليوم في شوارع العرب، لأنهم ما عادوا يطيقون الكذبة!

Email