أسطورة الإعلام اللبناني

ت + ت - الحجم الطبيعي

على كتب الإعلام في الجامعات أن تنطق بالحقيقة. أن تشرح للطلاب أن الإعلام بوسعه أن يكون رسالة.. إنما قاتلة، في كثير من الأحيان. أن الإعلام الحكومي ليس وحده الموجه، فعناوين كثيرة تتموه وتتلون، وتدعي الدفاع عن قضايا الإنسان، ووقوفها في وجه الجور، فإذا بها، في حقيقة الأمر، وتحديداً حين تشتد الشدائد، خادمة في بلاط.. من يدفع أكثر!

على كتب الإعلام أن تسارع إلى حذف كل تلك النصوص العنصرية، التي تفرز بين تجربة صحافة متحضرة في بلد، وأخرى متخلّفة في بلد آخر. لقد علمونا، زوراً أو جهلاً، أن بلداً كلبنان، على سبيل المثال، هو شعلة التحضر الإعلامي، والرقي الصحفي.

وعناوين صحفه ملاجئ لقضايا الهائمين والمنبوذين والضحايا.. أتابع جلّ الإعلام اللبناني، منذ أن انتفضت الشعوب العربية، في بلاد الطغاة، تدافع عن حريتها بالدم، فلا أقرأ ولا أستمع إلا إلى تزوير مهني، وترهل مهني، ولعب عيال مهني. وكعادة البلد الصغير، فإنه لا معنى موحد لأي شيء فيه: من المرسل، من المتلقي، ما الوسيط.. ما الرسالة الإعلامية حين يموت الناس بالآلاف في البلد الجار، وتخرج الفضائيات اللبنانية بكل خزينها الراقص: نساء يرقصن على حبال النكات الغرائزية السخيفة، ورجال يرقصون خلف أقنعة الانتفاع البغيضة، وقيادات ترقص على إيقاع ونغمات الممانعة، من دون أن يظهر الكادر الجماجم التي ترقص فوقها!

على كتب الإعلام، وقد درست فيها منذ زمن بعيد، أن تكتب من جديد. ثمة تاريخ تجب إعادة كتابته. ثمة محاضرات اسمها الصناديق السوداء وسيكولوجيا الجماهير وإعلام المستبدين وكتاب الأمير، يجب أن تعاد صياغتها..

لم ينتصر الإعلام اللبناني للقيم التي يدعي أنه يجسدها، وخلال الشهور الماضية فإن أهم إنجازاته تبدأ من التعتيم على الانتهاكات التي تمارس بحق المرأة في لبنان، مرورا بتجاهل الثورات الشعبية في تونس وليبيا، وبداية في مصر، ومهاجمة الداعين إلى ربيع لبناني تحت عنوان إلغاء الطائفية السياسية، ووصفهم بأنهم شوية عيال.. ملحدين.. وصولاً إلى تزوير حقيقة ما يجري في سوريا، وتشويه آليات الثورة ومطالب أصحابها، والاستهزاء حتى من اللاجئين البؤساء!

منارة الإعلام اللبناني وتفوقه في محيطه، أسطورة من الأساطير التي أسقطتها الثورات!

Email