صوت «الجماهير»: سلّم لي على «البتنجان»!

ت + ت - الحجم الطبيعي

بالإذن من الفنانة القديرة نادية الجندي، فإنني ضحكت كثيراً لمقولة مسؤول سوري وهو يقول: إن "الحل الأمني بات مطلب الجماهير"، وهذا يعني أن الأمن السوري سيقتل المزيد ويقصف المزيد ويجلد المزيد، وطالما أن "الجماهير" تطلب فالنظام ينفذ، وعلى قولة إخواننا المصريين، وبمن فيهم الجندي نفسها، فـ"كلو كوم واللي جايي كوم"، كما صرح المسؤول السوري، بتلك الفجاجة.

و"شر البليّة ما يضحك"، و"البليّة" قد تأتي بأشكال مختلفة، وقد ابتلي الشعب السوري بنظام له في الظاهر وجوه وأشكال، هي في العمق كلها لوجه وشكل واحد: القتل.

كما أن "البليّة" تاريخية، وتستند دوماً إلى الادعاء زيفاً، بانتخابات نسبة توحدها 99.99 في المئة، وبشرعية مستمدة من توريث لخارطة جينية، سيأتي يوم قريب وتفرد فيه على طاولات الأبحاث ذاتها، التي فردت عليها خرائط موسوليني وهتلر وفرانكو وميتاكساس وصدام حسين وحسني مبارك وغيرهم.

 ومنذ زمن بعيد اختار الطاغية لنفسه لقب "الأب" و"المعلم" و"بطل الحرب" و"حامي الديار في وجه إسرائيل"، بالطريقة ذاتها التي اختارت بها نادية الجندي لقب "نجمة الجماهير" ونبيلة عبيد لقب "نجمة مصر الأولى" وسوزان مبارك لقب "نصيرة الأطفال والطفولة" والملكة الفلانية لقب "سيدة الأناقة في العالم العربي والشرق الأوسط".. إنه نوع من الألقاب الذي يفرض عليك ولا تختاره، تماماً كاسمك، مع فارق أنه بات بوسعك فعلاً أن تلجأ إلى المحكمة أو الفيسبوك أو "الفليكر"، لكي تغيّر اسمك وتبتكر لك واحداً جديداً، لكنك لن تتمكن البتة من تغيير اللقب، سوى بانتفاضة غالية تكلفك الدم والروح.

وقد كانت الدماء والأرواح، في سيرة اللغة العربية الشعبية، قبل سنة ونيّف، تزهق في سبيل الطاغية وسلالته، وتصدح الحناجر ليل نهار بالإعلان عن تقديمها قرابين من أجلهم، لكي يتغولوا أكثر، ويكبروا أكثر، وتطول أعناقهم أكثر، وأعمارهم أكثر، ويقتلوا أكثر ويبطشوا أكثر، لكنّ الأمر لم يبق كما كان، فنزلت الجماهير إلى الشوارع، بصدورها العارية، لكي تستعيد اسمها وروحها قبل كل شيء، ثم حياتها ومستقبلها.

يطمح المسؤول إلى تزييف الحقائق وتغيير قواعد اللعبة، لكن الأوان فات، وعلى رأي الجندي: "سلم لي على.. البتنجان"!

Email