وإن انتصروا؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

هل سيأتي زمن تروى فيه الحكاية، كما هي، »طمّني الله يخليك«، أشعر برعب كبير، لو رويت الحكاية، سيصيب العار سلالتي إلى فناء الكون!

اطمئن، لا أحد سيروي الحكاية، الميّت لا يمكنه أن يعود ليخبر ماذا حدث..

والأحياء، هم في كل مكان، ينشطون في الشارع وعلى الإنترنت!

لكنهم متروكون للتعب والإحباط والخوف، ألا ترى؟ الجميع استغنى عنهم: الجامعة العربية ومجلس الأمن وجمعيات حقوق الإنسان وتركيا.. الجميع.. إنهم يضجّون الآن، يطلقون، على قناة »الجزيرة«، الزفرات الأخيرة لموتهم المعلن والقريب، لكنهم دخلوا نفق الصمت الرهيب منذ زمن بعيد.. أنت تعرف ذلك جيدا، لا أحد يجرؤ على الوقوف في وجه »سيدي الرئيس« من دون أن نجره إلى النفق الرهيب..

هذا يبعث على الاطمئنان، فقد كنت خائفاً جداً خلال الشهرين الماضيين. ولكن ألا تعتقد أن صور القتلى قد تحرك الرأي العام العربي؟

(يضحك) هل أنت مخبول؟ لا رأي للعرب، ولا شيء «عاما» إلا هيفاء وهبي وأم كلثوم ولغة عجوز لم تعد قادرة على التأثير بشيء في هذا الكون، ولا «عربي».. هناك نبيل العربي، وهو لطيف وقد يكون من صفنا..

آه، فهمت. حتى ما ينشر على الإنترنت، جيشنا الإلكتروني كفيل بأن يرد عليه. هؤلاء الشباب المتفرغون لوضع التعليقات في حواشي المقالات في الصحف العربية ممتازون. علينا أن نتذكر أن نقلدهم أوسمة بعد انتهاء الأزمة. كما بوسعنا أن نرسلهم إلى الجزائر أو جنوب لبنان، من أجل صقل مهاراتهم القتالية، على جبهة الإنترنت.

تمهل قليلا، ليس إلى هذا الحد، بضع ليرات تفي بالغرض. نعم يقومون بجهد محمود، ولكن، هل تظن، في مطلق الأحوال أن العرب يقرؤون؟ هل نسيت، هذه علامة مسجلة »العرب لا يقرؤون«. يعرفها القاصي والداني ويقولها العدو قبل الحبيب. هذا جيد ومفيد لنا في مطلق الأحوال..

من سيكتب التاريخ، برأيك، هذه المرة؟ يقولون إن المهزومين باتوا، بحكم تغير الأوضاع، وظهور التكنولوجيا الجديدة، قادرين على أن يخطوا التاريخ، وليس المنتصرين فقط كما جرت العادة..

لا أعتقد ذلك، سنزجهم في السجون حتى يأكلهم العفن، وتصبح أجسادهم رماداً لا ثقل لها على كتابة التاريخ..

ولو.. ولو..

ولو ماذا؟

ولو انتصروا؟!

Email