احكي لـ «ستو زاد»

ت + ت - الحجم الطبيعي

ستنقر على «يوتيوب» اسم المطربة شهرزاد، لتصادفك صورة صبية بهيّة، لعلّها أخذت في أستوديو في يوم من أيام عقد الأربعينيات في القرن الماضي. ولعلّ المصوّر، قد ارتبك وهو يحاول أن يغض النظر عن سحر دافق طل من عينين لوزيتين قويتين، فيهما غواية خصب النيل وقوة سماء الفلاحين، وعن بياض نضر لجسد غض لم تتوان الصبية عن إظهار مفاتنه، إذ جاء القميص كاشفا عن رقبتها وكتفها، وقلادة مجوهرات مشعّة. لاحقا، سيقوم المصوّر بتعليق الصورة لسنوات طوال، إذ صاحبتها باتت مطربة مشهورة، يلحّن لها رياض السنباطي، وتحبّها أم كلثوم وتغني في حفل زفافها، وتصرّح علنا بأنها «خليفتها»، رغم أنها، سرا، قد تكون مارست حذرها «الشرير» تجاه صوت وصفه محمد عبد الوهاب بأنه «خارج الزمان».

ستنقر على «يوتيوب» وتلتقي بشهرزاد، وتستمع الى «يا ناسيني» وتندهش لفعلة السنباطي، فالأغنية كلثومية بامتياز.. ثم إلى «أحب اسمك» و«حكاية المنديل» و«اديني من وقتك ساعة» وصولا إلى قصيدة رائعة بعنوان «سأشتاق إلى عينيك». في صوت شهرزاد قوة من حنان، وتهدّج من حنين، وطواعية محترفة اكتسبتها بالتدريب على يد ملحنين كبار وخبراء إيطاليين.

شهرزاد ما زالت على قيد الحياة. تدخل الأنفاس إلى رئتيها، ويتدفق الدم في شرايين قلبها المقفل على أسرار كثيرة. شيء مؤكد نعرفه عن هذا القلب: عشق زوجها وحب حفيدتها هبة. الحفيدة كبرت، وكان من الطبيعي أن تصيبها لوثة الفن، وإن بعيداً عن الغناء، درست واحترفت السينما. في «دبي السينمائي» عرضت هبة فيلمها الوثائقي «ستو زاد ـــ العشق الأول»، الذي أنتجته ماريان خوري، وفيه قامت بتصفية حساب عاطفي مع محيطها العائلي، الذي لطالما شكلت الجدة عصبه الأقوى. سرد هبة هو نوع من العلاج الذاتي الذي تحتاجه صبية موهوبة في مقتبل عمرها، لها جدة- أسطورة بحجم شهرزاد وأب محب وان ظل تائها في قبول هويته بوصفه «ابن المطربة » فيما قد يكون له زميل في المدرسة هو «ابن الشيخ». تحكي الحفيدة، وفي سجلها فيلمان سابقان، عن «ستو زاد». تحكي لها أكثر مما تحكي عنها. وهذا ما قد يحتاج إلى تفصيل في سياق آخر، مع دعوة لمشاهدة الفيلم إن تسنى لكم ذلك!

Email