عار على ذاكرة السمك!

ت + ت - الحجم الطبيعي

وجد كثر من القراء في مقالتي أمس، بعض القسوة. وهي لم تكن على شاكلة مقالة، بل مقتطفات من وثائقي بعنوان "الموت تحت سياط التعذيب"، عرضته قناة "الجزيرة" أول من أمس، وتناول قتل السجناء العرب في معتقل غوانتنامو الشهير، على أيدي المحققين الأميركيين، بعد تعريضهم لأنواع شتى من التعذيب، من بينها حرمانهم من النوم، ودس كميات من الطعام الفائض في معداتهم عبر أنابيب بلاستيكية، وإهانة القرآن الكريم على مرأى منهم.

وقد تقصّدت ألا أزيد أو أعلّق على تلك الشهادات، لقوتها التي تجعل القلب ينقبض والكلام يتعثر والعقل يتشتت، ورغبة في توثيقها، كما هي. لم أشر أمس إلى مصدر هذه التعليقات، وإن كان واضحاً من متنها إلى من تعود.

لكنني، نزولاً عند رغبة البعض من القراء، الذين أرسلوا يسألون عن هوية الشخصيات، أوضحها: سامي الحاج، مصور قناة "الجزيرة" الذي اعتقل بتهمة "تسجيله مقابلة لابن لادن"، رغم تأكيده أنه كان في وقت هذه المقابلة قابعاً في سجون قندهار! أراد الأميركيون، وكما يروي الحاج، معرفة صلة الوصل بين القناة وابن لادن آنذاك، فسجنوه من دون أي اتهام أو إثبات. وحتى اللحظة، لا يزال غموض كبير يسيطر على هذا الملف، لا تبدده أسئلة من قبيل: من ابن لادن؟ ما الجزيرة؟ ما الأشرطة؟..

لكن الحاج يحضر في الشريط بصفته زميلاً في المعسكر للسجناء الثلاثة الذين عذبوا حتى الموت، ومن بينهم السعودي ياسر الزهراني. أدرجت أمس شهادات لوالده، عن وصفه كيف تسلّم جثمان ولده في مشفى في الرياض، وقد عرض الوثائقي لقطات مسجّلة بالهاتف الخلوي، من المراسم الغاضبة لتشييع ياسر ودفنه في المدينة المنورة قرب المرقد النبوي الشريف، في العام 2006. كان صغيراً وضحوكاً وقوياً، وحرّض زملاءه على الإضراب عن الطعام احتجاجاً على إهانة الجنود للقرآن ودين الإسلام، فقتلوه.

 أيضاً، هناك شهادات مؤثرة للطبيب السويسري الذي شرّح جثة يمني، وشكك في الرواية الأميركية للانتحار، والتي دحضها حقوقي أميركي مخضرم، مفنداً مزاعمها بكل تفصيل. ثم شهادات لجمعية حقوق إنسان أميركية، كشفت كيف تواطأ القضاء الأميركي لحماية المسؤولين عن الجريمة!

سيظل "غوانتنامو" إلى الأبد عار أميركا، التي تعظنا بالتحضر، وعارنا طالما بقينا.. بذاكرة السمك!

Email