أسطح نيويورك وهبوب الأشباح!

ت + ت - الحجم الطبيعي

في نيويورك يهدد متعاطف مع القاعدة بتفجيرات جديدة، فتعلن البلدية حالة التأهب القصوى، ضد مظاهر الحياة غير المنضبطة، أو الثغرات التي قد تستجلب الخطر، وبالتأكيد من ضمنها ستكون حملة احتلوا وول ستريت الاجتماعية السياسية.

خلال العقد الماضي، لم يكن هناك شيء أسهل من المتاجرة بـالقاعدة ورموزها. كتبت مرارا في هذه الزاوية عن بعض مظاهر هذه المتاجرة، بين نيويورك وباريس، وصولا إلى ليبيا واليمن ومصر. كلما نسّم علينا الهوا ببعض هبوب الحريّة، كان بن لادن يظهر، لكي يدمّر مكتسباتنا الجديدة، ويزرع، بدلا منها، ريحا محمّلة بالأتربة والغبار. مؤخرا، بعد أن أنبأتنا أجهزة الاستخبارات العالمية، على لسان الرئيس الأميركي باراك أوباما، بأن المهمة أنجزت (ميشن دون)، والرجل بات في قلب الحوت، لم يتوقع أحد عودة شبح القاعدة إلى تايمز سكوير، بهذه السرعة، حاملا اسما جديدا هو: متعاطف!

بالطبع، لم يكن بالإمكان استخدام النكتة السمجة مجددا، فصاحبها من المفترض أنه في غياهب النسيان، حتى أن استخدام اسمه غير لائق، بالمعنى السياسي، في هذه المرحلة. فالقول، على سبيل المثال، إن متعاطفا مع بن لادن.. هو أمر لا يجوز، ويستحضر ذكريات حزينة أو ملغزة، لا يراد للرأي العام الأميركي، المقبل على انتخابات، تذكّرها. من الأفضل إذا، القول إنه متعاطف مع القاعدة، للدلالة على أن الرجل، وإن رحل، فـلا ترتاحوا يا أهالي أميركا، لأن فكره باق، يقض مضاجعكم كل ليلة!

هل يبقى لموجة احتلوا من أثر في ظل هذا الجو المشحون بالرعب والخوف؟ من المؤكد أن المتعاطفين قد يذهبون إلى بيوتهم، ويضعون لافتات الاحتجاج في مخزن الغسيل مؤقتا، إذ إن الوضع لا يسمح بمزيد من الفوضى، في ظل اكتساح أشباح القاعدة لأسطح المباني في نيويورك!

سبق للأجهزة الفرنسية أن استخدمت الأشباح ذاتها، للقيام بمهمة تنظيف شوارع باريس من الطلاب المنتفضين، العام الماضي، كما أن سجلات منطقتنا مليئة بسيرة هذه الأشباح، بدءا من إسرائيل، مرورا بالعراق ووصولا إلى المغرب العربي.

هل سيأتي علينا يوم نتخلص فيه من شمّاعة القاعدة إلى الأبد؟ ونستبدلها بمرايا، نواجه بها أنفسنا، وكذبنا وعبثنا، وجولات العجز التي نخوضها: عجز الحكمة في زمن الجنون!

Email