«كولن باول شو».. موسم جديد!

ت + ت - الحجم الطبيعي

كلنا يتذكر ذلك الرجل الأسود، الذي وقف في الأمم المتحدة يخوض تجربة درامية مؤثرة، عن أسلحة فتاكة في يد الإرهابيين سوف تدمّر أيامنا وأحلامنا وبيوتنا. كان ذلك "كولن باول"، في صباح بارد من يناير العام 2003، أعلن فيه للعالم، مستعيناً بـ"غوغل ماب"، أنّ العراق يعجّ بأسلحة الدمار الشامل، وأن بغداد هي وكر رئيسي لـ"عناكب" القاعدة السوداء!

تغيّر العالم بعد ذلك التاريخ. لم يذهب الصقيع ولم تتبدل الفصول، أقله في منطقتنا. فقد خيّم برد الموت على أيامنا وأحلامنا وبيوتنا طوال ثماني سنوات. وفيما باول، وجورج بوش، وجورج تينت، وغيرهم من الصقور المنظرين لدمار الكوكب، والمتسببين فعلياً في قتلنا كل يوم بترهاتهم وحماقاتهم وولعهم بالحرب.. فيما هم يخوضون حياتهم المبهجة، يزوّجون أبناءهم وأحفادهم، يلعبون الغولف، يتقاضون الملايين مقابل محاضرات "غريبة" عن الحب والسلام، وينشرون جرعات من الندم في كتب سيرهم الذاتية، لا تنفع دوماً إلا لتوكيد العبارة "المقدسة": الحرب لا بد منها.. فيما كل ذلك يحصل، كان المزيد من نسائنا يترمل، وكنا ندفع ثمن "معلومات غير دقيقة وصلت لرئيس جهاز الاستخبارات.. المستر تينت"!

التقارير كانت كلها محض كذب، وأسلحة الدمار لم تكن تقبع إلا في خيال بوش، وقد احتاجها ذريعة لشن حرب ذات بعدين: اقتصادي، كما دوماً، فشركات السلاح وشركات إعادة الإعمار وشركات نهب الثروات و"التذكارات" (بدءاً من محفوظات المتاحف العراقية وصولًا إلى مرحاض صدام حسين)، جاهزة لكي تنقض على المدن القتيلة كمصاص دماء وقح. البعد الآخر هو، طبعاً، الولاء الكامل لإسرائيل، وخططها في التفرد بالتفوق العسكري في المنطقة، وهو الالتزام الذي يعبر عنه كل قائد أميركي، منذ نعومة أظافره وفكره!

اليوم، نشهد موسماً جديداً من حلقات "باول شو". الرجل لم يعد على الساحة، لكن ما يجري تسريبه عن الخطر الإيراني المقبل على تدمير العالم، يذكرنا به، وبالعرض الأميركي المستمر للتزوير. التقرير الذي "تطنطن" به وسائل الإعلام اليوم ليس جديداً، وسبق للمدير العام السابق لهيئة الطاقة الذرية محمد البرادعي أن تحدث عنه، مؤكداً أن لا شيء يبرهن على اقتراب إيران من تصنيع قنبلة نووية.. فهل نستعد لموجة "موت" جديد؟

Email