«بولينغ» في كابول

ت + ت - الحجم الطبيعي

صورة. من وهم أو خديعة. «كادر» موجّه إلى أحجية خبيثة.. وتنقلب الدنيا، يتشرد بشر، يموت أطفال، تنتهك نساء، تتصدع أوطان، على مرأى ومسمع وتشجيع الإنسان الهمجي.. المخدوع. صورة يرسمها المستعمر القوي، بالألوان أو بالفيديو، للضعيف المسكين الذي يتحضر لكي يصبح «ضحية».

كانت السينما في بداياتها، قبل مائة عام، وكان مبتكراها الأخوان لوميير، يصوران أفلاما ترفيهية ويعرضانها في مدينة الإسكندرية، فيضحك الناس من سحر تلك الشاشة التي يتحرك عليها بشر ملتصقين بالحائط! على مسافة كيلومترات ساحلية، في فلسطين المنخورة بالخطط الصهيونية، كانت العصابات تستخدم السينما لأهداف أقل ترفيها. كانت الصور عن فلسطين ومدنها الجميلة، كما يافا وحيفا والقدس، تزوّر الواقع، وتركز على تظهير البلاد بوصفها مرتعا للتخلف الذي يحتاج إلى سطوة أكبر لـ«تحضر» الانجليز المنتدبين من أجل «تهيئة العروس فلسطين للحظة الزفاف» ــ النكبة.

في فيلمها التاريخي «النكبة» (متوافر على يوتيوب بلغات متعددة) تكشف روان الضامن لقطات مسجلة لصحاري النقب، روجتها العصابات الصهيونية في دور السينما في لندن وباريس، بداية القرن الماضي، على أنها يافا. يافا في ذلك الوقت كانت، في الواقع، تضاهي بتطورها وعصرنتها أي مدينة أوروبية، بل، ربما كانت أنظف وأكثر حداثة من باريس ولندن نفسهما!

اليوم، ورغم وجود التكنولوجيا التي تمنع هكذا نوع من التلاعب بالصورة، إلا أن الفكر الاستعماري لا يزال يجد طريقته من أجل تزوير الحقائق عبر الصورة. شاهدت على نشرة أخبار «بي بي سي» تقريرا من كابول عن مركز «بولينغ».

 قال معد التقرير إن الـبولينغ» في كابول يسهم في إرساء «السلام وينشر الفرح في بلاد ملعونة بالحرب منذ ثلاثين سنة». لدينا هنا صورة أفغان أثرياء يدفعون خمسة وثلاثين دولارا لساعة البولينغ، آثر الإعلام الغربي المراهنة عليها، في مقابل صورة جنود أميركيين، حين يضجرون، يتسلون بقطع أصابع المزارعين الأفغان ودسها تحت وساداتهم: هذه صورة لا نراها.

لدينا أيضا نص «استعماري» مصاحب للصورة «الاستعمارية»(تخفي هنا شرور الاحتلال الأميركي) يروّج لنظرية ساذجة عما جرى، ويفهمنا أن الأفغاني كان ينظر إلى القمر فعوى ذئب وحلت «لعنة» من الفضاء.

الصورة استعمارية وظالمة.

Email