رصاصة متعجلة وفرصة ذهبية

ت + ت - الحجم الطبيعي

تحتاج ليبيا إلى ذاكرتها. القمع جزء من الذاكرة. الطاغوت وإجرام القذافي. لا يمكن التخلي عن ذلك كله برصاصة تدق جمجمة الرأس. تلك الرصاصة يستحقها قاتل شعبه بالتأكيد، لكن ألم يكن بوسعها أن تنتظر قليلا؟ كان بالإمكان أن تتحول إلى حبل يلف حول عنقه، فيعدم، بسلطة الشعب، الذي انتحل صفته لعقود.

لدى الرجل الكثير من الأسرار، من الجنون بالطبع، ولكن أيضا من الحقائق المهمة التي بوسعها أن تفضح شبكة واسعة، إقليمية وعالمية و«كونية» من الفاسدين والإرهابيين والمتواطئين ضد الليبي أولا، والعربي، والإنسانية. مجنون العرب الذي عزّ التراب أن يغطي جثته، ويمنحها «سلاما» قليلا، هو مجنون الروايات الكلاسيكية الذي قد تكون الحقيقة متدارية في شططه!

يد متأهبة، ورصاصة «متعجلة»، قضت على فرصة ذهبية للإفادة من معلومات تضاهي بقيمتها الذهب الذي اكتنزه العقيد، ولا يزال بعضه في «جراب» عدد من أعضاء أسرته وزبانيته الفارين بين الجزائر ونيجيريا. من المستفيد من تلك العجلة؟ المجلس الانتقالي الذي يريد أن يطوي صفحة القذافي بأسرع وقت؟ المستعمرون القدامى ـ الجدد الذين يعرفون أن لدى القذافي الكثير مما قد يجعل وجوههم وحناجرهم تحمرّ، خجلا من الفضائح؟ أم الليبي الذي لطالما تشوّق لهذه الصورة ــ الحلم، بأن يرى الطاغية مسفوكة دماؤه، فلم يطق الصبر؟

أسئلة كثيرة وقد تكون مشروعة، خاصة في ظل استمرار «الغموض» الذي يهيئ لتصفية رموز أخرى من الحقبة القذافية، فالأنباء تتحدث مرة عن مقتل سيف الإسلام القذافي، ومرة أخرى عن فراره إلى نيجيريا، ومن ثم القبض عليه وحاله إصابة بليغة »والأعمار بيد الله».

هذه جملة حق قد يراد بها تمويها. هل سنسمع قريبا عن موت سيف «متأثرا بجراحه»، أم أن رصاصة ستعجل خاتمته قبل أن يصل إلى خلف قضبان «الجنايات الدولية»؟ من المستفيد من عدم وصوله هناك؟ ماذا عن «الأرملة» في الجزائر، أو الشقيق المصدوم في النيجر؟ هل سيسلمون، ويتاح لهم فرص ضئيلة من «الانتقام على طريقتهم؟ هل لديهم وثائق وأسرار تصلح لتسريبها في وسائل الإعلام؟ أسئلة كثيرة تجيبنا عنها الأيام القليلة المقبلة، التي قد تخبئ «أكشن» جديد على طريقة شرائط بن لادن أو تسريبات ويكيليكس!

Email