كيف تقاطع صينياً ؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

صعب جداً أن تقاطع البضائع الصينية. أود فعلا أن أقوم بذلك، تضامنا مع الأصدقاء، وتعبيرا عن غضبي من موقف الصين الداعم لموقف الروس، الداعم بدوره لموقف "قطع الروس". لكن المهمة تبدو مستحيلة، فمقاطعة البضائع الصينية هذه الأيام، تعني ببساطة مقاطعة كل البضائع.

وأنا أشك أنني أستطيع العيش من دون "البضائع"، وأجزم أنه لا أحد قادر على ذلك. فبعض المجسات النانومترية التي تختبئ تحت أزرار "الكيبورد"، وتتعرض في هذه اللحظات لنقرات قاسية جدا، هي من صنع الصين، كذلك الشاشة التي يقرأ عبرها معظمكم هذه المقالة، أو حبر الصحيفة وورقها المكتوبة عليه هذه الكلمات. ثم إنني نظرت إلى الثلاجة.

وحلمت لو أنني قادر على "لبطها" بحركة "كاراتيه" من أفلام "جاكي شان" الثمانينات، أفلام العز، لكنني ترددت، فالتهور قد يؤدي إلى التهاب في كاحلي أو التهاب في فواتير الصيانة. وسريري ومكتبتي وهاتفي وكومبيوتري. كيف سأتمكن، من دون "حاسوب"، من التواصل مع الأصدقاء عبر "فيسبوك"، وسؤال علاء عن أخبار عامر وعمر المعتقلين في سجون الكراهية.

ورصد أخبار روان الضامن، "الجزيرية" المتألقة، تنجز تحفة وثائقية جديدة من "ميدان التحرير" في القاهرة. وإن "لبطت" الكومبيوتر، وخربت مكوناته الصينية، كيف لي، بعد اليوم، أن "أتجسس" على "لائحة أصدقاء" من أحب، وصور وبيانات وتواريخ ميلادهم وتحركات الـ"شيك إن" والـ"شيك آوت".

وما كنت لأشهد تلك "الحفلة الافتراضية" التي أقامها لي الأصدقاء، أول من أمس، على جدار وهمي، قتلنا عليه المسافات، وتبادلنا التحيات، وكتبت بتأثر على "ماي وول": على جداري أمنيات أحلى من طائرة ورق ملونة وتعريشة ياسمين!

من الصعب عليّ أن أقاطع البضائع الصينية، لكنني قد أبحث عن حلول، وهي لا تشمل مقاطعة الشخصيات الصينية، بالتأكيد. وللأمانة، فأنا لا أعرف صينيين كثير، لكن أحدهم في رحلة غريبة في بكين منذ سنوات، كان له الفضل في إنقاذ حياتي، وبالتأكيد فأنا لن أقاطعه. كما أنه لا يجب أن نزر وازرة الشعب الصيني وزر الفيتو الحكومي.

سأنتظر لقائي أول مسؤول صيني في أي مؤتمر، وأتوجه إليه بالقول: "عيب عليكم". من دون "كاراتيه"!

Email