« يا علمي.. يا خديعتي»!

ت + ت - الحجم الطبيعي

«يا علمي، يا علمي، يا علم العرب أشرق واخفق.. في الأفق الأزرق يا علم. هذا مطلع نشيد. واحد من مئات الأهازيج والأغاني في «المجموعة الذهبية» لأنغام القومية العربية. لم يغنه عبد الحليم حافظ، ولا لحنه محمد عبد الوهاب. هذا نشيد «الثورة العربية الكبرى» التي أعلنها العرب المتمردون على الهيمنة العثمانية في 1916.

بعد خمس سنوات، سيصبح عمر تلك الثورة قرنا، وربما يقرر أحدهم أن يلحّن النشيد بتوزيع عصري جديد، وربما يغنيه أحد نجوم «البوب»، وربما تسجله أليسا وتتفاخر بالـ«ريترو»، فهو مثل صوتها، لم يكن في يوم، إلا.. إلى زوال!

من نسيج الأمهات في الليالي الحالكات يا علم يا علم.. لبنيهن الأباة كيف لا، نفديك كل خيط فيك.. دمعة من جفنهن خفقة من صدورهن، قبلة من ثغرهن يا علم.. يا علمي، يا علمي.

نحمل أعلامنا الجديدة. في كل مرة. نلوّن أوطاننا بما نحلم. ثم، يأتي من يخطفها. يسرق منا العلم والنشيد، ويثبّت بيارق استعمارية فاضحة. نجحت «الثورة العربية»، أو هكذا ظن رجال القبائل والفلاحون، حين خرجوا إلى الساحات ببنادق موّل شراءها الانجليز، ليعودوا إلى بيوتهم بعد شهور، أذلاء مخدوعين، سجناء في ضحكة «لورانس» الشيطانية، وبنود السير هنري مكماهون الخبيثة. حتى عازار وايزمان، مؤسس الصهيونية، لبس ثيابنا العربية، وأخذ صورة مع قادتنا، لكي يمرر مخططاته. لماذا مكتوب علينا أن نرتمي في أحضان كل شيطان لمجرد أنه لبس ثيابنا الفولكلورية وقبل بأخذ صورة معنا؟

مخدوعون منذ القدم، نحن: لطيبة أو جهل أو أنانية أو ادعاء، لا أعرف!. مخدوعون من ذات المستعمر، يركض الزمن، ولا يزال جاثما على صدرنا بدهاء وسكّين، وها نحن، جرذان في الفلاء، نهرب من قدم طاغيتنا، تريد أن تدهسنا، إلى قدم مستعمر، من غير جلدتنا، يريد أن يستعبدنا:«سراك المجد بنا وابن منا الوطن.. وقد حلفنا للقنا حلفة ترضيك أننا نسقيك.. من دماء الشهداء من جراح الكبرياء.. عشت للمجد سماء يا علم»!

لماذا لا نقرأ التاريخ؟ لماذا نكره التاريخ؟ لماذا لا نتعلم؟ لماذا، كلما دفعنا ضريبة الحرية بدمائنا، سمحنا لخفافيش الاستعمار، أن تحط على أرضنا.. وتغبّها غبّا!

Email