المقالح: ثائر أم «كاهن»؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

«ذهبت مثلما أتيت ملعون المساء والنهار. أيامك الطوال عار. وعهدك القصير عار. أكبر منك نملة. أشهر منك ريشة على جدار. يا أمسنا الذبيح. يا فأرنا القبيح. يا قاتل الأطفال يا مهدم الحياة والديار.

المقتطفات من قصيدة منسوبة للشاعر والمفكر اليمني عبد العزيز المقالح، تناقلتها المواقع الالكترونية خلال الساعات الماضية. ولست متأكدا من المناسبة التي كتبت فيها، ولا بالمقصود من أوصافها، لكنها، على ما يبدو، تستوعب إسقاطا دقيقا على ما يجري اليوم في اليمن: إذ يعود الرئيس، بوجه ضامر ولون ظلال الخريف، ليواجه وهج الربيع، وتحصد أكوام القتلى في الشوارع، مباشرة على الفضائيات.

وغالب الظن، أن المقالح، «كاهن القصيدة»، كما وصفه الشاعر العراقي عبد الرزاق الربيعي في كتاب «بورتريه» صدر في البحرين منذ شهور، لم يكتب القصيدة من وحي الأحداث الجارية.

ولا أعرف إن كتب شعرا، في الأساس، عما يجري حاليا في اليمن، رغم أنني تابعت له مقالات عامة عن ثورات التحرر العربي، بدا في بعضها متحمسا، وان بلغة هادئة، وبدا في بعضها متحفظا يؤجل الحذر دفق عاطفته.

وقد لمست فرقا شاسعا في الحس الشعري «الثوري» في تلك القصيدة المعنونة «قاتل الاطفال»، مقارنة مع ما عبرت عنه المقالات النثرية، التي بدا فيها المقالح، قامة اليمن الأدبية، متنسكا، فعلا، كما الكهان. يقول في مقالة منشورة بعنوان « الشباب وثورات التغيير:» .

ولعل المهم، وربما الأهم من هذا الخروج الشبابي إلى ساحات التغيير للبحث عن الحياة الجديدة والمستقبل الجديد أن يعكف الشباب على قراءة التاريخ، تاريخ بلادهم، وتاريخ الشعوب التي تشاركهم هموم اللحظة الراهنة والبحث عن الانعتاق من أزمنة الركود والتخلف ليكونوا على درجة من الوعي بما يريدونه أولاً، وبما ينبغي أن يحققوه لأقطارهم ثانياً، ومن دون هذا الوعي والانفتاح على تجارب الشعوب . تبقى تطلعاتهم ناقصة ومحدودة التأثير والأثر.

عن التاريخ ذاته يقول في القصيدة الحارّة:« ماذا صنعت قل.. ماذا صنعت للبلاد؟.. ماذا تركت من ذكرى على ضميرها ومن أمجاد؟.. لا شيء يا صغير.. لا شيء غير لعبة المزاد.. رفاقك القرَاد والقوَاد.. وعاصف الفساد».

كثر يرغبون بأن يكون المقالح كاتب القصيدة، وألا يتبرأ منها، فثورة اليمن تستحق شاعرا بقامة الثائر لا الكاهن!

Email