من يريد رأس خنفر؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم تكن استقالة مدير عام قناة «الجزيرة» وضاح خنفر مفاجئة لمن تابع خلال الفترة الماضية تسريبات انتقتها وسائل إعلام من كنوز «ويكيليكس» تتعلق بسيرة مهنية في حياة الرجل، تعود إلى فترة وجوده في العراق في العام 2005. كشفت الوثائق، التي لم ترد عليها القناة القطرية، أن خنفر كان على صلة «تنسيقية» مع الاستخبارات الأميركية.

وكان يمتثل لتعليمات من مراكز القرار في واشنطن حول الشكل «المسموح» به لتغطية القناة لاحتلال العراق. ما هي درجة التجاوب التي أبداها خنفر آنذاك؟ ليس واضحا تماما، وإن كانت الوثائق تتحدث عن «جدل» بين الطرفين استمر لسنوات، ولم يخل من «التزام» خنفر بتعليمات الاستخبارات.

بعد أيام على نشر تلك الوثائق، جاءت عبارات خنفر المقتضبة في الاستقالة عن «ضرورة فتح رؤى جديدة واستجلاب طاقات إبداعية مختلفة»، لكي تزيد من غموض خيّم على مسيرته المهنية، المكثّفة، والتي تمكن خلالها من الانتقال من درجة محقق في القسم الرياضي، فمراسل من جنوب إفريقيا ثم الهند ثم العراق، وصولا إلى رأس هرم القناة، في أقل من ست سنوات!

طبعا، شكل ظهور تلك الوثائق، في الوقت الذي تخوض فيه القناة، مدعومة بالسياسة القطرية، حربا شرسة ضد أنظمة عربية تقمع شعوبها، ضربة قاسية لمن يشتهي «رأس الجزيرة». ولنا أن نتابع ردود الفعل على «ويكيليكس»، واستقالة خنفر فيما بعد، في إعلام دمشق أو بعض إعلام بيروت، وفي أمكنة أخرى، لنعرف حجم اللهفة التي يتم التعامل بها مع هذه الوقائع للتأكيد على أن القناة تلبس أقنعة وتدعي وقوفها إلى جانب الشعوب في مطالب التحرر، فيما هي، أو على الأقل قيادات بارزة فيها، ينسقون مع..«الأعداء»!

إن «استغلال» معلومات «ويكيليكس»، التي لم يوضّحها أحد من القناة، بلغ حدّه المفرط، حتى يخيّل للمرء أن القناة قد اخترعت أشرطة الأطفال المقتولين والمنارات المقصوفة والبيوت المنهوبة، كما «اخترعت» من قبل أشرطة لابن لادن، بالتنسيق مع الإدارة الأميركية. ولم يفت مستغلي الحدث الترويج لقنوات «منافسة» للجزيرة واعتبار استقالة خنفر اعترافا بـ"تفوقها» المهني في موازاة «تخبيص» سياساته! هي جولة خسرتها القناة، فكيف ستكون الجولات المقبلة؟

Email