«جائزة القذافي»: الحقوق محفوظة!

ت + ت - الحجم الطبيعي

«مرحبا بكم في موقع جائزة القذافي الدولية لحقوق الإنسان». تقودني الصدفة إلى هذا الموقع الإلكتروني. ابتسم. «اللهم، مع شماتة»، أقول في نفسي، وأنا أطالع، مدفوعا بالفضول، محتويات أقل ما يمكن وصفها بالـ«دجل».

الرجل، الهارب حتى اللحظة، كان، وحده، بشخصه، وكيانه الغريب، إمبراطورية طغاة، باستعداده لانتهاك حقوق الإنسان، ليس في بلاده فحسب، وإنما في كل مكان. يروى عن القذافي أنه كان يعتبر أن «كل ليبي هو حمار». هذا في السبعينات، قبل أن يتحوّل «الحمار» إلى «جرذ»! آنذاك، كان القائد قد كرّس مملكة الصمت وتخلص من الرفاق والمثقفين المعترضين، والتقط أنفاسه من زيارات القاهرة، حيث كان يستقبل في مؤتمرات صحافية يديرها ويحضرها عظماء ووجهاء.

على سبيل المثال: نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ومحمد حسنين هيكل. كان «الأخ الفاتح» رمزا ثوريا ونضاليا يحتفي به الجميع. آنذاك، بعد استيلائه على الحكم في ليبيا، مدعوما بجهات من بينها جمال عبد الناصر، لم يكن أحد يتوقع أن ليبيا قد منيت بـ«دراكولا» جاء ليحكمها على مدى عقود. لكن الرجل لن يخفي شروره طويلا. خلال سنوات تلت، أصبح القذافي محركا لعمليات إرهابية في العالم اجمع، هدفها ابتزاز المجتمع الدولي، لتحصيل مصالح، اتضح فيما بعد أن لا علاقة لها بالقومية والعروبة وفلسطين وعمر المختار، وغيرها من الشعارات التي استخدمها من أجل تكميم أفواه الليبيين ونحر رقابهم.

«جائزة القذافي لتحرير الإنسان» أنشئت خصيصاً في التسعينات لكي تكون ذلك التمويه الحضاري الذي يغطي على روائح الدماء المسفوكة. لن أطيل كثيرا فبوسعك أن تنقر على «غوغل» لتتصفح الموقع. اضغط على باب «نشاطات»، وستنفتح أمامك دنيا من النفاق العربي- الصنف الممتاز: فكّر في أي اسم لكاتب أو مبدع عربي وستجده هناك جاثما على ركبتيه أمام «القائد الفاتح» يستلّ كل خناجر المعرفة وسيوف اليقين من أجل الإطراء على ترهات من الخواطر النفسية المريضة، أطلق عليها القذافي اسم «مجموعة قصصية»، وحضر كتاب العرب من مصر والمغرب والشام لكي يحللوها ويتفانوا في كشف «مكامنها» الإبداعية. بعضهم يتشدق اليوم بعطر الثورات الذي أنعش مخيّلته!

إلى المجلس الانتقالي: لا تلغوا هذا الموقع، نحتاج إلى ذاكرة النفاق!

Email