العنف في جنوب إفريقيا

ت + ت - الحجم الطبيعي

للمرة الثالثة خلال سبع سنوات، انتشر العنف ضد المهاجرين في جنوب إفريقيا، ووصلت المذابح التي بدأت في أواخر شهر مارس في ديربان بمقاطعة كوازولو ناتال، إلى جوهانسبرغ.

ومنذ نهاية الفصل العنصري عام 1994 استقر حوالى خمسة ملايين مهاجر في جنوب إفريقيا، معظمهم من الإفريقيين من سكان المناطق الشمالية، الساعين لإيجاد فرص اقتصادية أو من اللاجئين الباحثين عن الاستقرار السياسي في أكثر دولة متطورة في القارة.

وتابع معظم سكان جنوب إفريقيا من الفقراء والمهمشين في الفترة التي أعقبت الفصل العنصري توسع شبكة أعمال الملاويين والصوماليين والإثيوبيين وسكان زيمبابوي والنيجيريين والموزمبيقيين وبدء إنشاء المشاريع الصغيرة والاستفادة من فرص العمل في جنوب إفريقيا، أما الآن فقد حرقت محال هؤلاء المهاجرين وقتل أصحابها.

وبعد مرور عامين على تحول جنوب إفريقيا نحو الديمقراطية، دخلت البلاد في مرحلة مضطربة، وفشل حزب المؤتمر الوطني الإفريقي الحاكم في التراجع عن تركة قرون من حكم الأقلية البيضاء، وتعدد كثير من وعوده غير المُحققة نتيجة للتحول نحو الديمقراطية في مطلع تسعينيات القرن الماضي، حيث تخلى الحزب وزعماء الحركات التحررية الأخرى عن مطالبهم الراديكالية للتحول الديمقراطي والاقتصادي باسم الاستقرار والتسوية.

ويشار إلى أن البلاد عانت من الصراعات الإثنية والإقليمية المنبثقة عن الأقلية البيضاء ومن مختلف الأعراق التي شكلتها حكومة الفصل العنصري، وبالنسبة لكثير من الأفارقة الفقراء فإن تسمية «جنوب إفريقيا» وما يرتبط بها من الحق في تمثيل حكومة ديمقراطية للأفراد يعد المكسب الوحيد الذي حصل عليه سكان البلاد بعد عقود من الصراع.

وخلال المفاوضات لإنهاء حكم نظام الفصل العنصري، فإن فكرة أن جنوب إفريقيا ملك «لمن كان يعيش فيها فقط» تعتبر إحدى القضايا التي توافقت عليها الأقلية البيضاء وحركات التحرر، ومن وجهة نظر هؤلاء، فإن الصراع بشأن الفصل العنصري شكل قضية تنافس عليها القوميون من جنوب إفريقيا، وكانت البلاد تعود لأولئك الذين أعلنوها ملكاً لهم خلال الصراع.

وتحولت القومية العرقية التي عنونت أيام الفصل العنصري إلى عداء شديد للمهاجرين، بشكل أصبح يهدد ديمقراطية ما بعد مرحلة الفصل العنصري.

 

Email