فضح «داعش»

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا تكُف التقارير عن الأفعال الوحشية لتنظيم «داعش» عن التوالي. إذ يتم إخلاء قرى بأكملها في شمال شرق سوريا من المسيحيين الآشوريين، مع احتجاز مئات الأشخاص كرهائن، وإجبار غيرهم على دفع الجزية، كما يتم تدمير الآثار النفيسة في مدينة الموصل بالعراق، في معركة رمزية ضد الوثنية، ويتم في ليبيا، قطع أعناق المصريين المسيحيين.

يبدو الأمر أحياناً كما لو أن عصابة من المتعصبين قد انبثقت من العصور المظلمة، لتشن حرباً على الحاضر، بدءاً بمهد الحضارة، واستخدام تقنيات الحضارات ذاتها في مواجهتها.

احتضن تنظيم «داعش» تلك الرواية مع زعمه بتصدر الخلافة الجديدة. ويصعب تحديد درجة تجذر أفعال التنظيم، كقطع الرؤوس، والتهديدات، والدمار، في التعصب الديني، أو السيكوباتية الوحشية، أو الأيديولوجية السياسية. ففي الماضي، كان تنظيم «داعش» على استعداد لمقايضة الرهائن، أو القطع الأثرية، مقابل السيولة بقدر استعداده لتدميرها.

ومع ذلك، وبشكل رجعي، تعتبر رواية الشر الأداة الأكبر للتجنيد بالنسبة إلى التنظيم. إن مقاطع الفيديوهات الشنيعة المنتشرة في جميع أرجاء العالم، وعمليات القتل التي تتخذ شكل الطقوس، والتماثيل المحطمة، واللهجات البريطانية للمتحدث «الجهادي جون»، والذي تم تحديد هويته حالياً، بصفته مهاجراً لإنجلترا، يدعى محمد الموازي.

كل ذلك يعد بمثابة إغراء قوي للمقاتلين المحتملين، وتحدٍ لأمن وقيم العالم المتحضر. أي رد على ذلك التهديد لا يمكن أن يكون قبولاً لرواية تنظيم «داعش»، لرؤية تصرفاته على أنها صراع طائفي للإسلام في مواجهة الغرب، أو على أنها حرب مقدسة ضد المسيحيين القدماء في الشرق الأوسط، أو ضد الطوائف الدينية الصغيرة، كاليزيديين.

يعتبر تنظيم «داعش» جماعةً متطرفة من القتلة الذين لا يفرقون في اختياراتهم للأعداء. فقد قتلوا عدداً لا يحصى من المسلمين، بمن في ذلك أهل السنة الذين يشتركون معهم كما يفهم في المذهب، ولكنهم يرفضون القبول بمرجعية التنظيم.

تعد أيديولوجية «داعش» بسيطة، فأي شخص لا يوافق على أوامر التنظيم يمكن أن يتعرض للتعذيب، أو الاغتصاب، أو القتل. لابد من بذل كل جهد ممكن لفضح ادعاءات الإرهابيين الكاذبة، على حقيقتها، باعتبارها غطاءً لمعركة سادية من أجل السلطة والنهب.

 

Email