أوكرانيا والسيناريوهات المدمرة

ت + ت - الحجم الطبيعي

هناك العديد من الطرق لجعل أوكرانيا ممزقة الأوصال، إما من خلال ضم شبه جزيرة القرم، أو حرب باردة جديدة، أو مواجهة على نمط الحرب الباردة.

والصراع السياسي الراهن حول أوكرانيا، يجعل هذه النتائج أكثر عرضة للحدوث، على نحو متزايد. هناك طريقة واحدة فقط لمنع تحقق هذه السيناريوهات المدمرة المحتملة.

قد لا يكون التوصل إلى حل وسط خياراً مفضلاً بالنسبة إلى أي طرف، وتحديداً عندما تطمح العاصمة الأوكرانية كييف للحصول على دعم كل من الاتحاد الأوروبي وأميركا، وتراهن الأخيرتان على خوف روسيا من العقوبات، وقد تكون لهذه الأخيرة اليد العليا في شبه جزيرة القرم، إلا أنه ينبغي على جميع الأطراف التراجع خطوة للوراء، إذا ما أرادوا الخروج فائزين من الأزمة الحالية.

وبالتأكيد، إذا سمح للمواجهة الحالية بالاستمرار والتصاعد فلن يكون هنالك فائزون، بل خاسرون فقط.

قد ترى أوكرانيا أن وحدة أراضيها في خطر، أو أنها تواجه انقساما سياسيا داخليا أعمق. وقد تجد روسيا شبه جزيرة القرم في قبضتها، إلا أنها تواجه خطر العقوبات والعزلة.

وحتى لو تقربت أوكرانيا بشكل أكبر من الاتحاد الأوروبي، فإن مكاشفة مع روسيا، على غرار الحرب الباردة، ستتكبد، فحسب، تكاليف اقتصادية وأمنية لا يمكن تحملها، في حين أن جولة مواجهة جديدة، ناهيك عن حرب باردة شاملة مع روسيا، من شأنها أن تؤدي لا محالة إلى إضعاف قيادة أميركا العالمية.

إن الخطاب الحالي خطير من ناحية تخبط جميع أولئك المعنيين بالأمر، في مستنقع لسيناريو يخسر فيه الجميع.

ومع ذلك، فإن الخطر الأكبر ليس وضع القرم الذي لم يحسم، ولا الوضع الفوضوي في أوكرانيا، بل هو الإصرار على فكر الحرب الباردة الذي أجج نيران الأزمة.

كانت الأزمة الأوكرانية في البداية مسألة صراع سياسي داخلي في البلاد، وكان تدخل روسيا طبيعيا نظرا لأن المصالح الروسية الأساسية معرضة للخطر، وقد تحركت موسكو بحذر وضمن القانون الدولي.

إلا أن حرص الغرب على تصوير الأزمة على أنها صراع بين الحرية والقمع، وبين الإمبريالية وتقرير المصير، وحتى بين الشرق والغرب، يعد تذكيرا مشؤوماً بالحرب الباردة.

 ومثل هذا الفكر المتعلق بالحرب الباردة لا يجدي نفعا، سوى لإيجاد حافة عدائية للأزمة.

تستحق وحدة الأراضي الأوكرانية الاحترام، وكذلك مصالح روسيا الشرعية، غير أن ذلك سيكون مستحيلا إذا كان النهج المتبع في معالجة الأمور، يمر بأسلوب الحرب الباردة.

يتعلق الأمر في نهاية المطاف بالأوكرانيين أنفسهم بالنسبة لوضع بلدهم بين روسيا وأوروبا، وسيكون هذا محل اختبار لكل من شعب أوكرانيا وحكومتها.

 

Email