آفات الفلسطيني!

ت + ت - الحجم الطبيعي

إذ تجالس كثرة من العرب في غير مدينة عربية أو أجنبية، تلمس دوماً أن هناك نقداً لاذعاً يوجه للفلسطيني في العالم، مبطناً أو صريحاً، والنقد تأسس على خبرات معينة. الفلسطيني في العالم العربي، دفع كلفة الفصائليين عموماً، والذي فعله فصائليون في بيروت أو تونس أو عمان أو أي موقع آخر، يتم سحبه على سمعة شعب بأكمله، وإذ تدقق في جذر روايات سوء الفهم، تجد أن أغلبها تأسس على فعلة لفصائلي، وللأسف فإن الإنسان العربي، انطباعي وأقصر الطرق عنده تعميم النقيصة على شعب بأكمله.

في جذر هذا التحسس من الفلسطيني عموماً، سبب آخر، فالفلسطيني هو يتيم الحي، والكل يريده أن يبقى ضعيفاً متمسكناً، بحاجة إلى الشفقة والإحسان،وتكوينات الفلسطيني الاجتماعية تنزع إلى التمرد، وعدم قبول الضعف، وهذا يتسبب في استثارة مشاعر كثرة من العرب، إذ يريدونه دوماً مطأطئ الرأس، لا ينازع أحداً، ولا يناقش أحداً، إذ كيف يحق ليتيم الحي أن يتصرف باكتمال وهو مشرد بلا وطن؟! وهذا سؤال العقل الباطن لكثيرين، ثم يأتيك ثالث الأسباب، وهو سبب تأسس على الجهل، فنقد الفلسطيني يأتي احياناً لأنه بنى بيتاً فخماً، أو لأنه أسرف في زفاف، أو عاش فرحاً، أو أنفق وسافر، ومرات يراد له أن يبقى حزيناً، وكأن الحياة ليست من حقه، فيأخذ عليه البعض بالظن أنه لا يبالي بفلسطين أبداً، ودليل ذلك الثراء والابتعاد والترف احياناً، وينسى هؤلاء أن الرغبة في الحياة تشتد عند المبتلى، من باب الدفاع عن النفس، ومن زاوية مقاومة كل محاولات تهشيم الشخصية.

كل آفات الفلسطيني ونقاط ضعفه، قد تراها في عرب آخرين فلا ينتقدها أحد باعتبارها طبيعية، وفي الفلسطيني لا تمر أبداً، باعتباره صاحب قضية ولا يجوز أن يخطئ أو أن يعيش أحياناً، وهذا ظلم عز نظيره، لأن العرب تاريخياً أصحاب قضايا، فلماذا يحق للعراقي والسوري والليبي أن يعيشوا كيفما يريدون، ولا يحق لهذا؟! ثم إن السمات الحسنة يجب أن تطغى في التقييمات، بدلاً من لاذع الكلام الذي يقال، تارة الفلسطيني يعبد المال، وتارة نسي وطنه، وتاره هو لاه عابث، وتارة متكبر مغرور لا يرى أحداً أمامه، ولكل سمة تفسيرها المنطقي الذي ينسف التفسيرات الجائرة.

يحتمل الفلسطيني كراهية الإسرائيلي وعداوته، وقتله أيضاً، لكنه من الصعب عليه أن يقبل أو يتفهم أية مفردة تشي بسوء الفهم من شقيقه العربي، خصوصاً أن آفات السلوك البشري ليست حكراً على «يوسف الفلسطيني» وحيداً.

 

 

Email