تورط خطير

ت + ت - الحجم الطبيعي

الاعلام العربي يتورط في خطأ كبير، فوسط مناخات التنديد بما تفعله داعش، يتورط الاعلام بتضخيم داعش وزيادة جاذبية التنظيم، من حيث لا يقصد. السر في المعالجات وفي زوايا معينة، بشأن شكل التغطية الاخبارية التلفزيونية والصحفية والاذاعية، وهناك جانب سيكلوجي لا يتم التنبه له، فكثرة عرض الصور لانصار التنظيم، وكثرة الكلام عن «فتوحاتهم» ..

وعرض راياتهم وشعاراتهم، تصب في اطار تحريض المتلقي على استكشاف هذا الكائن التنظيمي، وسر قوته وفتوحاته التي تسقط امامها الجيوش هنا وهناك..

وهذا يعني ان هكذا تغطيات تؤدي الى رد فعل عكسي. القصة لا تختلف عن الاب الذي يدخل بيته كل يوم، وكل دقيقة قائلا لأولاده اياكم والسجائر، كل دقيقة يعرض علبة سجائر، ويقول اياكم وهذه العلبة، كل دقيقة يسحب نفسا من سيجارته ويقول هذه رائحة كريهة اياكم والتورط في التدخين، والنتيجة ان اغلب الاولاد سيحدث لديهم ميل لتجريب الممنوع.

هذه كارثة في الاعلام العربي، لا تختلف عن كارثة تبني التطرف مباشرة، او الترويج له، والعملية بحاجة الى اعادة مراجعة من حيث كيمياء المعالجة، وبصمتها، وتأثيرات المضمون، على المديين المتوسط والبعيد.

هناك تورط في الاعلام العربي دون قصد، في تضخيم التنظيم، وتقديمه بصورة الذي لا يقهره احد، وهكذا يتحول الإعلام من حيث لا يدري الى مروج للتنظيم، لان ذهنية المتلقي تحلل المعلومات والصور، بطريقة معينة، لا يدركها كثيرون من العاملين في الاعلام العربي، وذهنية الاستقطاب تتولد على اساس عاطفي..

وباعتبار ان لا دليل حصريا هنا على تطرفهم، بل يفرط البعض بالقول ان كل المواد الاعلامية المنتجة ضد التنظيم تثبت انهم على حق وان العالم يحاربهم. هي دعوة هنا، للدخول الى تفاصيل المعالجات، والشكل والنتائج النهائية وقراءة معيار التأثر النفسي من الكلمة والصورة، وقد قلنا سابقا على سبيل المثال ان كثرة عرض صور ضحايا غزة مثلا، لا تؤدي كما هو معتقد الى الغضب على اسرائيل، بقدر تأديتها لغاية تحطيم الروح المعنوية للعربي..

وإشعاره بالضعف والهوان، وليس ادل على ذلك من اخفاء اسرائيل لصور ضحاياها، لأنها تعرف تأثيرات الصورة. يتورط الاعلام في الترويج لداعش، في اللحظة التي يعلن حربها عليه، لان الكيمياء السرية غائبة عن المعالجات، فالسر في الجرعة، حجمها، شكلها، اثرها، على المتلقي، وهذه قصة بحاجة الى خبراء في الاعلام.

Email