إلا محمداً

ت + ت - الحجم الطبيعي

الذي يفعله تنظيم داعش، وفقاً لتدفقات الأخبار، أمر لا يصدقه عقل، فتتزاحم الأسئلة حول جذر التنظيم، ومن امتطى ذات التنظيم لاحقاً؟!

لم تأت داعش من فراغ، إذ إن هناك أرضية سياسية واجتماعية ورؤية فقهية معينة، سمحت ببروزه، لكنك إذ تتأمل تدفقات الأخبار ينعقد لسانك حيرة، فليس هذا هو الإسلام الذي جاء به النبي، ولا يمكن أن يكون.

قتل الصغار والكبار، دفنهم أحياء، تهجير المسيحيين والايزيديين والشيعة، نهب المصارف، بيع النساء.. وهذه القصص تجعلك في حيرة من أمرك، إذ لا يمكن لعاقل أو نصف عاقل أن يصدق أن هذا هو الإسلام.

إذا افترضنا أن جذر التنظيم لم تتم صناعته في المختبرات الأمنية في العالم، فالمؤكد أن هذه المختبرات دخلت لاحقاً على الخط، بوسائل مختلفة، وارتكبت أفعالاً كثيرة وألصقتها باسم التنظيم لتشويه سمعته، وتشويه سمعة ذات الإسلام، وتقديم صورة قذرة عن الإسلام والمسلمين، وعن المنطقة.

ولا تبرئة للتنظيم، فهو جاهز بنيوياً وفكرياً للاختراق والتوظيف، لكننا أمام خيارين لا ثالث لهما، إما إن هؤلاء يفهمون الدين حقاً، كما يقدمونه لنا عبر تلك الخزايا التي نسمعها يومياً، وإما أن التنظيم مخترق بطرق مختلفة، والنتيجة واحدة في الحالتين.

كيف يمكن لفقهاء الدين هنا أن يسكتوا ولا يقدموا رؤية جريئة عصرية لمبدأ البنية الاجتماعية وسلامتها في أي بلد؟ لأن تشظية البنية الاجتماعية وعدم اعتبارها وحدة واحدة، أمر كارثي، إذ سيصير هنا التطهير بديلاً عن سلامة البنية الاجتماعية، ونبذ المكونات الأخرى من أديان ومذاهب وأعراق واتجاهات، حتى يصل الأمر إلى نبذ أبناء المذهب الواحد باعتبارهم يرتكبون مخالفات شرعية، ويتم تصغير الدين في مشهد جلد لشاب لم يصم، متناسين أن العقوبات في الإسلام لم تأت أساساً إلا في سياق توفير البيئة التي تمنح الحقوق للناس، ثم معاقبتهم على المخالفات، فالعقوبات لا مشروعية لها دون توفر البيئة المزدهرة التي تجعل المخالفة لحظتها سبباً للعقوبة، وليس أدل على ذلك من تجميد عمر بن الخطاب لحد السرقة في عام الرمادة.

لا تعرف من يصنع هذه الأخبار، هل هم أبناء داعش الجهلة، أم شركاء آخرون تسللوا للمنطقة لحرق سمعة المسلمين، عبر توظيف داعش، لكننا في الحالين نقرأ ذات النتيجة، أي تلطيخ سمعة الإسلام ديناً، والمسلمين أتباعاً، والإساءة إلى مقام النبي بالقول إن هؤلاء هم أتباعه! خزاياهم واضحة، غير أن عليهم ألا يرتكبوها باسم النبي.

 

Email